"غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو
تمنحنا الشجرة البالغة نحو 200 ليتر من الأوكسيجين يوميا، وتساهم في عملية التمثيل الضوئي وامتصاص ثاني أوكسيد الكربون من الأجواء، المسبب الأكبر للإحترار المناخي، وبالمعدل العالمي تقطع وتحرق سنويا حوالي 26 مليار شجرة لإنشاء مزارع الماشية والزراعات الصناعية (مثل أشجار النخيل)، بالمقابل تزرع 15 مليار شجرة، وبالتالي فإن النقص يقدر بـ 9 مليارات شجرة، فيما لا جهود كافية لمعالجة مشكلة إزالة الغابات، وهي مشكلة تساهم في التغير المناخي، بينما في لبنان وفي منطقة راشيا، يقطعون شجرة أرز معمرة بحجة توسيع طريق، علما بأن هذه الشجرة على مسافة 50 سنتيمتر عن الطريق وهو، ما يفترض أن يكون رصيفا للمشاة.
أبكتنا جميعا
وقال صاحب الأرض المزروعة فيها الشجرة أيمن نقور لـ ghadinews.net: شجرة الأرز هذه زرعها والدي وهو في العشرين من عمره وهو الآن في الواحدة والسبعين، ولما تطلب توسيع الطريق السماح للبلدية باقتطاع مساحة من الأرض، تبرعنا بمترين توخيا للمنفعة العامة، وأقيم جدار وبقيت الشجرة خارج الجدار ضمن خمسين سنتيمترا، وكأنها مزروعة لتجميل الطريق، وفوجئنا الساعة 5 من مساء أمس بجار لنا يبلغنا أسفه على قطعنا الشجرة".
وأضاف نقور "هرعنا إلى الموقع، وعلمنا أن بلدية راشيا أخذت قرارا بقطع الشجرة ودون معرفتنا"، وأشار نقور إلى أنه "احترقت شجرتين من الشربين بسبب خطوط التوتر العالي ضمن أملاكنا في السنوات الماضية، وتطلب الأمر منا لإزالتها إذنا من الجهات المختصة على الرغم من أن الشجرتين يابستين تماما".
وقال نقور: "بالعادة، تعمل البلديات على زراعة جانبي الطريق بالأشجار بهدف تجميلها، وما شهدناه هو أمر غير مقبول خصوصا وأنها شجرة أرز ممنوع قطعها ودون علمنا، واستغربنا هذا الأمر خصوصا أن البلدية قامت بمشروع تشجير زرعت فيه 300 شجرة أرز"، ولفت إلى أن "مصلحة الأحراج توجهت إلى الموقع، وسطرت محضرا بالموضوع، وقدمنا بلاغا للمخفر وسينظر به القائمقام، ولكن فات الأوان، فقد قطعت الأرزة، وأبكتنا جميعا، لأنها عدا كونها أرزة فهي شجرة من أجمل الأشجار".
سوء تفاهم
وقال الناشط البيئي في منطقة راشيا وليد سيف الدين: "حصل سوء تفاهم، وتحملت البلدية مسؤوليتها عن الموضوع، والقصة أن ثمة طريقا حيويا تحت الثانوية الجديدة ويمر بمنطقة النصب في راشيا ويصل إلى مدخل قرية ضهر الأحمر المجاورة، وبهدف توسيع الطريق، تمت إزالة بعض الأشجار، منها أشجار تخص أملاكا خاصة ومنها دوالي عنب بعلم أصحابها وموافقتهم الشفهية أو الخطية، وتقدمت البلدية بالطلب من دائرة الأحراج، بشرط زراعة أشجار بديلة عنها، خصوصا وأن الطريق سيصبح طريقا رئيسيا اسمه (طريق النصب)، ويتطلب تأهيله زراعة أشجار من أنواع معينة على جانبي الطريق، وأنا من الأشخاص المشرفين على تنفيذ هذا المشروع".
وأضاف سيف الدين "حصل سوء تفاهم أن أحدهم اتصل مساء برئيس البلدية ولكنه لم يكن موجودا في المنطقة، وقال له هناك شجرة شربين في وسط الطريق، ونحتاج إزالتها، فوافق دون معرفته بعمرها أو نوعها، وتبين لاحقا أنها شجرة أرز"، وقال: "عملية قطعها أتت لضرورات قاهرة لأنها قد تتسبب بحوادث، وتؤثر بالتالي على السلامة العامة، ونشر الخبر على صفحة البلدية وما حصل بالضبط، وسيتم زرع أرزة شبيهة في مكان قريب لا تؤثر على هذا الطريق أو على سلامة المواطنين خلال شهري تشرين الأول والثاني (أكتوبر ونوفمبر) خلال حملات التشجير التي تنتهجها البلدية بشكل دوري ومستمر، وبالمقابل فبلديات أخرى تقطع غابات بدون حسيب أو رقيب، وحتى الدولة تزيل غابات لمشاريع غير مجدية".
وأضاف: "يحاول رئيس البلدية زراعة الأشجار وخصوصا الأرز في كل مكان مناسب، وحتى ضمن محيط منزله، الأهم ألا يتم استخدام مثل هذه الحوادث لأهداف مغرضة هدفها النيل من بلدية راشيا بشخص رئيسها الاستاذ بسام دلال الذي قام خلال العام 2016 بغرس اكثر من 10،000 شجرة متنوعة منها 300 أرزة بعمر 7 سنوات وعلى نفقة البلدية، وذلك في بقعة من حرج المنارة تعرضت سابقا لقطع جائر غير مسؤول تركت فراغا في الجبل".
غرس شجرات أرز كبيرة
وأشار سيف الدين إلى أنه "تم طرح فكرة عملية نقل الشجرة كما حصل في منطقة القلعة، عندما اضطروا لتوسيع المدرجات، فقاموا بنقل 6 شجرات لا يتجاوز أعمارها 3 سنوات، زرعتها بنفسي مع ناشطين من مجموعة forever Lebanon، وعلى الرغم من الإهتمام بها، لم يبق منها سوى إثنتين، فكيف بشجرة عمرها 50 سنة؟".
أما عن نوع الشجرة وموقف دائرة الأحراج فأوضح سيف الدين أنها "نوع أرز هجين فرنسي تأقلمت مع البيئة المحيطة في بلدية راشيا، وقد تواصلت مع مكتب مديرية الاحراج في راشيا ويتم التفاوض للوصول الى خلاصة لا تبرئ البلدية، ولكنها تلزمها بغرس بديل عن الشجرة المقطوعة وهو أمر بادرت إليه البلدية إحساسا منها بالمسوولية".
وختم سيف الدين: "أنا ناشط بيئي، وأدافع عن بيئة وأشجار وأهل راشيا، وقد أثار هذا الأمر أعصابي في البداية، ولكن بعد التواصل مع المسؤولين وفهم ما حصل في راشيا على طريق النصب الحيوي، فهي لم تكن جريمة بيئية بل خطأ غير متعمد ويتم تجنب قطع اشجار الأرز والاشجار المعمرة اذا كان للعمل بديل، والقرار اتخذه رئيس البلدية متحملا كل المسؤولية لأن تجنب القطع لم يكن ممكنا كون الشجرة في موقع صادف قد تتسبب به بحوادث وللسلامة العامة، وهناك مشروع كبير في المنطقة، ولن يكون أصحاب الأرض إلا ممنونين، سيتم غرس شجرات أرز كبيرة قرب مكان الحادث نوعا من تعويضا عما حصل".
في هذا المجال، من موقع ghadinews.net وتوخيا للموضوعية، وإعطاء كل شخص الحق بإبداء الرأي والرد، أوردنا هذه الحادثة لتكون درسا، لكل شخص وبلدية واتحاد بلديات ومسؤول، للمراجعة مرة ومرتين وعدة مرات، قبل اتخاذ قرار بقطع جزء من رئة هذا الوطن، أي أشجاره وغاباته.