"غدي نيوز"
أطلقت الدكتورة ليلى بركات موسوعة "بيروت عاصمة عالمية للكتاب"، برعاية الرئيس سليم الحص ممثلا بالوزير السابق محمد يوسف بيضون في فندق كراون بلازا - بيروت، وفي حضور النواب: محمد قباني، مروان فارس، فؤاد السعد، والنواب والوزراء السابقين: بهيج طبارة، شكيب قرطباوي، عادل حمية، زاهر الخطيب، ناجي البستاني، نقيب الصحافة محمد بعلبكي وعدد من السفراء وشخصيات سياسية وحزبية وثقافية وأدبية ومهتمين.
وقد تم تقديم الموسوعة مجانا الى الحاضرين وهي عبارة عن تقديم لـ 567 مشروعا وأكثر من 1200 نشاط. وتقع في 960 صفحة بالألوان من القطع الكبير، وتسلط الأضواء على أكبر عملية إستنهاض لمؤسسات وهيئات وأفراد المجتمع المدني في تاريخ لبنان الحديث الثقافي والتربوي.
بركات
بداية، ألقت الدكتورة ليلى بركات كلمة رحبت فيها بالحضور، وأشارت الى ان الموسوعة تضمنت "سنة بيروت عاصمة عالمية للكتاب من الغلاف الى الغلاف، ونطلقها اليوم بالأرقام والأسماء والتواريخ والصور".
وأشارت الى ان "العاصمة العالمية للكتاب"، لقب منحته اليونسكو لمدينة إعترافا لها بنوعية برامجها الرامية الى تعزيز صناعة الكتاب والقراءة وتقديرا لتفاني جميع الناشطين فيها في مجال القراءة والكتب". وقالت: "ثماني مدن كانت قد منحت هذا اللقب قبل بيروت - التي كانت التاسعة. وعند منحها هذا اللقب، شهدت بيروت حركة ثقافية متنوعة تكثفت حتى تصل حصيلتها إلى 567 مشروعا و1200 نشاط. وقد تم خلق دينامية ثقافية على الصعيد الوطني، تفاعلت معها هيئات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية والسفارات والبلديات والمكتبات العامة والخاصة والمدارس والجامعات والكتاب والمثقفون والفنانون، أي الجمهور الموجود في هذه القاعة. وهذا احتفال أردناه أن يكون إحتفال المجتمع المدني بامتياز".
أضافت: "في حال احتسبنا كلفة إحتفالية بيروت عاصمة عالمية للكتاب، مع الأخذ بعين الإعتبار كلفة الجهود البشرية، فسيتبين عندها أن مجموع التمويل المقدم من القطاع الرسمي لا يتعدى ثلث كلفة الاحتفالية".
وتابعت: "أملت علينا المناسبة الكبيرة، ونحن من المؤمنين بحضارة التوثيق، أرشفة ما تم تحقيقه من برنامج بيروت عاصمة عالمية للكتاب - مع إعطاء عملية الأرشفة الوقت التي تستحقه لتأتي الموسوعة كاملة. وقد لا يكون الكتاب الذي نطلقه اليوم كتابا، ولا موسوعة، بل أسطورة أبطالها هيئات ومؤسسات وأفراد المجتمع المدني. نعم، حدث بيروت عاصمة عالمية للكتاب هو أسطورة ستبقون أنتم أبطالها إلى الإبد".
سلمان
ثم تحدث ناشر صحيفة السفير طلال سلمان مرحبا بالحضور "في حفل إطلاق هذه الموسوعة المختلفة شكلا وموضوعا عما عرفتم وألفتم واقتنيتم".
وقال: "المجلد عن بيروت عاصمة عالمية للكتاب، أما الموسوعة فهي ليلى بركات، وبيروت الأميرة هي الموضوع، هي الأغنية واللحن، هي الملهم والكاتب والديوان والمطبعة، والثقافة بكل إبداعاتها شعرا وموسيقى علوما ومعارف وفنونا تغني الذائقة بنتاج العباقرة الذين يعيدون صياغة الوجدان".
اضاف: "تكتب بيروت. تقرأ بيروت. تغني بيروت. ترقص بيروت. وتمحو الحزن بحب الحياة بيروت. تكتب بيروت العرب، بأحزانهم وأفراحهم، بانتصاراتهم ونكساتهم والهزائم. تصير بيروت العرب كلهم أمام العالم. تصير بيروت العالم كله أمام العرب. هي لا تترجم. هي لا تنقل. هي هم، تعرفهم، تفهمهم، تعرف لغات الأرض جميعا من الصمت إلى الآذان بصوت أجراس الكنائس".
وتابع: "تقرأ بيروت لغات الشعوب جميعا: المقهورة بالدكتاتوريات، المنتصرة بالديموقراطية، المظلومة بالظلاميات الدينية، المبتهجة بانتفاضات الميادين. تقرأ بيروت. تكتب بيروت. تطبع بيروت. تنشر بيروت. توزع بيروت. تأتي القاهرة لتنطلق من بيروت. تأتي دمشق وبغداد وأقطار الخليج. تأتي تونس والجزائر والمغرب. تأتي باريس ولندن، وواشنطن بجامعاتها ومراكز البحث. تأتي موسكو وبكين ونيودلهي وسان باولو بالشعر والرواية وعلوم المال والاقتصاد والطريق إلى ما خلف القمر والمريخ حيث يهيم الشعراء".
وأكد ان "بيروت وطن القصيدة من امرؤ القيس إلى محمود درويش ونزار قباني واحمد شوقي ومن خليل مطران وعمر ابو ريشة والسياب ومظفر النواب إلى سعيد عقل وفيروز والرحبانة، وادونيس ومحمد علي شمس الدين وجوزف حرب وانسي الحاج. بيروت الفن والمعرض المفتوح للمبدعين من عمر الإنسي إلى مصطفى فروخ ورشيد وهبي وشفيق عبود وبول غيراغوسيان إلى حسين ماضي وحليم جرداق وأسادور وسيتا مانوكيان ورفيق شرف وهراير ووجيه نحلة وحسن جوني وإبراهيم مرزوق وموسى طيبا وصليبا الدويهي وايلي ابو رجيلي وعارف الريس وجميل ملاعب".
وراى ان "بيروت تعرف اللغات جميعا. تكتسبها، تضيف إليها، هي لا تترجم. إنها تعيد خلق الكتاب والمؤلفين. تعطيهم من القها. تنشر مؤلفاتهم مع الهواء والأغنية. تجعل فلسفاتهم أحاديث سمر"، مؤكدا ان "هذه الموسوعة هي الصورة الكاملة لليلى بركات بجهدها كمنسقة عامة لبيروت عاصمة عالمية للكتاب 2009-2010. وهي بما تتضمنه، كما بوزنها، امتحان لقدرتكم على حمل الثقافة بكل أثقالها الإبداعية".
وقال: "مع الإشارة بالتقدير إلى أن هذه المنسقة المميزة بدأبها، المنهكة بمتابعتها، قد أضافت إلى "السفير" ألقا بإصرارها على إصدار السفير الفرانكوفون، وهي تنتجها بترجمة ما تختاره من جريدة "السفير" ثم تشرف على التصحيح والطباعة والتوزيع والإعلان.. حتى وصول النسخ إلى قرائها ومعرفة ردود فعلهم على هذا المنتج الفريد في بابه والذي زاد من رصيد "السفير" وأدخلها إلى أوساط لم تكن تقرأها بلغتها الأم، العربية، فهل أقل من أن نشكرها طالما سنحت الفرصة بحضوركم معنا هنا؟".
وشكر الرئيس الحص "على تشريف هذا الاحتفال برعايته، وللصديق العارفة محمد يوسف بيضون على إغنائنا بوجوده، مع خالص التقدير لمن جاء مشاركا بيدين فارغتين ليعود بحمل ثقيل يحمل بصمات ليلى بركات وكنوز ما تضمنه ذلك المعرض المميز: بيروت عاصمة عالمية للكتاب".
بيضون
وفي الختام، ألقى بيضون كلمة راعي الاحتفال الرئيس الحص قال فيها: " شرف لي أن أكون ممثلا لضمير لبنان دولة الرئيس سليم الحص. سليم الحص لا يحتاج الى تعريف. وقبل أن ألقي كلمته، أستميح الحضور عذرا إن خصصت دقائق للكلام عن طلال سلمان وليلى بركات. فهما بغنى عن التعريف، ويصعب على الألقاب أن ترفعهما".
اضاف: "الاستاذ طلال سلمان بدأ مشواره، كصاحب جريدة مع السفير، تحت شعار "صوت لمن لا صوت له". أرادها "جريدة لبنان في الوطن العربي وجريدة الوطن العربي في لبنان". وكان له ما أراد، بعزيمة وإصرار. تبنى قضايا العرب جميعها، وعلى رأسها بطبيعة الحال، القضية الفلسطينية. عروبته كانت وبقيت البوصلة التي تحدد طريقه".
وتابع: "الدكتورة ليلى بركات، حالة لا مثيل لها. فهي على الدوام تشعر بجوع للإستزادة بالعلم. فمن شهادة الى أخرى ومن عالم الى آخر. ما كلفت بمهمة الا واجهتها بتحد وخرجت منها رافعة علم الامتياز. عملها لا يتوقف لا في الليل ولا في النهار واذا أخذت قسطا من الراحة فلكي تترك عقلها يعالج أمرا تريد له حلا. ما عرفت في حياتي إنسانا لا تعنيه نفسه. الأيام عندها أيام عمل كلها. فقاموسها لا يتسع لكلمة "عطلة" أو لكلمة "عيد" فكلاهما، العطلة والعيد أيام كسائر الأيام. أنعجب بعد ذلك من عملها الذي سيوزع نتاجه عليكم في نهاية هذا الاحتفال؟ علما بأنها المرة الأولى في لبنان التي تشهد توثيقا بمستوى عالمي لحدث ثقافي في أهمية "بيروت عاصمة عالمية للكتاب".
وقال: "ها قد أنهيت دور المعرف وأعود الأن الى كلمة الرئيس سليم الحص، عرفت بيروت بالكتاب العربي وعرف بها. ان كان الكتاب العربي عاصمة فلا بد أن تكون بيروت. هذه مفخرة العاصمة اللبنانية".
اضاف: "تصدر كل عام مجموعات كبيرة من الكتب، فيها الغث وفيها السمين. والكتاب هو رسول رسالته هي المعرفة بما تحمل من معان في حجم التراث والحضارات. حافظت بيروت على هذه المكانة لمدة طويلة من الزمن. وقد ساعد في ذلك موقع بيروت في العالم العربي، وذلك بتمسك العاصمة اللبنانية بأهداب الحرية الفكرية وحرية التعبير والانفتاح على العالم العربي أجمع. واللبنانيون يعتزون بهذه المكانة المميزة ويجهدون الى تعزيزها. وهي تنعكس على اقتصاد لبنان عموما، فحرية الفكر والتعبير والكتاب جزء لا ينفصل عن ثقافة اللبناني لطالما كانت العلامة الفارقة التي ميزت المجتمع اللبناني حتى أنه بات نظاما ملزما بحياة اللبنانيين. واللبنانيون متمسكون بنظامهم هذا ويعتزون به. وهذا ما جعل للبلد العربي الصغير مكانة خاصة في العالم العربي، وليس بين اللبنانيين بدائل مطروحة".
وتابع: "إذا كانت الحرية طابع لبنان المميز، فانها ستبقى كذلك باذن الله وبفضل إرادة اللبناني وتصميمه على ما نشأ عليه من حريات وانفتاح ويقينه من أن ذلك مصدر حياته وازدهاره. فلا خيار غير ذلك أمام اللبناني. والرهان معقود على وعي اللبناني وإخلاصه لانتمائه الوطني وايمانه بضرورة احترام تنوع الثقافات والمعتقدات والأديان في لبنان التي لطالما كانت بيروت ولم تزل عنوانا ومثالا ونموذجا لكل العالم. واللبناني متشبث بهذا الانموذج لحياته واقتصاده تحديدا. فالتجارب أثبتت بما لا يقبل الجدل جدوى هذا الانموذج. لذا ليس من بدائل مطروحة له. ويبقى لبنان الانموذج الحي لهذه التجربة الخلاقة. واللبناني يدرك تمام الادراك أن هذه مهمته فلا يمكن التخلي عنها من قريب أو بعيد. بيروت ستبقى عاصمة للكتاب والثقافة مهما اشتدت عليها الأزمات والمحن الطائفية والمذهبية البعيدة كل البعد عن مفهومنا وتربيتنا وعن بيروت أم الشرائع. ومن المحتم أن يبقى لبنان على هذا النحو الى ما شاء الله".
يذكر ان ليلى بركات عملت كمنسقة عامة لـ "بيروت عاصمة عالمية للكتاب"، وهي الآن مديرة ملحق "السفير الفرنكوفوني" ورئيسة فريق خبراء دوليين في مشروع ممول من قبل الاتحاد الأوروبي في الأردن.