*المهندس محمود الاحمدية
منذ يومين جاءنا مندوب شركة عالمية متخصصة في فحص المياه في البيوت وذلك لامتحان نسبة التلوث فيها... وكانت المفاجأة المرعبة بكل المقاييس بعد عملية الفحص التقنية اصبح لون المياه احمر "غامقا" والصدأ يملؤها والبكتيريا تراها بأم العين والرقم الهيدروجيني وصل الى 58 بينما يجب الا يتجاوز 7 بما يسمى (بي أش).
هي مأساة حقيقية... نشرب مياها ملوثة بكل ما للكلمة معنى... وفي هذه الايام المصيرية التي يمر فيها الوطن، يعز عليّ ان أزيد من هموم الوزارة المعنية هموما جديدة، ولكنها مسؤولية لا يمكن التخلي عنها لان صحة الناس في الميزان ويقولون لك لماذا تفتك الامراض بالبشر ولا بد من ذكر الحقيقة المرة التالية: استنادا الى تقارير منظمة الصحة العالمية فان 80 بالمئة من الامراض التي تصيب الانسان تنتج عن تلوث المياه بالكائنات المجهرية المسببة للامراض وان نصف الراقدين في مستشفيات العالم امراضهم ناتجة عن تلوث المياه بالكائنات المرضية. والماء الصالح للشرب هو الماء الخالي من العوامل المرضية والمواد الكيميائية المؤثرة على الصحة ويكون عديم الطعم واللون والرائحة.
ولكي يصبح الماء صالحا للشرب لا بد ان يمر الماء الخام القادم من اي مصدر مائي بمرحلة او اكثر من مراحل المعالجة قبل استهلاكه. ان اكثر المصادر المائية استخداما لاغراض الشرب هي المياه السطحية كالانهار، وتمر مياه الانهار بعدد من المراحل المعالجة وهي: الترسيب، التلبيد، الترشيح والتعقيم، ولا تتطلب معالجة كثير من المياه الجوفية سوى مرحلة التعقيم. اما الواقع الحالي المؤلم والذي اصبح موضة في الكثير من احياء العاصمة ان يشتري الناس من "بائعي الغالونات" الذين يمرون على البيوت وبأسعار لا توازي ربع سعر الغالونات التي تبيعها الشركات بشكل رسمي.
حتى هذه الشركات وللمعلومة فقط يزيد عددها على 800 شركة منها 13 شركة فقط لا غير مرخص لها، أما الشركات الباقية فهي تمثل مافيا حقيقية تعبث بحياة الناس، وهذا كلام مسؤول وموثق وليس عبثيّا، لأن بيع المياه من دون سقف الترخيص الرسمي جريمة حقيقية بحق الناس، والمسؤولية هنا مزدوجة تطال الوزارة المعنية والشركات المنتجة للغالونات المعبأة. فكيف بالبائعين لغالونات من مختلف الاحجام والذين يطرقون ابواب الناس ولا من رادع ولا من حسيب.
يعد تحليل مياه الشرب مختبريا ضروريا لتحديد صلاحيته للشرب، اي التأكيد من عدم احتوائه على كائنات حيّة ناقلة للمرض الى الانسان ومواد كيميائية خطرة على الصحة العامة، بالاضافة الى كونه مقبولا للمستهلكين من ناحية الطعم واللون والمظهر. ومحددات مياه الشرب حسب منظمة الصحة العالمية بالملغ/ليتر هي: الزرنيخ 0,05 الكاديوم 0,005 الكلوريد 250 الكربون 0,05 النحاس 1 السيانيد 0,1 الفلور 1,5 الحديد 0,3 الرصاص 0,05 المانغنيز 0,1 الزئبق 0,001 النيترات 10 السيلينيوم 0,01 الكبريتات 400 الخارصين 5 بكتيريا صفر.
من هنا نتوجه بكل جديّة الى الوزارات المعنية من اجب ضبط هذه المسألة التي تعدت كل المقاييس من حيث الفوضى وان تمنع مطلق اي شركة من بيع المياه من دون ترخيص، ونتوجه للمستهلكين باعتماد الحذر الشديد حيال المياه المعبأة التي يشترونها وهي تخفي السم الزعاف والامراض في ثناياها.
*رئيس "جمعية طبيعة بلا حدود"