*نبيل أبو غانم
تتحفنا مصلحة المياه، بين الحين والآخر، ببيانات تؤكد أن "مياه بيروت خالية من الجراثيم".
شكراً مصلحة المياه...
ومع الشكر كنت أتمنى، كما المواطنين في كل المناطق، أن تبادر مصالح المياه في المناطق الى اتحافنا بطمأنة مماثلة.
وبالعودة الى "خالية من الجراثيم"، لا أذكر أن مصلحة المياه ذكرت في بيان الطمأنة أن المياه صالحة للشرب... ولا عجب، ذلك أن المصلحة وشقيقاتها في كل المناطق مطمئنة الى أن الناس لا يطمئنون الى مياهها وهم الناس يشربون مياه معبأة بـ "غالونات"، عساها تكون مطمئنة في زمن تكاد تكون فيه المراقبة على المياه وصحتها وصلاحيتها للشرب معدومة.
مما لا شك فيه أن بيانات مصلحة المياه بشأن خلو المياه من الجراثيم صحيحة، فكميات الـ "كلور" التي تضخ على مدار الساعة في مياه المصالح وخزاناتها كفيلة بقتل الجراثيم... وأكثر، لكن مما لا شك فيه أيضاً أن كميات الكلور لن تغير طعم المياه المالحة التي تتحفنا بها آبارها.
ومما لا شك فيه أن المصالح تعمد الى "الكلورة" منذ ذلك الزمن البعيد الذي أكد فيه الخبراء أن مياه الينابيع التي تغذي خزانات المصالح التابعة لوزارة الطاقة والمياه في معظمها ملوثة وأن 80 بالمئة من مياه الينابيع على ارتفاع 1400 متر وما دون هي عرضة للتلوث...
ومنذ ذلك الزمن البعيد فإن الوزارة المعنية لم تتحرك لوقف تدهور نوعية المياه. واستأنست لتدهورها كماً ونوعاً.
وفي المناسبة، فإن التلوث يشمل احتواء الماء على الجراثيم كما يشمل ملوثات صناعية وزراعية وإشعاعية وطبية وكيميائية خطرة ومكلفة تؤدي الى اختلال الصحة العامة والى زيادة الهدر في الإنفاق على الصحة... وعلى الرغم من كل ذلك، فإن مواجهة المصالح تقتصر على الكلْوَرَة للقضاء على الجراثيم، هذه هي طاقتها في ظل وزارة الطاقة والمياه التي تدرك أن مختبرات المصالح قاصرة وأن الملوثات لا تحصى وأن طاقة المصالح وفريقها كثيراً ما عطلها تخلي "الطاقة" عن دورها في مكافحة تلوث المياه في المصادر، علماً أن الينابيع ومحيطها ومجاري المياه الصحية ومحيطها هي في عهدة وزارة الطاقة والمياه. وسلامتها من مسؤولية الوزارة التي تحولت مجاري المياه السطحية في ظل إدارتها الى "مجارير" والبحيرات الى مصبات لكل أنواع الصرف غير الصحي والينابيع الى بؤر تلوث تهدد الصحة العامة ولا يرف لها جفن.
*صحافي وناشط بيئي