التلاسيميا خلل وراثي في تركيبة هيموغلوبين الدم

Ghadi news

Thursday, January 26, 2012

ثمة جين واحد يتم وراثته من الأب وآخر يتم وراثته من الأم، يحددان هذه الصفة لكل صفة من صفات جسم الإنسان، وهكذا يوجد جينان مسؤولان عن تحديد إنتاج الهيموغلوبين في الدم "خضاب الدم" الذي ينقل الأوكسجين ويعطي للدم لونه الأحمر. ويتركب الهيموغلوبين من أربع سلاسل من البروتينات "اثنتان من الألفا غلوبين، وسلسلتان من البيتا غلوبين"، وفي كل من الأربعة توجد جزيئه هيم في وسطها، وعند عطب هذين الجينين يحدث ما يعرف بمرض "التلاسيميا". فهو مرض وراثي دموي أصله من منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، وينتج عن خلل الجينات الوراثية التي تسبب فقر الدم المزمن، وهو مرض قد يسبب الوفاة عند المصابين في بعض الأحيان، وهو ايضاً من الأمراض المعروفة منذ القدم، وقد تم التعرف عليه للمرة الأولى عام 1925 بواسطة الطبيب "كولي"، عندما تم تشخيص حالات لمرضى يعانون من فقر دم شديد، ومجموعة أعراض لتشوهات العظام وموت المصاب في نهاية المطاف.

هناك جهود عالمية حثيثة لاستيعاب انتشار "التلاسيميا" والحد منها، والتوعية بمسبباتها الوراثية المعقدة، فهي خلل وراثي في تركيبة الهيموغلوبين، تختلف شدتها من الناحية الإكلينيكية بشكل كبير إذ تتراوح بين الأشكال البسيطة غير المصحوبة بأعراض إلى الأنواع الشديدة أو المميتة. ويطلق عليها "فقر دم حوض البحر الأبيض المتوسط"، حيث ينتشر المرض في جميع أنحاء العالم، لكن بنسبة أكبر في بعض بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط. ويعود أصل كلمة "تلاسيميا" إلى الكلمة اليونانية "تالاسا" والتي تعني البحر، و"هايما" وتعني الدم. وهذا أول ما عرفه الشعب اليوناني الذي كان يعيش بالقرب من البحر الأبيض المتوسط عن التلاسيميا. إلا أن هذا غير صحيح بسبب إمكانية وجود هذه الحالة في أي جزء من العالم. وتشير الإحصائيات الأخيرة لمنظمة الصحة العالمية إلى أن نسبة الإصابة بالمرض في الخليج العربي بلغت إلى 5 بالمئة من مجموع السكان.

العامل الوراثي

يعتبر المرض ذو وراثة صبغية جسدية متنحية، لذلك يولد المصاب بمرض "التلاسيميا" نتيجة الزواج بين اثتين كلاهما حاملين للمرض. وفي بعص الأحيان، لا تظهر على حامل المرض أي أعراض ظاهرة، لكن يمكن تشخيصه بالتحاليل الطبية. و"التلاسيميا" مرض وراثي يؤثر في صنع الدم، فتكون مادة الهيموغلوبين في كريات الدم الحمراء غير قادرة على القيام بوظيفتها، ما يسبب فقر الدم وراثي ومزمن يصيب الأطفال في مراحل عمرهم المبكر، نتيجة لتلقيهم مورثين معتلين، أحدهما من الأب والآخر من الأم. ويقسم مرض "التلاسيميا" إلى أنواع أهمها، "تلاسيميا ألفا"، و"تلاسيميا بيتا"، اعتمادا على موقع الخلل، إن كان في المورث المسؤول عن تصنيع السلسلة البروتينية ألفا في خضاب الدم "الهموجلوبين" أو بيتا على التوالي.
ومن المعروف أن هنالك عدة مئات من الطفرات الوراثية المتسببة بالمرض. والتقاء المورثين المعتلين من نوع بيتا يؤدي إلى ظهور المرض، بينما، لوجود أربعة مورثات مسؤولة عن تصنيع سلسلة ألفا، فان الحاجة تكون لوجود اعتلال في ثلاثة من هذه المورثات، أو اعتلال المورثات الأربعة كلها لظهور الأعراض. كما وتوجد أنواع أخرى من أعراض "التلاسيميا" مثل نوع دلتا.
ينتقل مرض "التلاسيميا" بالوراثة من الآباء إلى الأبناء. فإذا كان أحد الوالدين حاملا للمرض أو مصابا به، فمن الممكن أن ينتقل إلى بعض الأبناء بصورته البسيطة، أي يصبحون حاملين للمرض. أما إذا صدف وأن كان كلا الوالدين يحملان المرض أو مصابين به، فإن هناك احتمالا بنسبة 25 بالمئة أن يولد طفل مصاب بالمرض بصورته الشديدة. وكنتيجة لهذا يقسم الأشخاص المصابين إلى قسمين: الأول يكون الشخص فيه حاملا للمرض ولا تظهر عليه الأعراض، أو قد تظهر عليه أعراض فقر دم بشكل بسيط، ويكون قادرا على نقل المرض لأبنائه، والثاني نوع يكون فيه الشخص مصابا بالمرض، وتظهر عليه أعراض واضحة للمرض منذ الصغر. تكمن مشكلة المرض في عدم قدرة الجسم من تكوين كريات الدم الحمراء السليمة التي تنقل الغذاء والأكسجين إلى مختلف أنحاء الجسم، وذلك نتيجة لخلل في تكوين الهيموغلوبين، مما يؤدي إلى تكسرها وتحللها بعد فتره قصيرة من إنتاجها، مؤدية إلى فقر دم شديد، بالإضافة لأعراض أخرى ومشاكل كثيرة أهمها: زيادة نسبة الحديد في الجسم، وهشاشة في العظام، وضعف عام في الجسم، وتأخر البلوغ، وتغير في شكل عظام الوجه والفكين، واليرقان، وعادة ما يعاني المريض من الشحوب والاصفرار، وفقدان الشهية للطعام، والتوتر وقلة النوم، والميل إلى القيء، والإسهال، والتعرض المتكرر للالتهابات، وتضخم واضح في الطحال والبطن.

علاج التلاسيميا

العلاج يتمثل في نقل الدم بشكل شهري للحفاظ على هيموغلوبين الدم بمستويات طبيعية، وتناول الدواء بانتظام، وقد يضطر إلى استئصال الطحال عند تضخمه الشديد، مع إعطاء المريض جرعات من فيتامين الفوليك أسيد لإنتاج كريات الدم الحمراء. وهنا تكمن خطورة إهمال العلاج، لأنه يسبب فقر دم شديد ومزمن، وتشوهات مستقبلية في عظام الرأس خاصة وسائر عظام جسمه عموما وترقق في العظام، وتأخر النمو الجسدي والعقلي وتأخر في البلوغ، ووجود مشاكل في الأسنان، مع ضعف في المناعة، وهناك نجاحات لكن لا تزال محدودة في العلاج الجيني، وهي قيد الدراسة والبحث الطبي في مراكز طبية عالمية، وقد تمت أول زراعة ناجحة لنخاع عظم طفل عمره سنة ونصف السنة عام 1981 بعد التطابق التام للأنسجة للمريض والمتبرع.

 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن