"غدي نيوز"
ربما تكون قد سمعت عن أفلام "دراكولا يتحدى فرانكشتاين" او "فريدي يتحدى جيسون" او حتى "كينغ كونغ يتحدى جودزيلا" والآن بات بوسعك ان تضيف إلى هذه القائمة "النمل المجنون يتحدى نمل النار"، الا ان هذه ليست رواية خيالية تعرضها شاشات السينما.
نوعان من النمل
يوجد نوعان من النمل يعيشان في أميركا الجنوبية وتحرص الولايات المتحدة على ألا ينتشرا فيها بوصفهما كائنات غير مرغوبة، ويتقاتل هذان النوعان بضراوة للاستحواذ على الغذاء وأماكن المعيشة في جنوب شرق الولايات المتحدة.
هناك النمل المجنون وهو القادم الجديد في هذه المعركة ويتقاتل بشراسة مع نمل النار، إلا ان العلماء في جامعة تكساس وضعوا ايديهم على أسباب هذا التناحر.
يعيش نمل النار الاحمر بالمناطق الاستوائية من أميركا الجنوبية ويعتبر من اشرس الحشرات التي عرفها الانسان، إذ يمكنه ان يلدغ ضحيته - بعكس الحشرات الاخرى التي تلدغ مرة واحدة ثم تتوقف او تموت - مرات عديدة تصل إلى خمس مرات في الثانية الواحدة لينفث فيها سموما فتاكة تصيبها بالشلل وقد تجهز على الانسان.
وسمي نمل النار ذي اللونين الأحمر والأسود بهذا الاسم لقدرته الخارقة على العيش وسط درجات الحرارة اللافحة وحتى في النار نفسها إلى جانب لدغاته النارية المؤلمة التي يسببها للبشر والحيوانات على حد سواء.
ونمل النار حشرة سريعة الحركة عند الهجوم وينقض على فريسته بأعداد كبيرة وبأسراب يصل طول الفوج منها إلى ستة كيلومترات قبل ان يشرع في التهامها على مهل، ويتغذى أساسا على النباتات والحشرات والحيوانات الصغيرة كالضفادع والسحالي، وعندما يلمس جسم الضحية تتوهج وتصاب بحروق من الدرجة الثانية والثالثة.
وصل إلى أميركا على ظهر السفن
ووصل نمل النار إلى الولايات المتحدة في منطقة موبايل بألاباما في ثلاثينات القرن الماضي بعد ان اكمل دورة حياته على ظهر السفن على ما يبدو، ثم انتشر من هناك إلى جنوب شرق الولايات المتحدة.
أما النمل المجنون - وكان يعرف في السابق باسم نمل التوت البري - فهو مقاوم لمختلف أنواع المبيدات الحشرية المعهودة وحتى الصعقات الكهربية، بل إنه دأب في الآونة الاخيرة على مهاجمة مختلف الاجهزة الالكترونية، حيث يساعده على ذلك صغر حجم الحشرات وقدرتها على الاختباء داخل اجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية، والتهام الاسلاك الرفيعة، واذا نفقت الحشرة بسبب الصعقات الكهربية فان بقاياها تجتذب الآلاف من هذه الحشرة.
وسمي النمل المجنون بهذا الاسم بسبب لون جسمه العسلي والطريقة المضطربة الغريبة التي يسير بها حين يجد ضالته من الغذاء، ووصل إلى منطقة انتشاره عام 2002 وتم تسجيله في منطقة قناة هيوستون الملاحية وفي فلوريدا.
منظومة دفاعية كيمائية
وقالت دراسة نشرت نتائجها في دورية "ساينس" مؤخرا، إن النمل المجنون يحظى بقدرة نادرة على ابطال مفعول سموم نمل النار، اذ يطلق سموما مضادة والترياق الخاص به تلتصق بأجسام الحشرة بعد تعرضها لسموم نمل النار لينجح في حماية نفسه من شرور عدوه.
وتمثل هذه المنظومة الدفاعية الكيمائية تعديلا في قواعد لعبة سباق التسلح بين هذين النوعين من الحشرات.
وقال اد ليبرون الخبير في الانواع الحشرية المفترسة بجامعة تكساس في مكالمة هاتفية "ربما يكون ذلك السبب الرئيسي وراء انتشار النمل المجنون محل نمل النار في المناطق التي يغزوها الاخير."
ويعيش النوعان في شمال الارجنتين وباراغواي وجنوب البرازيل، ويعتقد العلماء ان النمل المجنون طور دفاعاته هناك منذ زمن طويل.
ويهيمن نمل النار على مختلف بيئات ومناطق معيشة الانواع الحشرية الاخرى من خلال نشر سمومه الناقعة الاكثر سمية من مبيد "دي دي تي"، لكن حينما يتعرض النمل المجنون لهجوم فسرعان ما يلجأ إلى دفاعاته المضادة للسموم اذ يقف على أرجله الوسطى والخلفية ويفرز حمض النمليك "الفورميك" من غدة على جانب البطن ويغطي به جسمه ليبطل مفعول السم الزعاف لنمل النار.
النمل المجنون سينتصر على نمل النار
وحتى يتمكن العلماء من قياس ورصد كيفية عمل حمض النمليك على اكمل وجه قاموا باستخدام طلاء الاظافر لاغلاق غدد النمل المجنون ووضعوه في انابيب اختبار مع نمل النار. ودون الاستعانة بالدفاعات الكيميائية تعرض 48 في المئة من النمل المجنون المصاب بسموم نمل النار للنفوق وحين أعيد فتح غدد النمل المجنون نجا 98 في المئة منه.
وقال ليبرون إنه ما لم يحدث تطور مفاجىء فان النمل المجنون سيحل محل نمل النار في معظم ارجاء جنوب شرق الولايات المتحدة ليصبح النوع الجديد المهيمن بيئيا.
بتصرف عن "رويترز" ووكالات