"غدي نيوز" – مروة هلال
ثمة كائنات انتشرت عبر التاريخ في غير موطنها الأصلي، حتى أننا لا نعلم الكثير عن ظروف انتقال وتكاثر بعض أنواعها، فعلى سبيل المثال، أشار رئيس "مجلس البحوث العلمية" في لبنان البروفسور جورج طعمة، في أحد اللقاءات العلمية، وبالاستناد إلى دراسات، إلى أن "الهامستر" موطنه الأصلي مدينة حلب، فيما هناك أمثلة كثيرة تثير الدهشة حين نعلم مواطنها الأصلية، من حيوانات ونباتات وأشجار.
التاريخ الجيني للقطط
في هذا السياق، توصل باحثون إلى أن القطط الموجودة في أوروبا تنحدر من مصر وتركيا. ويعتقدون بأن تربية القطط بدأت قبل 9 آلاف سنة، حيث كان الهدف من تربيتها مكافحة الفئران لحماية الحبوب المخزنة.
وقال باحثون من عدة دول إن أسلاف القطط الحالية في أوروبا تنحدر من مصر ومنطقة تركيا الحالية. وأوضحوا في دراستهم التي نشرت في مجلة "نيتشر ايكولوجي اند ايفولوشن" nature ecology and evolution أنهم استطاعوا استعادة التاريخ الجيني للقطط، وذلك بالاعتماد على تحليل عينات من الحمض النووي تعود لتسعة آلاف سنة ماضية. وتشير استطلاعات للرأي إلى أن هناك أكثر من 13 مليون قطة منزلية في ألمانيا، وأن أسلافها البرية تنتسب للقط البري الذي ينقسم إلى خمس سلالات فرعية، نجح الإنسان في استئناس واحدة منها فقط، وهي سلالة القط الليبي، أو الصحراوي، أو الأفريقي.
مكافحة الفئران
درس الباحثون تحت إشراف كلوديو أوتوني، الذي يُدرس في "جامعة لوفان" البلجيكية، و"جامعة باريس ديدرو"، تطور هذه السلالة إلى أن أصبحت القط النمري المستأنس.
وحلل الباحثون في سبيل ذلك بقايا أكثر من 200 قطة تعود للتسعة آلاف سنة الماضية من بينها حيوانات عثر عليها في أماكن متحجرة، وكذلك مومياوات من مصر القديمة وحفريات لشعوب الفايكنغ الجرمانية في الدول الاسكندنافية.
حصل الباحثون وعلماء الحفريات على عينات الحمض النووي لعظام القطط وأسنانها، ثم قارنوا هذه العينات بمواد جينية لقطط اليوم. وخلص الباحثون - بحسب DW ووكالات الأنباء الألمانية (د ب أ) - من خلال النتائج التي توصلوا إليها إلى أنه تم ترويض القطط خلال موجتين، وقالوا إن لذلك تأثيراً أيضا على قطط اليوم.
ويعتقد الباحثون أن البشر كانوا يربون القطط قبل أكثر من 9 آلاف سنة بالفعل، وكانت قبرص من المناطق التي تربي القطط آنذاك. وكانت تربية القطط بهدف مكافحة الفئران التي كانت تهدد بتدمير الحبوب المخزنة.
شكل القطط وجمالها
وقال الباحثون إن هذه القطط التي تعود لمنطقة تركيا اليوم، وصلت لجنوب شرق أوروبا بالفعل قبل 4400 سنة من ميلاد المسيح. ثم كان هناك خط جيني آخر في السنة الأولى قبل ميلاد المسيح، حيث كانت القطط المستأنسة القادمة من مصر القديمة منتشرة أثناء فترة المملكة الرومانية ووصلت لشمال أوروبا من خلال الطرق التجارية في البحر المتوسط حيث كانت القوارض آنذاك لا تهدد فقط مخازن المزارعين بل أيضا مخزونات السفن.
وكانت القطط المنحدرة من القطط المصرية على مدى قرون أكثر انتشارا من قطط المزارع المنحدرة من مناطق شرق أوروبا، حيث لا تزال توجد اليوم موروثات لكل من الخطين الوراثيين في القطط المنزلية في أوروبا.
ورجح الباحثون أن يكون انتشار كل من قطط المزارع وقطط السفن انطلاقا من مصر بفضل حقيقة استخدام هذه القطط في الحد من انتشار الفئران. ولم يصبح شكل القطط وجمالها مهما للناس إلا فيما بعد حسبما أوضح الباحثون.