خاص "غدي نيوز"- سوزان أبو سعيد ضو

لفت انتباهنا هذا العنوان "لماذا ترتدي اللقالق جوارب بيضاء؟" في صحيفة Augsburger Allgemeine الألمانية، لطرافته وغرابته من جهة، ولفهم مدى روعة هذه الطيور من جهة ثانية، خصوصا وأن العنوان في حد ذاته يثير الفضول لدى القارىء والمهتم بعالم الطيور وبيئتها وسلوكياتها.

كما يأتي اهتمامنا في موقعنا ghadinews.net بأخبار الطيور المهاجرة، وخصوصا اللقالق منها، لجهة ما تعانيه أثناء مرورها في سماء لبنان من تعديات غالبا ما تتسبب بمجازر، بينما في أوروبا الشرقية، وحتى في أوروبا الغربية ولا سيما في ألمانيا، فإن المواطنين يتابعون هذه الطيور، ويعتنون بها، ويحصون أعدادها وأعداد البيوض والصغار بهدف إكثارها لما تمثل في وجدان الشعوب في هذه الدول، ذلك أن اللقالق "سكنت" في القصائد والقصص وباتت جزءا من الموروث الثقافي الأوروبي، فضلا عن أهميتها البيئية والزراعية.

نظام تبريد غير عادي

       وتمكنا بالتعاون مع ناشطين من كرواتيا والمانيا من فهم محتوى المقال المنشور في صحيفة Augsburger Allgemeine وكاتبه ماكسيميليان سيز Maximilian Czysz، وقال سيز في مقالته:"لا تخافوا عند رؤيتكم لقالق بساقين بيضاء في الأيام القادمة، فلم تكسر سيقان هذه الطيور، وبالتالي فهي لا ترتدي ضمادات من الجص (الجفصين)، ويسمى هذا الطائر الأبيض في التراث الشعبي والقصص الخيالية مايستر أديبار Meister  Adebar، وهو يرتدي هذه الجوارب البيضاء عندما يكون الطقس حارا بشكل خاص، فهذه الجوارب هي جزء من نظام تبريد غير عادي".

وأضاف سيز: "تمرغ هذه الطيور ساقيها في فضلاتها السائلة، وتساهم المياه الموجودة فيها في اخراج الحرارة من الجسم عندما تتبخر المياه"، ولعل اللون الأبيض له وظيفة مختلفة، "فهو يعكس أشعة الشمس على نحو أفضل"، وفقا لمارتن تراب Martin Trapp من دائرة البلاد الإتحادية لحماية الطيور der Kreisgruppe des Landesbundes für Vogelschutz (LBV)، وتوضح الخبيرة البافارية في اللقالق البيضاء من الرابطة الوطنية السويسرية لحماية الطيورthe Swiss National Association for Bird Protection أودا ويدينغOda Wieding  مازحة: "إن اللقالق ترتدي ببساطة معطفا أبيض، وتلائم معه لون ساقيها فتمرغ روثها عليها".

حفرة الجير

ولاحظ "أبو اللقالق" Storchenpapa، زيغارت ماثسيم Sieghart Muthsam أمرا آخر، فقد شاهد طائر لقلق وهو يحمل دلوا يحتوي على الجير الأبيض من موقع إنشاءات، وقد يكون استعمله لهذا الغرض، إلا أنه أشار إلى أنه أمر نادر للغاية، وسمي ماثسيم بهذا الإسم لأنه يتابع مصير اللقالق لسنوات عديدة، وهو مسرور في هذه الفترة بشكل خاص "لأن نسلها يزدهر بشكل رائع وإن لم يكن الحال كذلك دوما".

وتسمى هذه الطريقة في التبريد Urohydrosis، وتقوم بها اللقالق وبعض أنواع الجوارح في العالم الجديد (الأميركيتين)، كما تتبعه حيوانات الفقمة بالتبول على زعانفها الخلفية لتبردها، ولكن قد تشكل هذه العملية خطورة خصوصا للطيور المزودة بحلقات، حيث تتراكم الفضلات وتتسبب بتقرحات.

وأكد ماثسيم أن العام 2013 كان عاما هاما بالنسبة للقالق في مقاطعة ألتنمونستر Altenmünster، ووفقا لسجلات ماثسيم تم تفريخ ثلاثة صغار، ولكن لم يطر أي منها حتى الآن، أما حاليا في جولة حول العش فإن اثنين من الصغار ما زالا على قيد الحياة ويزودها الوالدان بالطعام.

اللقالق البافارية

وقالت ويدينغ "في هذا الوقت هناك 14 عشا في المنطقة، وهو عدد أكثر باثنين من العام الماضي، كما تم الإبلاغ عن أعشاش أخرى في منطقة جيسرتشاوسن Gessertshausen وهيلتنفينغن Hiltenfingen. وأشار تقرير مؤقت أولي إلى أن هناك حاليا الكثير من "البقع البيضاء" في منطقة بافاريا كما لم يحدث من قبل، وقالت ويدينغ: "لقد تمكنا حتى الآن من التفوق على النتيجة القياسية لـ 324 زوجا في العام 2013، فلدينا حوالي 340 زوجا"، وأشارت إلى أن "العديد من اللقالق البافارية الجديدة عمرها نحو ثلاث سنوات، حيث أن هذه الطيور اليافعة تصل إلى مرحلة النضج الجنسي في هذا العمر، ولم يتم عد أي أزواج من اللقالق في أي وقت مضى في بافاريا منذ بداية السجلات في العام 1900، وفي ذلك الوقت لم يكن هناك سوى 250 زوجا".

أصحاب "المعاطف البيضاء"

وختاما، بينما يتابع ناشطون في أوروبا هذه الطيور بصورة مستمرة ويحافظون عليها ويحاولون إكثارها، ويدرسون عاداتها الغريبة ويسعدون بما تعطيهم طبيعة بلادهم، يتمادى البعض في لبنان والعديد من دول المنطقة، ولا يكتفون بتشويه طبيعتنا الجميلة وبيئتنا وموائلنا المتنوعة وشواطئنا، بل تمتد أيدي هؤلاء لتضغط على الزناد لتقتل أصحاب "المعاطف البيضاء" وترميها في القفار إشباعا لغريزة دموية لا تشابه غريزة الحيوان وبالطبع لا تقارب الإنسانية بشيء.

المصادر: Augsburger Allgemeine

صفحة الفيسبوك الخاضة بالناشطة البيئية الألمانية Ruth Pukšić-Hellenbach  والناشطة البيئية الكرواتية Vita Zagrebacka