"غدي نيوز"
كيف يتسنى للدببة القطبية أن تتغذى على مواد ذات محتوى دهني عالٍ للغاية مثل الفقمة المترهلة، ثم تسمن أجسامها بدرجة كبيرة دون أن تصاب بانسداد الشرايين أو بأخطار أمراض القلب؟
الإجابة – حسب آخر دراسة علمية – هي أن الدب القطبي يعتمد في ذلك على سماته الوراثية.
فقد أجرى العلماء تحليلا وراثيا دقيقا للدب القطبي - نشروا نتائجه يوم الخميس (8-5-2014) في دورية (سيل) - وقارنوه بأقرب أقاربه الدب البني، فوجدوا ـن الدب القطبي ومنذ انحداره من الدب البني قبل أقل من 500 ألف عام، ليصبح نوعا جديدا مر بتغييرات وراثية ملحوظة للتعامل مع الأغذية عالية المحتوى البروتيني التي يحتاجها في البيئة القطبية شديدة البرودة.
وقال الباحثون إن مجموعة من الجينات المرتبطة بوظائف الأوعية الدموية وتمثيل الأحماض الدهنية، شهدت تغيرا جذريا من خلال الطفرات لتتيح للحيوان ان يقتات على مواد ذات محتوى دهني عال دون مواجهة خطر الإصابة بأمراض القلب.
وقالت ايلين لورنزن خبيرة علوم البيئة الجزيئية بجامعة كاليفورنيا في بيركلي "بالنسبة للدببة القطبية فإن اكتناز اجسامها بالدهن لا يمثل مشكلة."
وأضافت انه في المناطق القطبية حيث تعيش هذه الدببة فانها تحتاج الى الطاقة بصورة ماسة، ولدى الدببة القطبية من الأنسجة الدهنية ما يسد هذه الحاجة، كما أن نحو نصف وزن جسمها يمكن ان يتكون من الدهون، أما مصدر الماء العذب فهو الماء الناتج عن عمليات التمثيل الغذائي، أي الماء الذي يتكون كمنتج ثانوي لتحلل الدهون في الجسم.
وقام العلماء بفك الشفرة الجينية للدب القطبي بعد أخذ عينات من دم وأنسجة 79 دبا من غرينلاند. كما استعان العلماء بعينات من عشرة من الدببة البنية لدراسة الخريطة الجينية لها (الجينوم).
وقال راسموس نيلسن خبير وراثة النشوء والإرتقاء بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، إن المعلومات الوراثية أظهرت ان الدب القطبي انحدر من أنواع الدب البني منذ نحو 400 الف عام، أي منذ فترة قريبة نسبيا عما كان يعتقد من قبل. وأفادت تقديرات سابقة بأن الدب القطبي نشأ منذ خمسة ملايين عام.
وأضاف نيلسن "خلال هذه الفترة القصيرة من الزمن تكيفت الدببة القطبية على البيئة الباردة في المنطقة القطبية، وعلى التغذي على طعام جديد. شاهدنا آثار هذا التحور في جينوم الدب القطبي."
والدب القطبي بفرائه الأبيض كرمز للمنطقة القطبية أكبر الحيوانات آكلة اللحوم على كوكب الأرض، وهو الأضخم بين أنواع الدببة الثمانية.
ويحتل الدب القطبي قمة السلسلة الغذائية في المنطقة القطبية، وهو يقضي معظم وقته في البحار المتجمدة، ويفترس عددا من أنواع الفقمة، ويزن الدب البالغ منه نحو 770 كيلوغراما.
والدب القطبي ضمن الأنواع المهددة بالإنقراض اذ يسهم تغير المناخ في تآكل حجم البحار المتجمدة التي يعيش بها ويصل اجمالي عددها ما بين 20 ألفا الى 25 ألفا. وتساعد نوعية طعامه على تراكم الدهون حول جسمه مما يتيح له عزل جسمه عن البرودة الشديدة المحيطة به فضلا عن الطفو فوق سطح الماء عند السباحة.
وبسبب هذه الدهون يرتفع مستوى الكوليسترول الضار أو منخفض الكثافة والدهون الثلاثية في دم الدب وهي مستويات قد تسبب أمراض الأوعية الدموية لدى الإنسان الا انه يبدو ان التحورات الوراثية في جيناته تحول دون ذلك.
ومن بين هذه الجينات جين مسؤول عن إخراج الكوليسترول من مجرى الدم وعدم دخوله الى الخلايا مما يقلل من مخاطر الإصابة بالأزمات القلبية.