"غدي نيوز"
عُرفت مدينة عدن، في جنوبي اليمن، دون غيرها من المدن اليمنية منذ القدم بتجارة البخور، حيث وصفها المؤرخون بأنها كانت إحدى الطرق الرئيسة لتجارة البخور نحو البلدان المطلة على البحرين الأحمر والأبيض المتوسط قبل مئات السنين.
وفي السنوات الأخيرة، بات "البخور العدني" يحتل الصدارة من حيث الشهرة والجودة والانتشار داخل اليمن وخارجها، وصارت له طرق عديدة في التسويق.
وتتنوع أنواع البخور بحسب الغرض من استخدامه، إذ كثيراً ما يستخدم في المنازل بشكل دائم وفي بعض المناسبات الاجتماعية كالزواج والولادة والمآتم، كما يستخدم بعض أنواعه في المساجد.
والقاسم المشترك بين جميع أنواع البخور هو الاستفادة منها في تطييب المكان، سواء كان منزلاً أو مسجداً أو مكاناً عاماً، بالرائحة الزكية التي تخرج من البخور بعد وضعه فوق جمر يوضع في وعاء صغير معدّ لهذا الغرض يطلق عليه "مبخرة".
ونظراً لتميزه وشهرته، بات زوار عدن يحرصون على اقتناء البخور، إما للاحتفاظ به واستخدامه أو لإهدائه إلى الأصدقاء والأقارب.
ولعل أهم ما يميّز "البخور العدني" أنه يحضّر في المنازل، حيث تتقن ربات البيوت صنعه، ويتولين تسويقه عن طريق أصحاب المحلات الخاصة ببيع البخور أو لدى الأقارب والجيران.
وتقول فاطمة سعيد (46 عاماً)، وهي ربة منزل يمنية تجيد صنع البخور العدني: "أحرص في الغالب على أن تكون لدي المواد الأساسية لصنع البخور، لكني لا أباشر تحضيره إلا بناء على طلب من صديقاتي أو جاراتي خاصة حينما تكون هناك مناسبة كالزواج أو الخطوبة وغيرها.. ولا أعتمد على ما أحصل عليه من مال كمصدر للدخل".
وتمثل صناعة وتجارة البخور جزءاً من عادات عدن وتقاليدها، إضافة إلى كونها ركيزة أساسية لتوفير مصدر رزق لأسر كثيرة في المدينة.
وتقول السيدة أم حمادة (53 سنة)، التي تعتمد بدرجة رئيسة على دخلها من عائد تحضير البخور وبيعه في إعالة أسرتها المكونة من 7 أفراد: "أتعامل مع عدد من أصحاب المحلات التجارية وكلما جهزت كمية من البخور أرسلتها لهم لبيعها".
وتوضح أنها تعمل في تحضير البخور باستمرار، بخلاف أخريات يقمن بتحضيره بين وقت وآخر.
وعن مكونات البخور العدني وطريقة تحضيره، تقول إن "طبخة البخور العدني تتكوّن من العطر والسكر المغلي والعود والماء ودهن الورد والمسك، حيث يتم خلط كل تلك المواد وطحنها".
وتتابع: "بعد ذلك تطبخ تلك المكونات على نار هادئة لوقت يتراوح بين 20 و30 دقيقة، ثم أقوم بتقسيمها إلى قطع صغيرة.. وأحياناً تتم إضافة مواد أخرى كالمسك والعنبر وغيرهما".
وتقول أن "إضافة أي مواد تكون بحسب الطلب إن كان هناك طلب خاص، وحين يكون البخور مطلوباً لحفلات زواج أو ما شابه فإنه يتطلب إضافة هذه المواد ويترتب على ذلك زيادة في ثمنه".
أما عن أنواع البخور، فيقول منصور الحضرمي، وهو مدير محل لبيع البخور، أن "هناك أنواعاً من البخور حسب الجودة، منها بخور سلطاني وآخر عرائسي وثالث ملكي".
ويوضح أن "البخور الملكي هو أجود الأنواع ويلاقي إقبالاً من زوار عدن من بقية محافظات اليمن ومن دول الخليج العربي، وذلك لكثرة تركيز المواد الأساسية فيه، مثل العود والعطر".
ويضيف الحضرمي أن "أنواع البخور بحسب الاستخدام كثيرة، فمنها ما يستخدم في تطييب المنازل بشكل شبه يومي، ومنها ما يستخدم في المناسبات الاجتماعية كالزواج والولادة، بالإضافة إلى بخور يستخدم في المساجد أثناء إقامة الموالد (مناسبات دينية مثل المولد النبوي والإسراء والمعراج والاحتفاء بشهر رمضان وحلقات الذكر)، وآخر يستخدم في مراسم العزاء".
ويوضح أن "أسعار البخور تتفاوت بحسب الجودة وكمية المواد المستخدمة في تحضيره، فكلما زادت كمية المواد الغالية الثمن، كالعود والعطور، زادت قيمة البخور، وتصل كمية الطبخة الواحدة من البخور نحو كيلوغرام واحد، ويتراوح سعرها بين 150 و200 دولار أميركي".