"غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو

وعلى الرغم من وجود مناطق ذات مياه نظيفة شفافة وكريستالية، على سبيل المثال شاطئ مدينة صور، فإن البحر المتوسط يعتبر من أكثر البحار تلوثا، لوجود شواطئ لـ 22 دولة عليه، وهذه الدول تلقي فيه كميات ضخمة من كافة أنواع الملوثات، وبالإضافة إلى أنه بحر مغلق لدرجة كبيرة، فإن مياهه لا تتجدد إلا بعد مرور حوالي مئة عام، وليس شاطئ لبنان من يعاني التلوث فحسب، فقد أشار تقرير للجمعية البيئية الإيطالية Legambiente أن 40 بالمئة من الشواطئ الإيطالية تعاني من التلوث بنسبة تفوق المسموح به، وفق 105 منها من أصل 260 عينة جمعت من مناطق عدة على طول الساحل الإيطالي.

إحصائيات

ويقدّر "برنامج الأمم المتحدة للبيئة" أنه يلقى في البحر المتوسط كل سنة حوالي 650 مليون طن من مياه الصرف الصحي، و70 بالمئة من المياه العادمة التي تُصرف فيه دون معالجة، فضلا عن 129 ألف طن من الزيوت المعدنية، و60 ألف طن من الزئبق الشديد السمية والخطورة، و3800 طن من الرصاص، و36 ألف طن من الفوسفات.

كما قدر تقرير حديث أنه خلال فصل الصيف تلقى أكثر من 3000 طن من النفايات فيه، حيث تقوم بعض الكائنات البحرية بتناول أكياس البلاستيك معتقدة أنها من قناديل البحر، وأغطية العبوات البلاستيكية من القشريات فتتناولها كغذاء، ما يتسبب بمرضها ونفوقها.

       وتعتبر هذه الأرقام كبيرة ومخيفة نظرا لسُميتها، إلا أنها لا تمثل سوى القليل، فثمة ملوثات أخرى تلقى في مسطح هذا البحر أو تصل إليه، عن طريق السفن والطائرات، أو من 80 نهرا تصب فيه، فضلا عن مئات المنشآت الصناعية المشيدة على سواحله، ومنها مئتان تعمل في الطاقة والبتروكيماويات، فضلا عن مخلفات يتركها أكثر من مئتي مليون سائح يرتاد شواطئه كل عام، كما أن البحر الأبيض المتوسط يعتبر معبرا لحاملات ملايين الأطنان من النفط، ونشهد كل عام تسرب النفط إليه من آبار البترول على سواحله أو في قيعانه، ولا ننسى على سبيل المثال لا الحصر البقع النفطية العديدة التي يتركها تفريغ مادة الفيول إلى معامل الطاقة الكهربائية في الجية والزوق، التي وصلنا في موقع ghadinews.net تقارير ومشاهدات عدة عنها.

دول ملوّثة

هذا وتعتبر فلسطين المحتلة (إسرائيل) الدولة الوحيدة في العالم التي تسمح بطرح روتيني للنفايات الصناعية إلى عرض البحر.

       فقد كشف بيان أصدرته "سلطة جودة البيئة"environmental quality authority  في قطاع غزة بفلسطين حول تقرير أجرته في تموز (يوليو) الماضي عن ارتفاع نسبة تلوث شاطئ القطاع بدرجة كبيرة هذا العام، وبنسبة 73 بالمئة من طوله الكلي، وهذا بسبب الحصار ونقص الوقود، وانقطاع الكهرباء اللازمة لتشغيل محطات معالجة مياه الصرف الصحي، حيث يلقى فيه 110 آلاف متر مكعب من مياه الصرف الصحي دون معالجة.

       ويوضح رئيس اللجنة الأفريقية الفرعية للجنة الدولية لعلوم المحيطات التابعة لمنظمة "اليونسكو" محـمد سعيد لموقع SciDev.Net الإخبارية عن طبيعة البحر المتوسط بأنه حوض مائي مغلق، ودورة مياهه عكس عقارب الساعة تبدأ من مضيق جبل طارق غربا، وهو المعبر الذي يربط بينه وبين المحيط الأطلسي، نحو سواحل دول شمال أفريقيا، ثم يتجه شمالا إلى سواحل دول شمال المتوسط.

       وأشار سعيد إلى نوع آخر من الملوِّثات ويقدر بـ 96 من النفايات في البحر الأبيض المتوسط، وهي المخلفات البلاستيكية التي تُلقى فيه، وتتناولها الأسماك الكبيرة، فتدخل في خياشيمها، فتختنق وتنفق، وهو ما جرى رصده مؤخرا مع عشرات الدلافين على ساحل المتوسط.

       وتشكل مياه الصرف الصحي غير المعالَجة وفقا لسعيد، مشكلة كبيرة للكائنات الحية خصوصا للأسماك، كون كمية كبيرة تترسب نحو القاع، وهي البيئة المناسبة لتكاثرها، لذا فإن هذا الأمر يؤثر على وتيرة فقس بيض الأسماك، ما يؤدي إلى تدهور الثروة السمكية.

أزمة مركبة

       ويؤكد مدير عام الإدارة العامة لحماية البيئة في "سلطة جودة البيئة" المهندس بهاء الدين الآغا بأن "الوضع البيئي تفاقم بصورة غير مسبوقة في ظل الأوضاع الصعبة جدا التي يمر بها قطاع غزة"، وقال عن تأثير التلوث على الثروة السمكية "يظل تأثير تلوث ساحل غزة ضمن المنطقة الشاطئية، اذا فليس تأثيره على الثروة السمكية كبير، خصوصا لجهة أن معظم الصيد يتم في عمق البحر، وعدد قليل من الصيادين يصطادون أسماكهم في المنطقة الشاطئية، وهو ما قد يهدد صحة مَن يأكلون هذه الأسماك".

       أما أستاذ البيئة البحرية – قسم علوم البحار في جامعة قناة السويس في جمهورية مصر العربي مجدي العلواني فيؤكد أن :"سلوك شعوب البحر الأبيض المتوسط يُسهم بشكل كبير في هذا التلوث، خصوصا الدول النامية".

       وأضاف العلواني: "إن أزمة تلوث شواطئ المتوسط أزمة مركبة بين ثقافة شعوب ووعيها وإمكانيات دول وتمويل".

لبنان

       أما في لبنان قد كشفت صور جوية التقطها فريق عمل "الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية" في حزيران (يونيو) الماضي لمطامر ومكبات النفايات على الشاطئ اللبناني، إهمالا واضحا من قبل السلطات والجهات المعنية بعمليات معالجة النفايات، وقد وُصفت الصور بأنها "صادمة للغاية"، فقد أظهرت بعض الصور كيف تحول البحر إلى اللون البنفسجي، وكشفت أخرى عن انتشار آلاف الأطنان من النفايات في محيط مركز المعالجة في صيدا جنوبي لبنان.

       وتعتبر ظاهرة الطحالب الخضراء الأخيرة التي وثقت بالصور في منطقة الرملة البيضاء في بيروت، ووفقا للباحثة في علوم البحار قسم الإنتاج الأولي الدكتورة ماري عبود أبي صعب كما أشارت لموقعنا ghadinews.net إلى أنه دليل على كثرة المغذيات الناتجة عن التلوث ومياه الصرف الصحي الموجودة على هذا الشاطئ".

       المصادر: scidev.net، The Italian Insider، غدي نيوز، ووكالات