"غدي نيوز"
عقد رئيس جمعية مصارف لبنان الدكتور فرنسوا باسيل مؤتمرا صحافيا، لفت فيه الى أن هدف المؤتمر "تبيان موقف الجمعية حيال التطورات الأخيرة التي تحظى بمتابعة اللبنانيين واهمتامهم، وبخاصة الإجراءات التي يتم تداولها في اجتماعات اللجان النيابية المشتركة من أجل تأمين الإيرادات اللازمة لتمويل أكلاف سلسلة الرتب والرواتب".
وقال: "يهمنا أن نوضح للرأي العام المواقف المبدئية التالية:
-إن الثقة والتعاون والتنسيق بين وزارة المالية ومصرف لبنان وجمعية المصارف أمنت للبلد وأبنائه طوال العقدين الماضيين مناخا من الإستقرار المالي، والإستقرار النقدي، والإستقرار المصرفي. ومن الطبيعي أن يكون لهذا الإستقرار الثلاثي الأبعاد كلفة سنوية تقاسمتها الأطراف الثلاثة المعنية، ولكن ليس مثالثة بل مناصفة بين وزارة المالية ومصرف لبنان، من جهة، والمصارف، من جهة ثانية.
-إن هذا الإستقرار الثلاثي الأضلع أتاح بدوره استقرارا اجتماعيا كان من ثماره: ثبات القدرة الشرائية لأجور ومداخيل المواطنين اللبنانيين بعامة، وذوي الدخل المحدود بوجه خاص.
-إن الإجراءات الضريبية المقترحة من قبل اللجان النيابية المشتركة والتي تتناول القطاع المصرفي ستكون لها انعكاسات سلبية على مداخيل المودعين اللبنانيين، الذين تشكل المدخرات المصرفية لدى بعضهم مصدر دخلهم الأساسي أو الوحيد، لا سيما أولئك الذين تجاوزوا سن التقاعد.
-في المقابل، لا بد من أن تنعكس هذه الزيادات الضريبية المقترحة زيادة في معدلات الفائدة المدينة، وأن تتأثر بها سلبا شرائح واسعة من المستفيدين من قروض الأفراد والأسر التي يناهز عددها 370 ألف قرض من أصل 460 ألفا. ومعلوم أن هذه القروض موزعة بين قروض سكنية وقروض شخصية وقروض التجزئة والتعليم وسواها.
-إن هذه الضرائب تفرض في ظل أوضاع اقتصادية بالغة الصعوبة حيث معدل النمو ضعيف جدا، ما يرتب على المواطنين ومداخيل الأسر اللبنانية عبئا إضافيا، الأمر الذي من شأنه أن يلغي سلفا المفاعيل الإجتماعية - الإقتصادية المرجوة من سلسلة الرتب والرواتب. وهذا توجه غير مبرر وفي غير محله.
-إن جمعية مصارف لبنان تعتبر أن مطلب إقرار سلسلة الرتب والرواتب هو مطلب حق واستحقاق، وأن تردي أوضاع العاملين في القطاع العام وإدارات الدولة عائد الى تأجيل البت في هذا الموضوع سنوات، وأن مسؤولية تفاقم هذا الملف وانفجاره اليوم دفعة واحدة تقع على السلطات المعنية والمختصة، في حين أننا كقطاع مصرفي لا نتوانى عن تحسين أوضاع العاملين في مؤسساتنا المصرفية بانتظام، من خلال التجديد الدوري والمنتظم لعقد العمل الجماعي ولو بمفاوضات مضنية أحيانا، إنما بحرص أكيد من إدارات المصارف على توفير مقومات العيش الكريم واللائق لموظفي القطاع، حتى في أصعب الظروف الاقتصادية.
-إن جمعية مصارف لبنان، والمصارف جمعاء، لم تتخل يوما أو تتأخر عن الوقوف الى جانب لبنان واللبنانيين في أيام المحن. فنحن ساهمنا بقوة وفعالية، وبالدعم المالي والمعنوي السخي في صندوق الهيئة العليا للإغاثة إثر كل عدوان إسرائيلي على لبنان، وفي حملة مؤازرة الجنوب والبقاع الغربي على مدى سنوات، وفي الحملة الوطنية لمواجهة العدوان الإسرائيلي عام 1999 (بمبلغ 4 ملايين دولار)، ثم بدعم برنامج باريس 2 عبر إقراض الدولة 3,6 ملايين دولار بلا فائدة، ثم بتمويل الصندوق الموحد لمساندة المؤسسات الصناعية والتجارية المتضررة من جراء التفجيرات عام 2005، ثم بدعم حملة إعادة إحياء وسط العاصمة بيروت، وقدمنا مساهمة مالية بقيمة مليوني دولار لدعم الجيش اللبناني في مواجهة الإرهاب خلال أحداث نهر البارد، ومساهمة أخرى بقيمة 4 ملايين دولار لدعم حملة "أخضر دايم" الرامية الى حماية ثروة لبنان الحرجية وشراء الطوافات لمكافحة الحرائق.
-باختصار، إننا "أم الصبي" فعلا لا قولا. أثبتنا ولا نزال نثبت كل يوم أننا مع نهوض الدولة القوية القادرة، ومع بناء دولة القانون والمؤسسات، دولة الرفاه والعدالة الإجتماعية. كما أثبتنا، من خلال توقيع بروتوكولات الإقراض السكني الميسر مع القطاعات العسكرية والأمنية والقضائية كما من خلال آليات إقراض المؤسسات الإنتاجية والسياحية عبر شركة كفالات والقروض المدعومة الفوائد والقروض الصديقة للبيئة والمشاريع الإبتكارية الناشئة وقروض التعليم الجامعي حرصا دائما وملموسا على التنسيق مع السلطات النقدية من أجل تحريك عجلة الإقتصاد وتأمين أفضل ظروف العيش للمواطنين. في المقابل، لم نتوان يوما عن دعم مالية الدولة عند كل كبوة وعن تلبية طلبات وزارة المالية لتوفير التمويل الضروري بل الملح والحيوي أحيانا لسد عجز الخزينة العامة.
-ختاما، نقول إن إقرار سلسلة الرتب والرواتب قضية محقة يتعين على أصحاب القرار السياسي والإقتصادي والمالي مواجهتها بروية وتبصر، عبر التمحيص الدقيق في انعكاس كل إجراء أو تدبير على الإستقرار الثلاثي الأبعاد، المالي والنقدي والمصرفي، وعبر التشاور المتواصل والمنفتح مع الهيئات الإقتصادية كافة، وبلا استثناء، لا سيما مع جمعية مصارف لبنان، من أجل بلورة سلة متنوعة من المقترحات والحلول، لا تقتصر على تأمين الإيرادات من خلال الإقتطاعات الضريبية فحسب بل تركز بخاصة على تنفيذ سلسلة الإصلاحات التي تنادي بها المرجعيات المالية الدولية المهتمة بدعم لبنان والهيئات الإقتصادية والمهنية والنقابية المحلية، وفي طليعتها الإصلاح الجذري لعدد من المرافق العامة كمؤسسة كهرباء لبنان، التي تتسبب منذ سنوات بعجز سنوي يفوق الملياري دولار أميركي، وملء الشواغر في الإدارات العامة وتحسين جباية الرسوم والضرائب ومكافحة الفساد والرشوة والتهرب الضريبي وتفعيل أداء الإدارات والمؤسسات العامة ورفع مستوى إنتاجها وإنتاجيتها.
-إننا نتوجه بالشكر الى الهيئات الإقتصادية التي أيدت تحركنا والى سائر المراجع الرسمية والقوى السياسية التي أعربت عن تفهمها لموقفنا الإحتجاجي الذي وجدنا أنفسنا مضطرين لاتخاذه في ظل تجاهل رأي جمعيتنا التي تمثل القطاع الأكثر تفاعلا مع نبض المواطنين وهمومهم واهتماماتهم، ونعرب عن انفتاحنا التام واستعدادنا الكامل لمواصلة الحوار مع المعنيين في سبيل إيجاد أفضل الحلول للحفاظ على سلامة اقتصادنا الوطني".