"غدي نيوز"
نجحت التدابير الطارئة التي أدخلتها باريس لخفض عدد المركبات على الطرق في الحدّ بنسبة كبيرة من الضباب الدخاني الضار، هذا الضباب الذي حلّ بالعاصمة الفرنسية، ولذلك لاقت هذه الخطوة الاستحسان والتأييد من قبل المواطنين الفرنسيين والمدافعين عن البيئة من منظمات عالمية وفرنسية.
وصرحت الشرطة الفرنسية بأن هناك تدابير اتخذت لخفض الاختناقات المرورية في باريس وحولها بنسبة تصل إلى 40 بالمئة، وأنه قد تم إيقاف السائقين وتطبيق غرامات فورية تبدأ من 22 يورو (16 جنيها إسترلينيا) بسبب انتهاكهم النظام.
فقط تم السماح، الاثنين الماضي، للسيارات "النظيفة"، وتلك التي تحمل لوحات رقم متفاوتة أو المركبات التي تحمل أكثر من 3 أشخاص لدخول باريس و22 من المناطق المحيطة بها في محاولة لخفض مستوى الجسيمات المنبعثة من محركات الديزل، بحسب ما أشار موقع "العرب اليوم".
وصدرت الأوامر للمركبات أيضا بالسير بحد أقصى 20كم/ساعة، كما أرسل 500 ضابط لـ501 من الطرق المزدحمة لفرض النظام وتحصيل الغرامات من المخالفين، كما تم تشجيع المواطنين على ترك سياراتهم والتعامل مع المواصلات العامة التي أصبحت مجانا بشكل مؤقت.
باريس المدينة الأكثر تلوثا في العالم
وذكر المشاة وراكبو الدراجات في المدينة أن التلوث أصبح أسوأ بشكل مطرد على مدى الأسابيع القليلة الماضية، كما بلغ ذروته لعدة ساعات الأربعاء الماضي، وتكونت سحابة من الدخان لتحجب تماما المعالم الشهيرة في المدينة، بما في ذلك برج إيفل، لذا تم إعلان باريس المدينة الأكثر تلوثا في العالم، أي اسوأ من شنغهاي، التي تتصدر عادة تلك القائمة.
وكان تأثير الحظر عن بعض أكثر الطرق ازدحاما في العاصمة واضحا، صباح الاثنين الماضي، فالشوارع والطرق الرئيسية المتجهة إلى الأوبرا وساحة دو لا ربابليك "الجمهورية"، كانت سلسة تماما.
وذكرت روزا، التي تعمل حارس عقار بالقرب من شارع سانت مارتن: "أستطيع أن أتنفس، ياربي، إن هذا الصباح هادئ". وكان رد الفعل ذاته بالنسبة لمحاور المدينة الرئيسية في شمال وجنوب نهر السين.
وهذه المرة الثالثة منذ العام 1997 التي لجأت فيها سلطات المدينة إلى هذه التدابير في حالات الطوارئ.
وقيل إن هذا الوقت من العام الماضي عندما يصدر حظرا مماثلا يستغرق يومين ويكون له أثر إيجابي على الهواء، والحدّ من الجسيمات "بي.إم 10" وأكاسيد النيتروجين السامة (أكاسيد النيتروجين).
صراع سياسي
ويذكر الخبراء أن السبب في المشكلة هو أول أوكسيد الكربون والجسيمات "بي.إم 10" الصادرة عن المركبات، وعدم وجود رياح لتفريق تلك الملوثات والظروف الجوية الأخرى، بما في ذلك أشعة الشمس إلى جانب وجود انخفاض في درجات الحرارة، مما يؤدي إلى غطاء راكد من الهواء الدافئ على باريس.
وذكر مارتين بيتز، مصور ألماني يعيش في باريس، أنه بالكاد يستطيع التنفس عند ركوب الدراجة إلى العمل، مضيفا: "لقد أصبح التلوث ملحوظ للغاية ومثير للقلق، وبصرف النظر عن قطع أنفاسي، عندما أصاب بالسعال يستغرق مني الأمر شهرين للشفاء منه بدلًا من أسبوعين".
ومع ذلك، أثارت حالة الطوارئ صراعا سياسيا بين وزير البيئة الاشتراكي سيغولين رويال، ورئيسة بلدية المدينة آن هيدالغو.
بعد أن تم التصريح بأن التلوث من غير المرجح أن يذهب دون اتخاذ تدابير الطوارئ، من هنا طالبت هيدالغو الشرطة بفرض حظر حركة المرور الجمعة الماضية.
بعد هذا الخلاف الذي ظهر إلى الرأي العام عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي، وافقت وزيرة البيئة على الحظر، ولكن ليس دون اتهام هيدالغو بالفشل في الحصول على "سياسة نقل حقيقي" للتعامل مع مشكلة التلوث.
وبدورها، أعلنت رويال أيضا أنه بسبب حدوث تحسن في نوعية الهواء، لن يتم تجديد نظام حركة المرور بالتناوب. وأشادت بـ"السلوك العام لسائقي السيارات الذين فهموا ضرورة هذا الإجراء".