"غدي نيوز"
إفتتح المؤتمر الرابع للمسؤولية الإجتماعية للشركات بعنوان "الدور الإيجابي للأعمال في البيئة والمجتمع"، برعاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في فندق "فينيسيا" الذي نظمته شركة "سي أس آر لبنان" بالتعاون مع الإتحاد الأوروبي ممثلا بممثلة بعثته في لبنان السفيرة انجلينا ايخهورست، غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان، المؤسسة العامة لتشجيع الإستثمارات "ايدال" وغرفة التجارة الأميركية - اللبنانية.
حضر المؤتمر الرئيس نجيب ميقاتي، وزير البيئة محمد المشنوق، النائب جان اوغاسبيان، الوزير السابق عدنان القصار، نائب حاكم مصرف لبنان رائد شرف الدين، رئيس مجلس إدارة شركة "الميدل-ايست" محمد الحوت، رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان محمد شقير، رئيس مجلس ادارة "ايدال" نبيل عيتاني، رئيس مجلس إدارة بلوم بنك سعد الأزهري، رئيس مجلس إدارة شركة "الفا" مروان حايك وعدد من رؤساء المؤسسات المالية وخبراء اقتصاديون ومهتمون.
بعد كلمة تقديم وترحيب وشرح لأهداف المؤتمر ألقاها رئيس مجلس إدارة "سي. آس.آر.- لبنان" خالد القصار، ألقى شقير كلمة قال فيها: "صحيح ان هذه المفاهيم بدأ تداولها على نطاق واسع بعد الازمة الاقتصادية والمالية العالمية الاخيرة، لكن هذا الامر لم يكن غريبا يوما عن بيئتنا ومجتمعنا وقطاعنا الخاص، فمصرف لبنان والمصارف اللبنانية والكثير من الشركات اللبنانية، دأبت منذ زمن على تخصيص مبالغ كبيرة من ميزانياتها لتفيذ مشاريع اجتماعية وتنموية، ورغم ذلك فان لبنان لا يزال بعيدا نوعا ما عن تطبيق مفاهيم وافكار المسؤولية الاجتماعية للشركات، ولا بد من عمل مشترك لتعميمه وصولا الى ادخاله في صلب استهدافات وادبيات شركاتنا الوطنية، للتحول من مجرد افكار ومفاهيم يتم تداولها الى قناعة تعمل الشركات على تطبيقها".
أضاف: "نتحدث اليوم عن المسؤولية الاجتماعية للشركات، وفي المقابل وفي خضم ما يحصل من لهيب مستعر في المنطقة، تطال تداعياته وطننا لبنان على كل المستويات، لا سيما الاقتصادية والاجتماعية، نسأل أين هي مسؤولية القيادات السياسية تجاه البلد برمته؟ اين مسؤوليتها تجاه انتخاب رئيس الجمهورية واستقامة المؤسسات الدستورية؟ وكذلك تجاه تحقيق الاستقرار والامن والأمان؟ أين مسؤوليتها في توفير كل الظروف الملائمة للنشاط الاقتصادي والاعمال؟ أين مسؤوليتها في توفير الخدمات وابسط سبل الحياة الكريمة للمواطنين؟ الوضع بات في غاية الخطورة، والتراجع يطال كل شيء في البلد. وانا اليوم امامكم لن اغير عادتي بقول الحقيقة كما هي، فها نحن نعبر من العام 2014 الى العام 2015، فيما الوضع يزداد سوءا ولا شيء يدعو الى التفاؤل، فالنتائج المسجلة لدى معظم القطاعات سلبية، في حين لا نعرف ما ينتظرنا في العام المقبل".
واعتبر شقير أن "انتخاب الرئيس سيكون فاتحة الحلول لأنه من دون ذلك لا ينتظرن احد سلوك درب الخلاص".
ودعا "أهل السياسة الى الصوم عن الكلام وتخفيف الظهور الاعلامي والابتعاد عن القضايا الخلافية والتهدئة، لإتاحة المجال للشركات لتحقيق بعض الارباح وتقليص الخسائر التي تكبدتها خلال هذا العام، ولترك الناس تعيش فرح الاعياد باطمئنان وراحة بال".
الأزهري
وكانت كلمة للأزهري تحدث فيها عن المعايير البيئية التي يعتمدها "بلوم بنك" والنشاطات المتعلقة بهذا الدور.
حايك
وتناول حايك دور الشركة في اعتماد المسؤولية الاجتماعية وخصوصا لجهة وسائل النقل والإمكانات التي توفرها الشركة لمساعدة المعوقين.
سلامة
أما سلامة، فقال: "لا شك في أن الأزمة الاقتصادية العالمية، وما كان لها من عواقب على المستوى الاجتماعي، قد زعزعت ثقة المستهلك في قطاع الأعمال. من هنا كان التوجه الكبير مؤخرا لإعادة الثقة في المؤسسات المالية والمصرفية من خلال التركيز على الأداء الاجتماعي والأخلاقي لهذه المؤسسات وتجديد الجهود الرامية إلى تعزيز المسؤولية الاجتماعية لديها. كما أن مواجهة الأزمات، وخصوصا أزمة العام 2008، قد غيرت طبيعة عمل المصارف المركزية التي لم تعد تعتمد فقط على الأدوات التقليدية في تنفيذ سياساتها النقدية، بل أصبحت تلجأ إلى هندسات أخرى من ضمنها ما يفيد الاقتصاد والمجتمع. لقد أصبح لدى المصارف المركزية دورا مهما في اقتصادات العالم من خلال مساندة الحكومات في خلق الظروف المؤاتية لتحقيق النمو المستدام، وتوفير الإمكانات لإعادة إحياء سوق العمل".
أضاف: "إن نمو الاقتصاد يرتكز بشكل أساسي على صحة وسلامة المجتمع والعكس صحيح إذ لا وجود لمجتمع سليم في غياب الاقتصاد المرتكز على أسس متينة والمواكب للتطورات العالمية. ولقد دأب مصرف لبنان منذ سنوات على تأمين المناخات المناسبة لتحسين المستوى المعيشي لدى المواطن اللبناني من خلال تحقيق تراجع في الفوائد واستقرار في الأسعار والمحافظة على القدرة الشرائية لديه، وأيضا من خلال تجنيب لبنان العديد من الأزمات الاقتصادية ومفاعيلها الاجتماعية".
وشرح سلامة الحوافز التي قدمها المركزي خلال الأعوام الماضية، وقال: "ساهم مصرف لبنان عن طريق هذه الحوافز بتعزيز فرص التعليم لحوالي عشرة آلاف طالب، فضلا عن المساهمة في تأمين الاستقرار الاجتماعي والعيش الكريم عن طريق توفير المسكن لحوالي 100 ألف عائلة. وفي الشأن البيئي، فقد شكلت حوافز مصرف لبنان فرصة لإطلاق المشاريع التي تحافظ على بيئة قليلة التلوث والمخاطر وما لذلك من منافع على صحة المواطن، فضلا عن مشاريع الطاقة البديلة التي لا تقتصر ايجابياتها على صحة المواطنين فحسب بل لها منفعة اقتصادية فهي تؤمن وفرا بكلفة الطاقة على ميزانية الأسر والمؤسسات والدولة. ان تغطية حاجات لبنان الحالية تتطلب استيراد الطاقة بمبلغ 6 مليارات دولار سنويا. فإن استطعنا توفير 10 الى 20 بالمئة من هذا المبلغ، سوف يتحسن ميزان المدفوعات بنسبة كبيرة. وقد لاحظنا أن اهتمام المصارف زاد بالشق البيئي، وفق ما يتبين من طلبات القروض المرسلة إلينا بخصوص مشاريع صديقة للبيئة، لا سيما في قطاع البناء، والتي تجاوز مجموعها الـ100 مليون دولار. ومن المبادرات البيئية التي قام بها مصرف لبنان أيضا إنشاء "السطح الأخضر" في مركزه الرئيسي في بيروت، وهو مشروع ريادي في لبنان والمنطقة ويؤمل أن تعتمده المؤسسات في القطاعين العام والخاص، باعتبار أن استحدات الحدائق في المدن بات أمرا مستحيلا".
أضاف: "ولمصرف لبنان مبادرات في مجال الثقافة والفكر، ومن أهمها إنشاء متحف مصرف لبنان الذي يعرض تاريخ المصرف ويضم مجموعة نادرة من العملات والنقود التي عرفها لبنان منذ أقدم العصور، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من عملات دول أجنبية وعربية. وفي مجال المعرفة، فإن ثقتنا بمستقبل لبنان دفعتنا إلى ابتكار هندسة مالية تمكن المصارف من المساهمة في مؤسسات تعتمد على المعرفة، والهندسة ذاتها تؤمن تغطية مخاطر 75 بالمئة من هذا الاستثمار. فلأول مرة في لبنان، تتوفر إمكانيات تصل إلى 400 مليون دولار أميركي موضوعة بتصرف الإبداع والابتكار للاستفادة من الطاقة البشرية وخلق مؤسسات جديدة تغني الاقتصاد وتؤمن فرص عمل. وحتى هذا التاريخ، قام العديد من المصارف بتخصيص الأموال اللازمة لهذا النوع من الاستثمار. ونحن ندعو جميع المصارف العاملة في لبنان إلى أخذ مبادرة مماثلة".
ورأى سلامة ان "النمو الاقتصادي اللبناني والنمو في قطاع المصارف حاليا، يعتمدان إلى حد كبير، على التسليفات والتحفيزات التي يطلقها مصرف لبنان". وقال: "في العام 2013، تبين أن 50 بالمئة من النمو في الناتج المحلي يعود إلى تحفيزات مصرف لبنان، لذلك أعدنا تجديدها في العام 2014".
وتابع: "نحن على استعداد لإطلاق رزمة حوافز جديدة للعام 2015 بحوالي مليار دولار لأن السبب ما زال موجودا، وهو عدم الاستقرار السياسي والأمني، كما ان الطلب الخارجي ما زال ضعيفا على الاقتصاد اللبناني، وبالتالي علينا تحفيز الطلب الداخلي. إن جميع هذه المبادرات تصب في مصلحة إعادة تكوين الطبقة الوسطى وتحسين مستوى المعيشة لدى شريحة كبيرة من اللبنانيين. نحن نؤمن بحق كل مواطن التمتع بمستوى معيشي لائق، لذلك ندعو إلى تضافر الجهود وتوزيع المسؤوليات على جميع الجهات المعنية من خلال إيلاء موضوع المسؤولية الاجتماعية الاهتمام اللازم، ونحن إذ نثمن مبادرات القطاع الخاص، ندعو جميع المصارف والمؤسسات المالية العاملة في لبنان إلى تخصيص جزء من ميزانيتها لخدمة المجتمع وتحسين نوعية الحياة فيه".