"غدي نيوز" – أنور عقل ضو
"إن (و. ص). خط أحمر ولا تتعبوا أنفسكم كثيرا"، بهذه العبارة "استقبلنا" أحد المواطنين في جولة نظمتها "جمعية طبيعة بلا حدود" للوقوف على أضرار أربع مرامل تشوه وتقضم وتنهش جبال عين دارة المحكومة منذ نحو ثلاثين سنة بـ "لعنة" الكسارات والمرامل، وعلمنا أن المدعو (و. ص) هو المستثمر، حسب ما أفادنا بعض أبناء البلدة، وبدت الجولة وكأنها مغامرة بوليسية ذكرتنا بملاحقات سابقة من قبل مستفيدين وظيفتهم المراقبة ومنع وسائل الاعلام من الاقتراب من مواقع المرامل والمقالع.
ما يدعو للاستغراب فعلا ليس حجم الانحدارات التي تفوق كل تصور فحسب، وإنما تحت أي ستار تعمل هذه المرامل، ذلك أن المشاهد الفاضحة تنفي أن تكون ثمة دراسة للأثر البيئي، أشجار صنوبر معمر اجتثت وبدت بقعة التشوه حاضرة وسط بيئة خضراء، فحجم التدمير يلغي امكانية أن يكون التعدي قائما بحجة بناء مجمعات سكنية، فالانحدارات تفضح مثل هذا الادعاء، لكن يبدو أن "العبارة – التهديد" تمثل إدانة مسبقة، إذ ليس ثمة ما يبرر هذه النبرة المتوعدة.
من جهة ثانية، اشار مواطن إلى "اننا نتحدث دون ذكر اسمائنا لحساسيات قائمة بين مستفيدين ومتضررين"، ولفت إلى أن "هذه الفضيحة نضعها برسم دولة القانون والمؤسسات"، وقال: "لم تجد مطالباتنا بوقف هذا التعدي"، ونوه إلى أنه "قبل سنوات عدة كان تجاوب وزارة البيئة مفاجئا لنا، عندما حضر الوزير محمد رحال شخصيا وعاين التعديات واتخذ قرارا بوقف المرامل، إلا أن أحدا لم يهتم الآن بالمرامل الجديدة المستحدثة بين عين دارة (قضاء عاليه) ونبع الصفا (قضاء الشوف".
وأشار آخر إلى أن "مزاريب المال من المرامل القائمة قادرة على تشويه كل الحقائق ولا نعرف تماما من هي الجهات الداعمة، لكن نعرف أن ثمة مستفيدين مستعدون لافتعال مشكلات لمنعكم من الاقتراب".
المشاهد بدت فاضحة وسط جبال خضراء تنهشها الجرافات، حتى أن إحداها غير بعيدة عن مبنى سكني، فيما حركة الشاحنات ناشطة جيئة وذهابا.
بعد معاينة الموقع، تحدث رئيس الجمعية المهندس محمود الأحمدية، فقال: "تلقت جمعيتنا العديد من الشكاوى من الأهالي من قرى وبلدات الجرد الأعلى في قضاء عاليه، في منطقة عين دارة القريبة من نبع الصفا، عن وجود مجموعة من المرامل تشوه وتهدد المعالم الطبيعية والعمرانية".
واشار الى ان "تحركنا مستمر حتى اقفالها نهائيا كما حدث في وادي شارون وفي أعالي عين دراة مع المتعهد نفسه، ولكن الفارق الوحيد أن حجم التخريب هنا فاق بمرات كثيرة ما حدث في المرامل السابقة".
واضاف الأحمدية: "هنا، ومن باب التحذير وارضاء لضميرنا، هناك احدى المرامل تهدد فعليا بانهيار أحد المباني القريبة وخصوصا عندما نعلم أن ارتفاع هذه المرملة - الجريمة بلغ ارتفاعها نتيجة الحفر ونهب الرمول ما يقارب الـ 15 مترا، والمعروف هندسيا انه اذا كان حجم الحفر من حيث الارتفاع يبلغ هذا المقدار فانه مع موسم الامطار يصبح انهيار البناء شبه مؤكد، فضلا عن الاضرار التي ستطاول الاراضي الزراعية والحرجية والمعالم الطبيعية ومصادر المياه الجوفية والغطاء الاخضر، وان دل هذا على شيء، فعلى أن المحاسبة والمراقبة مفقودتان نهائيا".
وأردف: "من الامور التي نقدرها كإنجاز لوزير البيئة في حكومة تصريف الاعمال أنه تم اعتماد قانون دراسة الاثر البيئي لكل مشروع قبل اقامته، ولكن هنا ثمة تناقضا فاضحا بين القرار وآلية تطبيقه، لذلك نسأل معالي الوزير هل ثمة دراسة للاثر البيئي لهذه المرامل قبل الشروع بعملها؟ وان كنا نعلم ان احدا لم يتكبد عناء معاينة هذه المنطقة، ومن هنا ندعو وزارة البيئة لاجراء المقتضى بالتنسيق مع سائر الوزارات والاجهزة المعنية".
وتساءل الاحمدية: "اين هي بلدية عين دارة حيال هذه التعديات التي تشوه معالم واحدة من اجمل مناطق لبنان؟"، وأكد أن "هذه الجريمة لن تستمر ولن يتمكن العابثون من الافادة من حال الفوضى القائمة لتدمير بيئتنا"، لافتا إلى ان "تحركنا مستمر إلى حين إقفال المرامل وسنعلن عن خطوات لاحقة في حال لم يستجب المعنيون لجهة وقف التمادي والعبث بما بقي من معالمنا الخضراء".