Thursday, December 28, 2023
تقنيات التقاط الكربون ودورها في مواجهة التغير المناخي
"غدي نيوز"
- د. إلياس بارودي - طاقة الشرق
بحسب التقرير السادس الأخير الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، فإن التخفيف الجذري والسريع لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون يشمل ثلاثة أدوار متلازمة في مواجهة التحول المناخي، سواء على نطاق كل دولة على حدة ، أم على النطاق العالمي.
تشمل هذه الأدوار ما يلي:
تخفيض الانبعاثات الصافية من غاز الكربون سواء على نطاق الدول منفردة أم على النطاق العالمي.
السيطرة على ما يعرف بالانبعاثات الثانوية الصعبة الناتجة من الزراعة وحركة الطيران والملاحة والإنتاج الصناعي.
الوصول إلى هدف انبعاثات صافية إجمالية سالبة من هذا الغاز على النطاق العالمي، في المدى الطويل أو أقرب من ذلك.
يبدو واضحاً أن التقدم في تحقيق هذه الأهداف على النطاق العالمي ليس سهلاً. على الأقل من حيث إمكانية تعارضه مع السياسات الاقتصادية والتنموية في بعض الدول، وبالأخص الاقتصادات النامية. أم من حيث ما يتطلبه من تبدل وتطور واسع في أساليب الإنتاج الصناعي والزراعي. أم أيضا من حيث التكلفة البديلة الاقتصادية للانتقال إلى أساليب غير ملوثة، سواء في الدول النامية أو الصناعية.
وانطلاقاً من كل ذلك، تأتي أهمية ما يعرف بتقنيات التقاط انبعاثات ثاني أكسيد الكربون (Carbon Capture Technologies) التي تهدف إلى تجميع هذه الانبعاثات من مختلف مصادرها، وتحويلها واستعمالها لأغراض مختلفة أو ضخها في باطن الأرض.
أبرز تقنيات التقاط الكربون
وأهم هذه التقنيات حالياً هي الآتي:
أولاً: التقاط الكربون مباشرة من مصدره (Direct Air Capture): وهي تعني سحب الكربون من المصانع ومحطات الطاقة ومعامل معالجة الغاز الطبيعي وغيرها من المرافق التي تولد كميات كبيرة من الكربون. كما تشمل التقاط الكربون من الجو ومن ثم تكثيفه وتخزينه في باطن الأرض، أو تحويله إلى مواد ومنتجات مفيدة. تشمل هذه المنتجات على سبيل المثال مواد العزل والإسمنت والمشروبات الغازية والوقود الصناعي الذي لا ينتج عنه أية انبعاثات. لكن المشكلة في هذه التقنية أنها تتطلب كمية كبيرة من الطاقة لتشغيل مراوح السحب والمعدات والتقنيات الأخرى. بما يقلل من وقعها الصافي، حيث تقدر فعاليتها الصافية بنحو صفر في المئة فقط.
ثانياً: التقاط الكربون من محطات توليد الطاقة الكهربائية (Carbon Capture at Power Plants): بحسب تسميتها فإن هذه التكنولوجيا تستعمل لالتقاط الكربون من محطات توليد الطاقة قبل انتشارها في الجو، بحيث يضغط ويخزن ويستعمل مثلا في آبار النفط لتحسين الإنتاجية. وهذه التكنولوجيا هي الأكثر استعمالاً حاليا، وتوسيعها يساهم بشكل ملموس في تخفيض انبعاثات الكربون.
ثالثاً: تكسير الصخور (Enhanced Rock Weathering): وهي طريقة لاستعمال السيليكا والصخور المكسرة لخلطها مع التربة. ما يساعد على تسريع تأثر التربة بالعوامل الطبيعية، ويزيد في كمية امتصاص غاز الكربون. ومن الآثار الجانبية المفيدة لهذا الأسلوب أنه يحسن أيضا خصوبة التربة.
رابعاً: التقاط الكربون بواسطة محلول أميني (Aqueous Amine-Based CO2 Capture): هذه التكنولوجيا تستعمل محلول (النشادر) لاستخلاص وتجميع الكربون الناجم عن المصادر الصناعية. بحيث يتم استخراجه بعد ذلك من المحلول للتخزين أو الاستعمالات الصناعية. وهذه التكنولوجيا جاهزة للاستعمال ولكنها مكلفة وتتطلب استهلاك كثيف للطاقة.
خامساً: فصل الكربون بواسطة غشاء (Membrane Gas Separation): هذه التكنولوجيا تسمح بفصل غاز الكربون كما الغازات الأخرى وتخزينها، وهي تعمل على حرارة منخفضة لكنها لم تزل في مرحلة التطوير.
سادساً: التقاط الكربون عن الطاقة المستخرجة من المواد العضوية (Bioenergy with Carbon Capture and Steerage): هذه التكنولوجيا تعمل على تجميع غاز الكربون من غازات المواد العضوية وتخزينه لاستعماله في توليد الكهرباء وأغراض أخرى، مميزاتها الأهم أن استعمالها للطاقة محدود.
سابعاً: الفصل الكيميائي للكربون (Chemical Looping): تعتمد هذه التكنولوجيا على استعمال حبيبات معدنية تتفاعل مع الكربون وتفصله عن الوقود، وبعد ذلك يتم التقاط الكربون وتخزينه. فيما يتم استعمال الوقود بعد ذلك. علماً أن هذه التكنولوجيا لم تزل في طور الاختبار والتطوير.
ثامناً: التقاط الكربون على حرارة منخفضة جداً (Cryogenic Carbon Capture): هذه أيضا تكنولوجيا جديدة لا تزال قيد الاختبار والتطوير. وهي تعتمد على تخفيض حرارة الغاز المستعمل كوقود إلى مستوى منخفض جداً، وثم التقاط وإزالة الكربون . وتمتاز هذه التقنية بفعاليتها المرتفعة مقارنة بالأساليب الأخرى.
تاسعاً: التقاط الكربون باستعمال تكنولوجيا جزيئات (نانو) متناهية الصغر (Carbon Capture Using Nano Technology): هذه التكنولوجيا التي لا تزال في مرحلة الاختبار، وهي تعتمد على استعمال مواد متناهية الصغر لالتقاط الكربون على مستوى ضغط أقل من التكنولوجيات الأخرى وباستخدام أقل للطاقة أيضاً.
تقليل ضرر الوقود الأحفوري
يشكل تطوير تقنيات التقاط الكربون وإعادة استخدامه عاملاً حاسماً في تحقيق هدفين متناقضين في الظاهر. الأول مواجهة التغير المناخي بتخفيض الكميات الجديدة التي يتم ضخها في الغلاف الجوي من غاز الكربون. وكذلك تخفيض المخزون الضخم الموجود أصلاً في هذا الغلاف.
والهدف الثاني تقليل الضرر الناجم عن مواصلة استخدام الوقود الأحفوري خلال مرحلة انتقالية قد تستغرق عدة عقود من الزمن لتطوير بدائل مناسبة وكافية للطاقة. باعتبار انه لا بديل عن النفط والغاز تحديداً خلال هذه المرحلة لاستمرار دوران عجلة الاقتصاد العالمي. والحفاظ على نمط الحياة المعاصر.
https://taqamena.com/
| قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن |