"غدي نيوز"
أنور عقل ضو -
فيما يتوقع خبراء أن يزداد عدد السكان في "دول حوض النيل" Nile Basin countries بحلول عام 2050، مرجحين أن يتخطى المليار نسمة، تؤكد دراسات جديدة أن هذه الزيادة تعني تنامي الطلب على مصادر المياه.
إلا أن ما يضاعف قلق الدول في حوض النيل ما بات واضحاً لجهة التغيرات المناخية، وقد أدت خلال السنوات العشر الأخيرة إلى اختلالات من حيث التباين في حجم تدفقات مياه نهر النيل، بين جفاف في بعض السنوات وفيضانات في سنوات أخرى، وإن لم يتردَّ ويتراجع تدفق مياه النهر إلى مستويات خطيرة.
نزاعات وحروب محتملة
لكن هل ستبقى هذه المشكلة في معزل عن الصراعات السياسية والعسكرية بين دول الحوض؟ إذا أخذنا في الاعتبار أن المحللين الاستراتيجيين والخبراء الدوليين يؤكدون منذ أواخر القرن الماضي، أن حروب المستقبل ستنشأ للسيطرة على مصادر المياه في العالم، فهذا يعني أن منطقة وادي النيل ستكون أرضا خصبة لنزاعات وحروب محتملة.
هذا ولا يقتصر الأمر على الصراع بين مصر وإثيوبيا على خلفية بناء الأخيرة "سد النهضة" فحسب، خصوصا وأن الدول المستفيدة من مياه النيل غير متفقة، لا سابقا ولا الآن في ما بينها، وهي: إثيوبيا، أريتريا، أوغندا، السودان، جمهورية الكونغو الديموقراطية، جنوب السودان، بوروندي، تنزانيا، رواندا، كينيا ومصر.
حروب المستقبل!
كل ذلك، يؤكد جملة الأسئلة والهواجس ساقها الدكتور عمر فضل الله في كتابه "حرب المياه على ضفاف النيل... حلم إسرائيل يتحقق"، ولا سيما في الجزء الذي تناول فيه البعد السياسي للخلافات حول المياه، ملخصا الأزمة الحالية بين دول حوض النيل وأبعادها، ومتناولا الاتفاقيات المبرمة والمبادرات والقوانين المتعلقة بتوزيع حصص المياه، فضلا عن الدور الإسرائيلي في أزمة المياه الحالية، والوجود الاسرائيلي في كل من جنوب السودان وإثيوبيا وكينيا وتنزانيا وأرتريا ورواندا وبوروندي، وسعيها من خلال نشاطها في هذه الدول لخنق مصر والسودان، والسيطرة على مصادر ومنابع المياه.
لقد بات الدور الإسرائيلي واضحا في ما تشهد دول حوض النيل من أزمات وصراعات، تدخلا وصل إلى حد تقديم الدعم العسكري لإثيوبيا، لكن ما تزال الأزمات القائمة في حدود يمكن استيعابها، وإبعاد شبح الحرب عن المنطقة في المدى القريب، إلا أن ما تراهن عليه إسرائيل يبقى متمثلاً في تفاقم أزمات المياه بين دول الحوض، وستكون الزيادة في عدد السكان والنتائج المتوقعة لظاهرة الاحتباس الحراري، من العوامل المساعدة لنشوب حروب في المستقبل!
مصر والسودان
وإذا ما أخذنا في الإعتبار أن السيطرة على مياه النيل وتحويلها لصالح اسرائيل تمثل حلما اسرائيليا، فهذا يعني أن مصر ستكون "محاصرة مائيا".
وتكفي الإشارة، بحسب فضل الله، إلى أن "مشروع سد النهضة وظفته اسرائيل في تحريض اثيوبيا لتصعيد مواقفها ضد مصر، حيث أن السد يقام على أحد أهم موارد نهر النيل".
ولا بد أن نتذكر بأن الإعلان عن بناء السد جاء بعد ساعات قليلة من قيام عدد من دول المنابع، وهي: إثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا بالتوقيع على اتفاقية جديدة للمياه بمدينة عنتيبي الأوغندية دون مشاركة دولتي المصب، أي مصر والسودان!