"غدي نيوز"
خاص === خاص ===
بيروت – في إنجاز بيئي فريد من نوعه يعكس التزام لبنان بالحفاظ على ثرواته الطبيعية وتعزيز الاستدامة البيئية، أعلن وزير الزراعة الدكتور نزار هاني، عبر حسابه الرسمي على منصة فيسبوك، عن نجاح مشروع تشجير ضخم ساهم في تحويل أراضٍ جرداء في أعالي جبل الباروك إلى غابة أرز مزدهرة، في خطوة تشكل نموذجًا يُحتذى به في مجال استعادة النظم البيئية ومكافحة التصحر.
وأكد الوزير أن هذه المبادرة، التي أُطلقت قبل نحو 60 عامًا ضمن المشروع الأخضر التابع لوزارة الزراعة، أسهمت في غرس مليون شجرة أرز في المنطقة، مما أدى إلى تحوّل جذري في المشهد البيئي، معيدًا إحياء التنوع البيولوجي في الجبل. ولمزيد من التوضيح حول هذا التحوّل، نشر هاني صورتين توثيقيتين للموقع: الأولى تعود لعام 1965، وتُظهر طبيعة الأرض القاحلة آنذاك، والثانية التُقطت عام 2025، وتبرز التحوّل المذهل إلى غابة أرز خضراء كثيفة تسرّ الناظرين وتعزز القيمة البيئية للمنطقة.
وأوضح الوزير أن هذا الإنجاز البيئي لم يكن مجرد مشروع تشجير عادي، بل كان جزءًا من رؤية وطنية للحفاظ على غابات لبنان، إذ أصبحت هذه الغابة اليوم جزءًا أساسيًا من محمية أرز الشوف ، التي تُعدّ من أكبر المحميات الطبيعية في لبنان، وتضم ما يقارب 30% من غابات الأرز المتبقية في البلاد، مشددًا على أن المشاريع البيئية طويلة الأمد تلعب دورًا أساسيًا في مكافحة التصحر، تعزيز استدامة الغطاء النباتي، وتحقيق التوازن البيئي.
المشروع الأخضر: شريك استراتيجي في حماية الغابات والتوازن البيئي
وفي إطار تسليط الضوء على الجهود المبذولة لإنجاح هذا المشروع، تواصل موقع "غدي نيوز" مع رئيس اللجنة الادارية للمكتب التنفيذي للمشروع الأخضر، السيد ريمون خوري، الذي قدّم تفاصيل موسّعة حول الدور المحوري الذي لعبه المشروع في إعادة الحياة إلى المناطق الجبلية اللبنانية، وتعزيز مفهوم الزراعة المستدامة وحماية الغابات من الاندثار.
وأوضح خوري أن المشروع الأخضر، الذي تأسس عام 1963، يُعتبر إدارة عامة مستقلة تعمل تحت إشراف وزارة الزراعة، وهو المحرك الأساسي للمبادرات الهادفة إلى استصلاح الأراضي، إدارة الموارد المائية، وتطوير البنية التحتية الزراعية، مشيرًا إلى أن المشاريع التي ينفذها المشروع تُسهم بشكل مباشر في تعزيز الغطاء النباتي، تحسين استخدام الموارد الطبيعية، والتخفيف من تداعيات التغير المناخي على القطاع الزراعي.
وأضاف أن المشروع لم يقتصر على تشجير جبل الباروك فحسب، بل امتدت جهوده على مدار العقود الماضية لتشمل مبادرات مماثلة في مختلف المناطق اللبنانية، من خلال تنفيذ عمليات تشجير واسعة النطاق باستخدام تقنيات زراعية متطورة لضمان نجاح الأشجار في التأقلم مع الظروف المناخية الصعبة. كما أكد أن المشروع يعتمد على نهج تشاركي مع البلديات المحلية والمجتمعات الريفية لضمان استدامة هذه الغابات، وتشجيع السكان المحليين على لعب دور رئيسي في حماية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية.
الأهداف الاستراتيجية للمشروع الأخضر: نهج شامل لتحقيق الاستدامة
وأكد خوري أن المشروع الأخضر يعمل وفق خطة استراتيجية متكاملة تهدف إلى:
🔹 استصلاح الأراضي الزراعية، من خلال منع انجراف التربة وتحسين جودتها.
🔹 توسيع الغطاء النباتي عبر زراعة الأشجار المثمرة والحراجية، لا سيما الأرز والصنوبر، لدورها الحيوي في حفظ التربة وتأمين مصدر اقتصادي للمجتمعات الريفية.
🔹 تعزيز إدارة الموارد المائية، عبر إنشاء البحيرات الجبلية والسدود الصغيرة لضمان توافر مياه الري على مدار العام.
🔹 تحسين البنية التحتية الزراعية، من خلال تطوير الطرق الزراعية وإنشاء المدرجات الزراعية، مما يساهم في دعم الاقتصاد الزراعي.
🔹 توفير الدعم التقني والمادي للمزارعين، بهدف تعزيز الإنتاج الزراعي والحد من هجرة السكان من المناطق الريفية نحو المدن.
إنجازات المشروع الأخضر بالأرقام: انعكاسات إيجابية على البيئة والمجتمع
-
استصلاح آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية، ما ساهم في تحسين الإنتاجية الزراعية وزيادة المساحات القابلة للزراعة.
-
إنشاء مئات البحيرات الجبلية والخزانات، لدعم الموارد المائية وتقليل تأثير الجفاف على القطاع الزراعي.
-
توزيع عشرات الآلاف من الشتول على المزارعين، لتعزيز الغطاء النباتي والحد من التصحر.
-
مساعدة آلاف المزارعين عبر تقديم الدعم الفني والمالي لتطوير مزارعهم وتحسين إنتاجهم.
وأشار خوري إلى أن هذه الأرقام تعكس مدى التأثير الإيجابي للمشروع الأخضر على المزارعين والبيئة، حيث ساهمت المبادرات في زيادة الإنتاج الزراعي، تحسين الأمن الغذائي، وتعزيز استدامة النظم البيئية.
الشراكات المحلية والدولية: دعم مستدام لضمان استمرارية المشروع
يحظى المشروع الأخضر بدعم وتمويل من عدة جهات محلية ودولية، حيث تلعب هذه الشراكات دورًا محوريًا في تمويل وتوسيع نطاق المشاريع البيئية والتنموية. ومن أبرز الشركاء الداعمين للمشروع:
✔ منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO)، التي توفر دعمًا تقنيًا وماديًا لتعزيز الإنتاج الزراعي المستدام.
✔ الاتحاد الأوروبي (EU)، المساهم في برامج التنمية البيئية والزراعية.
✔ الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (IFAD)، الذي يدعم المشاريع الهادفة إلى مكافحة الفقر الريفي.
✔ بنك التنمية الألماني (KfW)، الذي يُمول مبادرات الاستدامة البيئية.
✔ الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD)، التي تدعم مشاريع إدارة الموارد الطبيعية.
✔ التعاونيات الزراعية والبلديات المحلية، التي تُساهم في تنفيذ المشاريع على الأرض وضمان استمراريتها.
ختامًا: الاستثمار في البيئة هو استثمار في المستقبل
يؤكد الإنجاز الذي تحقق في جبل الباروك على أهمية الاستثمار في المشاريع البيئية طويلة الأمد، حيث أثبت المشروع الأخضر أن الاستدامة ليست مجرد شعار، بل رؤية قابلة للتحقيق، من خلال التخطيط الاستراتيجي والعمل المشترك بين الجهات الحكومية، المنظمات الدولية، والمجتمعات المحلية.
ولا يسعنا في هذا السياق إلا أن نتوجه ببالغ الشكر والامتنان إلى جميع من ساهموا في هذا النجاح من أهالي المناطق المجاورة، الذين بذلوا جهودًا استثنائية في حماية هذه الثروة الوطنية. كما نتوجه بتحية تقدير لكل من عمل على الحفاظ على غابات الأرز، من القائد الوطني كمال جنبلاط، الذي أرسى مفاهيم البيئة والتنمية المستدامة، إلى وليد جنبلاط الذي استمر في حمل هذه الراية وتوجتها محمية أرز الشوف وكل العاملين بها بما يضمن حماية هذا الإرث الطبيعي للأجيال القادمة.
لقد أثبتت هذه الجهود أن إعادة الحياة إلى المناطق الجرداء وتحويلها إلى غابات خضراء ليست مجرد نجاح بيئي، بل خطوة أساسية نحو بناء مستقبل أكثر استدامة. فغابات الأرز ليست فقط رمزًا لتراث لبنان البيئي، بل جزءًا لا يتجزأ من هويته الطبيعية والتاريخية، وركيزة أساسية لمواجهة تحديات التغير المناخي .
إن الحفاظ على البيئة مسؤولية مشتركة تتطلب التزامًا مستمرًا من جميع الأطراف. وبدعم المجتمعات المحلية وجهود المؤسسات البيئية، يمكننا أن نضمن بقاء هذه الثروات الطبيعية مصدرًا للفخر والاعتزاز الوطني، ونموذجًا يُحتذى به في مشاريع الاستدامة البيئية.
#وزارة_الزراعة #المشروع_الأخضر #أرز_لبنان #التشجير #التنمية_الزراعية #الاستدامة #محمية_أرز_الشوف