fiogf49gjkf0d
"غدي نيوز"
نجح باحثون في جامعة هولندية من استخدام تربة تحاكي في تركيبتها تلك الموجودة على سطح المريخ لزرع نباتات يستعملها الإنسان في غذائه. بحوث قد تزيح عقبة جديدة من طريق "استيطان" البشر لكوكب المريخ.
لكل من شاهد فيلم "المريخي" (The Martian - 2015) ومحاولات رائد الفضاء مارك واتني (الذي أدى دوره مات ديمون) لزرع بطاطا على سطح المريخ قد تتحقق فعلا على أرض الواقع، والخيال العلمي الذي جاء به الفيلم قد يصبح حقيقة علمية بفضل جهود باحثين من جامعة واغنينغن الهولندية.
وقام هذا الفريق من الباحثين بزراعة نباتات في تربة تشبه في تركيبتها تلك الموجودة على أقرب جُرمين للأرض: المريخ والقمر. وشملت التجربة عشرة نباتات من بينها الطماطم والبازلاء والشيلم المزروع (أو حبوب الجاودار) وغيرها. وبدأت التجربة في أبريل/نيسان من العام الماضي ودامت ستة أشهر.
محاكاة التركيبة الكيميائية لتربة المريخ
وتحمل النتائج بشرى لكل من يريد "استيطان" المريخ، فإنتاج الكتلة الحيوية في التربة التي تحاكي تربة المريخ كان أقل مما تنتجه تربة كوكب الأرض، لكن الفرق يبقى ضئيلا بحسب قائد فريق البحث، الدكتور فيغر واملينك.
ويضيف واملينك "شكل الأمر مفاجأة حقيقية بالنسبة لنا. لقد أظهرنا أن التربة التي تشبه تلك المتواجدة في المريخ تملك قدرات واعدة إذا تم تحضيرها وسقيها بالطريقة الصحيحة".
ولمحاكاة التركيبة الكيميائية لتربة المريخ والقمر، استقى فريق البحث عينات كافية من أوعر المناطق على سطح الأرض: من بركان في جزر هاواي يشبه المريخ ومن صحراء أريزونا الأمريكية التي تضاهي قحولة القمر. تم خلط هذه الأتربة بعشب مقصوص ثم وضعت في صواني لتسهيل سقي النباتات المزروعة فيها. وتضمنت صواني أخرى عيناتِ مقارنة تحتوي على تربة أرضية عادية مع سماد.
وتمكن الباحثون من زرع تسع غلال غير الطماطم وهي الفجل والسبانخ والبازلاء والرشاد والثوم المعمر والشيلم المزروع (أو حبوب الجاودار) والكينوا والجرجير المزروع (أو الكثأ) والكراث (أو البقل).
عقبات وآمال
لكن، على الإنسان أن يتريث قبل أن يرى فعلا نباتات تنمو على سطح المريخ أو القمر، فالتجربة يجب أن تمر بسلسلة من التحقيقات والاختبارات كما هو معهود في عالم الاكتشافات والعلوم. إذ لم تنشر بعد جامعة واغنينغن وفريق البحث نتائج التجربة في مجلة علمية متخصصة، رغم أن الإعلان جاء من مركز بحث واغنينغن ذي المصداقية الكبيرة والسباق في المجال. ويفرض المنهج العلمي التحقق من نتائج أي تجربة من طرف ثلاثة زملاء متخصصين قبل نشرها في مجلة علمية. هذا المسار قد يأخذ عدة أشهر.
بالإضافة إلى ذلك، الدراسة تحاكي تركيبة تُربتيْ المريخ والقمر فقط، ولا تهتم بالظروف الأخرى على سطح الجُرمين كالإشعاعات الفضائية القوية ودرجات الحرارة التي قد تكون عالية أو منخفضة بشكل كبير. فقد نمت النباتات خلال الدراسة في دفيئة من زجاج وضمن الغلاف الجوي للأرض مع احترام درجات حرارة ورطوبة وإضاءة مستقرة. لكن فيغر واملينك يشرح : "عندما تتم عملية زرع تلك النباتات في المريخ والقمر، نتوقع أن تكون في غرف تحت السطح لحماية النباتات من الظروف القاسية هناك". غير أنه يبقى من الصعب توقع مدى تأثير ظروف كوكب آخر على العملية.
ويظل الهاجس الأكبر أمام هذه التجربة هو تحديد ما إذا كانت النباتات التي زرعت قابلة للأكل أم لا "فتربة المريخ تحتوي على معادن ثقيلة كالرصاص والزئبق والكثير من الحديد" يقول فيغر واملينك.
ويقوم فريق البحث بمعاينات أخرى وبتحضير تجارب جديدة في الموضوع تبدأ في أبريل/نيسان المقبل. وتعمل فرق علمية أخرى في المجال نفسه.
وتكمن أهمية تجربة جامعة واغنينغن، ورغم المشاكل التي ما زالت معلقة، في أنها تثبت مرة أخرى أن الإنسان يقترب بخطى ثابتة نحو توفير غذائه في المريخ وزرع خضر ونباتات في الفضاء. وكان فريق من العلماء نجح العام الماضي في زراعة خضراوات في المزرعة الفضائية المتواجدة في محطة الفضاء الدولية، والتي بدأت العمل في 2002 في مهمة هي الأولى من نوعها، وهي دراسة وتطوير التكنولوجيات اللازمة لنمو النباتات في ظروف خاصة متعلقة بالجاذبية والمتغيرات الأخرى في مدار الأرض.