"غدي نيوز"
لا تتعرف في كل يوم على رجل يحمل مزايا واندفاع الناشط البيئي فادي غانم، فهو يحمل قضايا البيئة ومشاكلها وهمومها في لبنان بقلبه وعقله، لا بل أبعد من لبنان لأن البيئة باتت قضية كونية لا تعترف بحدود جغرافية، من هنا، يأتي شعار "جمعية غدي" التي يرأسها "لغتنا خضراء"، ليؤكد من خلاله على أولية نضاله البيئي والاجتماعي والتثقيفي من أجل غد أفضل.
حبه وإيمانه بالوطن دفعاه الى ترك منصب مميز في الخارج، ليعود ومعه عدد من الشبان اللبنانيين بعد أن أشعل في قلوبهم مشاعر الحنين الى الوطن. وفي مركز "جمعية غدي" في منطقة الدكوانة كان لـ "ليبانون ديبايت" لقاء مع هذا الرجل الوطني والانساني والبيئي الطامح لمستقبل أخضر تسقط معه كل معايير السياسة وأروقتها الضيقة.
من منطقة عاليه كانت انطلاقته، هو المسؤول في مدرسة ثانوية النهضة الوطنية - دير الشير في بلدة بمكين – قضاء عاليه، سعى غانم لنشر الوعي البيئي لدى الطلاب، فكانت خطوته الأولى دفع التلامذة لخوض تجربتهم البيئية وزرع بذور الاشجار الخاصة بهم. وتكررت التجربة في مدارس عدة، ليتمكن بعدها من إنشاء أكبر مشتل في المنطقة، وأول مشتل زراعي تربوي في لبنان.
وبطموح امتد على مساحة الوطن، تابع غانم مسيرته الاجتماعية والبيئية والثقافية فأسّس في العام 2001 "جمعية غدي" التي تعنى بالقضايا البيئية ومشاكلها وانعكاساتها على الطبيعة والمواطن.
وضع غانم هذا التحدي نصب عينيه مؤكدا أن البيئة أكبر من كل الحدود وهي الوحيدة القادرة على توحيد العالم وتأمين بيئة صالحة الى الأجيال الطالعة. ومن أبرز أهداف الجمعية إدراج التربية البيئية في صلب المناهج المدرسية، ونشر الوعي البيئي من خلال المحاضرات والندوات وحث الطلاب على التعلق بالأرض والطبيعة والحفاظ عليها.
باتت "جمعية غدي" مرجعا مهما حتى أصبحت موضع ثقة السلطات المعنية على مستوى الدولة ومؤسساتها، واستطاعت ان تؤكد حضورا متمايزا على مستوى الجمعيات الاهلية في لبنان بعد إلقائها الضوء على أبرز المشاكل البيئية والصحية، ونذكر منها تحذيرها مؤخرا من فايروس كورونا المنتشر في البلدان العربية المجاورة، وخطورة انتشاره وغياب التوعية حول سبل الوقاية منه.
يعلو صوت فادي غانم عند ذكر مشكلة المرامل والكسارات لافتا الى تحذيره مرارا وتكراراً لخطورة هذا الملف. ويلفت الى قضية الحرائق المفتعلة على أيدي أعداء الطبيعة وغيرها من الملفات العالقة. ولعلّ اللوم الأكبر يقع تلقائيا على عاتق الدولة الحاضرة الغائبة بشكل عام والبلديات بشكل خاص.
ويضيف غانم أن يدا واحدة تصفق لكن عند اجتماع اليدين يكون صدى الصوت أعلى، والمقصود حس التكاتف بين منظمات المجتمع المدني، متأسفًا لغياب التعاون بين الجمعيات المعنية.
لتفعيل دور الجمعية قام غانم بإنشاء وإطلاق موقع "غدي نيوز"، وهو مجلة إلكترونية بيئية، علمية، ثقافية، واجتماعية شاملة، تسهر على تحقيق التنمية المستدامة، وتعالج قضايا الساعة بموضوعية وبانحياز إلى العلم والمعرفة، بعيدا عن السياسة وإن كانت حاضرة في ما نشهد من واقع بيئي متردٍ وصعب. ويتابع موقع "غدي نيوز" ميدانيا القضايا المرتبطة بالبيئة فيتفاعل مع المواطنين. وكان هذا التقارب والتفاعل السبب الرئيس وراء إنشاء الموقع بهدف إيجاد منبر "أخضر" بحسب تعبيره، يسهّل عملية التواصل وينشر الوعي البيئي الذي بات شبه معدوم لدى المواطن اللبناني.
يضم "موقع غدي" نيوز عددا من الشباب الأعضاء والمتطوعين الذين استطاعوا بفترة وجيزة انجاز كل ما يتطلبه الموقع من خلال متابعة قضايا مهمة في كافة المجالات والميادين المتخصصة ومواكبة العلم والتطور كمدخل أساس للارتقاء بالوطن الى مصاف الدول المتطورة، ناهيك عن حقول التواصل الاجتماعي التي أصبحت بمتناول الجميع.
وعند سؤاله إن تم ترشيحك لإحدى الحقائب الوزارية، أشار غانم المرشح لمنصب ثان لحاكم المنطقة 351 في جمعية الليونز، إلى أن من يعمل في سبيل بيئة أفضل، لا يتطلع إلى موقع لأن الغاية تبقى دائما تحقيق ما نؤمن به كبيئيين، وربط النضال الحقيقي بالوصول إلى مناصب يفقد المعنى الحقيقي لهذا النضال، وإن كنت أرى المواقع والمناصب قد تؤمن فرصا أكبر لتحقيق طموحاتنا ولكنها ليست غاية، وإنما وسيلة تعكس تطلعات الجمعية الهادفة لتفعيل دور الوزارات والبلديات ونشر الثقافة والتوعية البيئية عبر وسائل الإعلام وسائر المنابر والمناسبات وغيرها من الأنشطة.
وفي الختام يبقى أن نسترجع ذكرياتنا بأغنية السيدة فيروز" لبنان الاخضر، لبنان، حليانة الدنيا حليانة بلبنان الأخضر"، على أمل أن يعود لبنان أخضرا بدعم ومجهود الجمعيات البيئية كجمعية غدي.
عن "ليبانون ديبايت" - إيلينا بو نعمة مراد