التنمية المستدامة

Ghadi news

Monday, May 21, 2012

ترى جمعيّة غدي أنّ البيئةَ ليستِ الأرضَ الّتي نعيشُ عليها، والّتي من خيرِها نتغذّى، ومن هوائها نَتنشّقُ ومن مائها نرتوي... فحسبُ، بل هي أيضاً كلّ ما يحيطُ بالإنسانِ من قضايا حياتيّةٍ واجتماعيّةٍ وثقافيّةٍ ورياضيّةٍ ونفسيّة وتربوية... فمتى يَعي
الإنسانُ أهميّةَ ذلك؟ ويعملُ جاهداً لضمانِ حياةٍٍ خاليةٍ من الأمراضِ والعُقدِ؟

فجمعيّةُ غدي انطلاقاً من إيمانها بأنَّ ثَمَّةَ علاقة جدليّة بين الإنسانِ والبيئةِ، تعملُ على الاهتمامِ بالإثنينِ معاً، فهي تحاولُ جاهدةً أن تخفف عن الأوّل الأمراض الجسديّة وما يرافقها من أمراضٍ أخرى عقليّة ونفسيّة واجتماعيّة، من خلالِ حمايةِ الطّبيعةِ والمحافظةِ على مصادرِها وعناصرِها الخيّرة، فأيّ خللٍ يُصيبُ التّوازنَ البيئيّ يشكلُ خطراً على كيانِ الإنسانِ وسلوكِهِ وقدراتِهِ ونفسيّتهِ. من هنا يمكنُ القولَ بأنَّ لا انفصالَ بين البيئةِ الماديّةِ والبيئة غير الماديّة، وبينَ الأمراضِ الجسديّةِ والأمراضِ النّفسيّة في حياةِ البشرِ، وأنَّ تلوّثَ البيئةِ الاجتماعيّة والإنسانيّة أشدُّ خطراً على مصائرِ الأفرادِ والجماعاتِ من تلوث الطّبيعة.

لذلكَ ارتأتْ جمعيّةُ غدي، وبعدَ أن خاضَتْ تجربة مدّتها عشر سنوات مع المدارسِ، أنّ افضلَ وسيلة لدرء الأخطار النّاتجة عن تلوّث البيئة بكلِّ متفرّعاته، هي الاهتمام بالنّشء الجديد من خلالِ توعية طلاّبِ المدارسِ على هذهِ الأمور وتثقيفهم وبناء شخصيّتهم، ليصبحوا مواطنينَ أكفّاء يساهمونَ في حمايةِ الطّبيعةِ من عبثِ الإنسانِ وسوء استخدامِهِ لعطاياها ويعتبرونها صديقة دائمة يعطونها الحماية فتعطيهم الأمانَ والصّحة. ويكونُ ذلك من خلالِ تأسيسِ أندية بيئيّة في المدارسِ الخاصّة والرّسميّة بهدف تحقيقِ التّنمية البيئيّة المستدامة. وللوصولِ إلى ذلك قامت جمعيّة غدي بعدّة إتّصالات ولقاءات مع مجموعةٍ من المسؤولين عن المدارسِ والمربّين وشرحت لهم أهداف الأندية البيئيّة وشجّعتْهم على إقامتها في مدارسهم، فوجدَتْ لديهم الرّغبة والحماسة، ولكنّهم اشتكوا من ضعفِ الإمكاناتِ الماديّة المُتاحة لهم لإنجاحِ هذا العمل، بالإضافة إلى عدم توفرمنهجيّة موحّدة للقيام بمشاريعَ بيئية يتشاركُ فيها بنجاح أكثر من مدرسة أو نادٍ بيئي، على الأقلّ في منطقة واحدة. فعمدت الجمعيّة إلى رسمِ خارطة طريق تحدّدُ المبادئ والأسس الصّحيحة لنشرِ المعلومات والمنهجيّة الّتي يمكنُ اعتمادها وذلك من خلال :

1- إنشاء موقع خاصّ للجمعيّة على الإنترنت يمكّنُ الأندية البيئيّة من التّواصلِ وتبادل الخبرات والتّنسيق فيما بينها.
2- توسيع مشتل الجمعيّة في بمكّين قضاء عاليه.
3- في البداية إقامة خمس أندية بيئيّة في خمس مدارس متنوّعة من عاليه والشّوف والمتن الشّمالي.
4- يديرُ كلّ نادٍ في المدارس الخمسِ معلّم متطوّع أو أكثر يؤمن بهذا العمل فيشجّعُ التّلامذة على الانخراط في النّادي ويحدّدُ بمشاركتهم المشاريع البيئيّة الّتي يتوافقون على القيامِ بها، ثمَّ يوزّعُ عليهم العمل."عمل فردي أو فريقي". ويرسمُ لهم المنهجيّة الّتي يمكنُ اعتمادُها لإنجاحِ المشروع. وبعد ًإنجازِ العمل ينشرُ على الإنترنت ليطّلعَ عليه الجميع ويستفيدوا منهُ، بالإضافةِ إلى وضعِ تقرير شامل عن تجربتهم، وعن الصّعوبات الّتي اعترضتهم وكيفيّة تذليلها على أن تُحدّدَ فترة ثلاثين أسبوعاً للقيامِ بعملهم " أي السّنة الدّراسيّة بكاملها"
5- توفير مجموعة من المعلومات والإحصائيّات، يساهم في الحصولِ عليها عدد كبير من التّلامذة والنّوادي في مناطق مختلفة، وتنشرُ على موقعنا على الإنترنت ليصبح في متناولِ الجميع.
وجمعيّة غدي الّتي لا تتوخّى الرّبح بل تحقيق التّنمية المُستدامة تقومُ حاليّاً من خلالِ متطوّعين جامعيّين منخرطينَ في صفوفها بجمعِ كمٍّ من المعلومات المتنوّعة من خلالِ مقابلاتٍ صحفيّة يجرونها مع عددٍ من المُفكّرين والمسؤولين في مختلفِ الميادينِ البيئيّة والفنّيّة والإعلاميّة والرّياضيّة والسّياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والصّناعيّة وغيرها. وتنشرُ تباعاً على الموقع الخاصّ بها على الإنترنت، لتشكّل إرثاً ثقافيّاً ينهلُ منهُ الجميع .
ولإنجاحِ النّوادي البيئيّة تطلبُ جمعيّة غدي من المدارس اتّباع الخطوات التّالية :
1- حثّ التّلامذة على حماية الطّبيعةِ والمحافظةِ على مصادرها وعناصرها الخيّرة واعتبارها صديقة دائمة تعطينا الأمان والصّحة.
2- تأهيلهم لزراعة البذور والأنصاب بشكلٍ دوريّ والاهتمام والاعتناء بها لتنمو وتكبر، وتخصيص أماكن لها لتبقى قريبة من تناولهم.
3- زيارة مشتل جمعيّة غدي في مدرسة النّهضة الوطنيّة في دير الشّير – بمكّين، واختيارما يناسبهم من الشّتول .
4- تبادلُ الخبرات والآراء وأخذ ما ينقصهم من معلومات من خلال الاتّصال بالموقع الخاصّ الّذي أقامتهُ جمعية غدي على الإنترنت والموضوع بتصرّف أعضاء النّوادي البيئيّة والمدارس الّذين بإمكانهم التّواصل ونشر كلّ ما يريدون على صفحاته.
5- وللتّذكير فقط فإنَّ حماية البيئة تكون من خلالِ :
- عدم رمي النّفايات إلا بالأماكن المخصّصة لها .
- عدم قتل الطّيور وعدم تشويهِ الطّبيعة والعبث بخيراتِها.
- عدم تكسير الأزهار والنّبات والأغصان وعدم قطع الأشجار، بل العمل على الاعتناء بها وصيانتها.
- تشجيع التّلامذة على القيام بأبحاث ونشاطات لاصفّيّة متّصلة بالبيئة .
- إقامة رحلات ميدانيّة إلى الطّبيعةِ لها أهدافٌ مرسومة.
- تنميةُ الرّوح الدّيمقراطيّة والمشاركة لدى التّلامذة وإعدادهم الإعداد الصّحيح ليصبحوا مواطنين صالحين يثقونَ بأنفسهم ويعملونَ على نشر ما تعلّموهُ في وسطهم، وعلى المحافظة على التّوازن البيئي وعلى العيش بسلام.
وإلى ذلك فقد آلمَ جمعيّة غدي أن ترى الطّبيعة تتعرّضُ لحرب شعواء تتمثّل في انقراضِ الغطاء الأخضر الّذي اشتهر به لبنان منذ القدم، من خلالِ اجتياحِ الحرائقِ لمعظم غابات لبنان، بالإضافة إلى قطعِ الأشجارِ لتحلَّ مكانها غابات من الباطون، أو للتّدفئة في فصلِ الشّتاء وغيرها لا مجال لذكرها الآن. فعمدتْ إلى توسيعِ مشتلها في مدرسة النّهضة الوطنيّة في بمكّين قضاء عاليه، بفضل قطعة أرض كبيرة قدّمتها إلى الجمعيّة مشكورة الرّهبنة الباسيليّة في دير الشّير، وقد قامت الجمعيّة باستصلاحها لتصبح مؤهّلة لاستيعاب عدد كبير من الشّتول. ويكسبُ هذا المشتلُ اليومَ أهميّة استثنائيّة كونه الأوّل من نوعهِ بهذا الشّكل. فهوَ ليس مشتلاً تجاريّاً، وقد أطلقتْه الجمعيّة بقولِ رئيسها فادي غانم لتفعيلِ برنامج التّربية البيئيّة . وتقومُ الجمعيّة من جهتها كما يقولُ رئيسها بتقديم البذورِ الّتي نسعى للحصول عليها من مصادِرها الطّبيعيّة والأفضل من حيثُ النّوعيّة. فقد استقدمنا بذور الصّنوبر من منطقةِ الشّوف، كذلكَ نتعاونُ مع القيّمينَ على محميّةِ أرز الشّوفِ، للحصولِ على بذور لأفضل أنواع الأرز اللّبناني من خلالِ جمعِ مُتساقطات الأشجارِ واستخلاصِ البذورِ منها. وجمعنا كميّة كبيرة من بذورِ السّنديانِ والبلّوطِ من مناطقَ يزيدُ ارتفاعُها عن 1300 متر عن سطحِ البحرِ، لضمانِ جودتِها.
وتدعو جمعيّةُ غدي المدارس في لبنانَ كافّةً لتنظيمِ رحلاتٍ بيئيةٍ إلى المشتل، يعملُ أثناءها التّلامذة على زرعِ البذورِ لينقلوها معهم إلى محيطِ مدرستهم أو مناطق سكنهم عسى أن نعيدَ بهذه الطّريقةِ العلاقة بين الإنسانِ وأرضِهِ ونساهمَ في استعادةِ الغطاء الأخضر للبنان وتحديداً للمناطق الّتي تأثّرت بفعلِ الحرائقِ أو الثّلوج فخسرت مساحات شاسعة من أحراجها.
ويؤكّدُ رئيس الجمعيّة فادي غانم أنّ الخطّة البيئيّة الّتي اعتمدتها الجمعيّة في المدارسِ منذُ العام 2000 حقّقَتْ أهدافاً هامّةً على مستوى الوعي البيئي مًن جهة، والإنتاج الكمّي للشّتول من جهة ثانية، مشيراً إلى " أنّنا نجحنا بإيجادِ مشتلٍ في كلِّ مدرسة تواجدنا فيها، يحتوي على ما لا يقلُّ عن 400 شتلة زرعها التّلامذه ويقومونَ بالاعتناءِ بها بشغفٍ، ولفتَ إلى أنّ الجمعيّة أنتجت 15000 غرسة خلالَ ثلاثة أعوام وهذا إنجازٌ لا يعودُ الفضلُ فيهِ للجمعيّة وحدها بل لكلِّ مواطنٍ لبنانيّ ساهم في زرعِ بذرة والعناية بها".

وأشارَ رئيس الجمعيّة إلى أنّهُ " من أجلِ تنظيمِ عمليّةِ تقديمِ الأغراسِ سوفَ نعمدُ إلى تحضيرِ طلبات تملأ لتوزّع على أساسِها الأغراس، ولَفَتَ إلى أنّ المشتلَ يتضمّنُ أنواعاً محدّدة من الأغراسِ في المرحلةِ الأولى مثل الصّنوبرِ والسّنديان والأرز والبلّوط والحَور بالإضافةِ إلى كلِّ أنواعِ الورودِ.

وإلى ذلكَ ساهمتِ الجمعيّةُ بتقديمِ ما يقاربُ 17000 شتلة صنوبر مثمرة الى عدد من المدارس، البلديات، الاندية والجمعيات كما نشير الى ان المشتل بدأ ينتج حوالي 10000 شجرة حرجية سنوية بالاضافة الى عدد من الشتول الزينة. ومن ناحية أخرى عقدتِ الجمعيّةُ اتّفاقاً مع النّائب علي عسيران والسيد موريس ابو جمده لتأمينِ بذور لإنتاجِ لشجرة البولونيا .
وأخيراً يمكنُ الاختصار بأنّ جمعيّة غدي قد آلتْ على نفسها أن تعملَ باستمرار لتحقيقِ التّنمية البيئيّة المُستدامة وأن تسهرَ على إعدادِ المواطنِ الصّالحِ والمُثقّف الّذي يحافظُ على البيئة، كما تعملُ جاهدة للتّخفيفِ من تلوّثها الّذي تنتجُ عنهُ أمراض جسديّة وعقليّة ونفسيّة واجتماعيّة وذلك بالتّعاون مع القطاعينِ الخاصّ والعامّ. فهل تستطيعُ تحقيقَ ذلك؟

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن