أنور عقل ضو
أسئلة مقلقة يطرحها علماء وخبراء المناخ حيال ارتفاع درجات الحرارة في "القارة القطبية الجنوبية" Antarctica، خصوصا إذا علمنا أن هذه المنطقة تعتبر المكان الأكثر برودة على سطح الكوكب الأزرق.
وما رصده العلماء تباعا بدأ يثير مخاوف من شأنها تهديد النظم البيئية في القارة القطبية من جهة، وعلى مستوى ارتفاع منسوب المحيطات والبحار من جهة ثانية، ذلك أن ذوبان الجليد القطبي يهدد - وفقا للخبراء - الدول الجزرية في العالم، ومن بينها فيجي التي سترأس مؤتمر المناخ COP23 في مدينة بون الألمانية، وقد تم اختيار فيجي لاستضافة المؤتمر تأكيدا على التضامن مع الدول والمدن المهددة بالغرق، وإن لم تتمكن فيجي من استقبال المؤتمر لعدم قدرتها على تنظيم هذا الحدث الدولي.
ظاهرة مناخية مخيفة
ويأتي خروج الولايات المتحدة الأميركية مؤخراً من "اتفاقية باريس" للتغير المناخي، ليزيد من قتامة المشهد حول قضية الاحتباس الحراري، ولم يكن من قبيل الصدفة أن يوجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نداء إلى جميع الخبراء حول العالم لحشد كل الطاقات والجهود الدولية لمكافحة ما اعتبره بـ "الظاهرة المناخية المخيفة"، حتى أن العلماء أنفسهم أصبحوا قلقين من الإشارات المخيفة التي يراقبونها منذ سنوات عديدة. بحسب موقع "نوميراما" الفرنسي.
وفي هذا السياق، أظهرت دراسة حديثة أعدها علماء مناخ في الولايات المتحدة الأميركية، حول الاحتباس الحراري في القارة القطبية الجنوبية Antarctica، مجموعة من "الإشارات المقلقة" عن ذوبان الكتل الجليدية في الجزء الغربي من القطب الجنوبي. والتي ظهرت على شكل هطولات مطرية في ذلك المكان.
عوامل عديدة
ونشرت مجلة "نيتشر كومينيكيشن" Nature Communications مقالة حديثة اشارت فيها إلى ما وجده علماء المناخ في "معهد سكريبس لعلوم المحيطات" Scripps Institution of Oceanography وجامعة "أوهايو" Ohio University من أن ثمة تغيرا وعدم انتظام في طبيعة المناخ الأمر الذي تسبب في هطول أمطار على غربي القارة القطبية الجنوبية.
واعتبرت هذه الظاهرة نتيجة لعوامل عديدة، وخصوصاً ارتفاع درجات الحرارة في الغلاف الجوي وفي المنطقة البحرية هناك. وعزا العلماء الذين قاموا بتحليل ظاهرة التغير المناخي هذه الذوبان غير الطبيعي لإحدى سطوح قطعة من القارة المتجمدة التي تمثل مساحتها ما يقارب 770 ألف كلم مربع، وهي أكبر بقليل من مساحة ولاية تكساس الأميركية، على ما أشارت "قناة العالم" الإيرانية.
يشار إلى أن أكبر "جرف جليدي (روس)" Glacier Ross الذي كان يتموضع في القارة المتجمدة ذاب بسبب ظاهرة الـ"نينو" التي تحدث اضطرابات في حركة الدوران الجوي بين خط الاستواء والقطبين المتجمدين (الشمالي والجنوبي)، والتي تمنع بدورها صعود الهواء البارد مجدداً.
عواقب وخيمة
وتتسبب هذه الظاهرة بخلق الهواء الساخن والرطب في آن واحد، ما يؤدي إلى ذوبان سطح الأنهار الجليدية الضخمة، بحسب ما أشار موقع "سبوتنيك" الروسي، ومع عملية التكثف لبخار الماء، فإنه في نهاية المطاف نحصل على أمطار غير اعتيادية، تسهم بشكل أكبر في ذوبان الثلوج السطحية.
ولا تزال القارة القطبية الجنوبية تعتبر المكان الأكثر برودة على سطح الكوكب، وفقط مع هذا النوع من الظواهر، فإن العواقب ستكون وخيمة سواء على ارتفاع درجات الحرارة أو بارتفاع منسوب مياه المحيطات في المستقبل.
كما أن تكسر جزء من الكتلة الجليدية الجنوبية أمر ممكن وهو ما سيكون سبباً مباشراً ومفاجئاً لارتفاع منسوب مياه المحيطات، علماً أن القارة الجنوبية لوحدها يمكن لجليدها رفع منسوب المياه إلى أكثر من 3 أمتار!