"غدي نيوز" – أنور عقل ضو
أي قدر كتب لعين دارة وأهلها؟ وإلى متى ستظل محكومة بالموت الزاحف من كسارات لا تبقي ولا تذر؟ وأين وزارة البيئة مما يجري؟ ولماذا لا نسمع صوتا لـ "المجلس الوطني للمقالع والكسارات؟ ومن ثم أين وزارات الداخلية والبلديات؟ أين وزارة الطاقة والمياه؟ وأين وزارة الزراعة؟ أين الصحة وكل مؤسسات الدولة المعنية بما فيها القضاء والقوى الأمنية؟
فيما تواجه البلدة "مصنع الموت" وهو عبارة عن "مجمع صناعي ضخم يقوم يعود لكل من بيار وموسى فتوش ش.م. ل. يتضمن تشغيل واستثمار جبالات باطون مركزية، ومعامل ومطاحن الإسمنت، على أنواعها والإسفلت وأحجار الباطون وغيرها من تجهيزات مخصصة للصناعات الإسمنتية والبلاط والأرصفة والجسور والجفصين والكلس على أنواعه ومواد البناء والمصبوبات الإسمنتية على انواعها"، وفق ما جاء في طلب الترخيص لبلدية عين دارة السابقة، فوجىء أبناء البلدة أمس 29 آب (أغسطس) بموجة تلوث بالغبار غطت أحياءها ومنازلها، ولم توفر السيارات والبساتين ولا صحة المواطنين، وقد تنشقوا غبارا ملوثا بمواد كيميائية ناتجة عن عمليات تفجير ضخمة في أعالي ضهر البيدر.
إلى الآن لا نتهم "كسارات فتوش وإخوانه"، ذلك أن ثمة كسارات عدة في هذه المنطقة تعيث فيها خرابا ودمارا، وهذا أمر من المفترض أن تبت فيه الجهات الرقابية، وهذا أمر لن يحصل، فهذه المنطقة باتت "دويلة" يحكمها زعماء مافيات، حتى أن أحد أبناء البلدة قال لـ ghadinews.net متسائلا: هل هناك تغطية رسمية للمقالع والكسارات "مدفوعة الثمن"!
عين دارة تريبيون
وبحسب صفحة "عين دارة تريبيون" Aindara Tribune على موقع "فيسبوك"، فقد استفاقت البلدة "على مشهد مخيف في أجوائها: غبار ملون ينتشر في الأودية والتلال وبين المنازل، مصدره مصيبتنا المزمنة، المقالع والكسارت. هذه المصيبة مستمدة بقاءها من ظروف قديمة تعود الى فترة النفوذ السوري، أما حاليا فيعود استمرارها الى النفوذ الطائفي والمالي والإقطاعي".
وأضاف: "أمام هذا الواقع المزري، يوجد غياب كلي للأجهزة والإدارات المختصة لوقف هذه المجزرة التي تسبب حالات شتى من الأمراض المزمنة والوفاة بسبب ثلويث المياه والهواء وتقلبات الطقس، وإتلاف الكثير من الأشجار والمزروعات المثمرة والاشجار الحرجية، وتشويه كلي للطبيعة حتى أصبحت من كوارث العصر".
وبحسب القيمين على الصفحة "لقد صنفت عين دارة الموقع الثاني بالتلوث بعد نهر الليطاني الذي تقوم الدولة حالياً بمعالجة التلوث فيه، أما الوضع في عين دارة فمتروك كليا لمافيات الموت دون حسيب أو رقيب"، وناشد "الدولة اللبنانية بكافة أجهزتها إيقاف هذه الكارثة لأنها تقضي على الحجر والبشر وعلى كل كائن حي".
يحيى: ملوثات قاتلة
الناشط البيئي ابن عين دارة حافظ يحيى، قال لـ ghadinews.net إن "أسباب هذه الموجة من الغبار الملوث التي غطت البلدة مهددة أهلنا ناجمة عن عمليات تفجير الصخور دون مراعاة الحد الأدنى من شروط السلامة العامة، فضلا عن أن الهواء الشرقي ساعد في انتشارها لجهة البلدة". وقال: "لقد غطى الغبار كل شيء، السيارات والشوارع والأشجار، مع انتشار رائحة كريهة هي مزيج من مخلفات المازوت ومادة النيترات وهما يستخدمان في عمليات التفجير بشكل مخالف للقوانين، ومن أجل التوفير، أي بدلا من استخدام مواد مخصصة في مثل هذه الحالات، فهذه الطريقة البدائية يتم استخدامها دون الأخذ في الاعتبار صحة المواطنين القاطنين في مناطق قريبة، إن لجهة عين دارة (قضاء عاليه) وإن لجهة قب الياس (البقاع الأوسط)".
وأكد يحيى أنه "وفقا للقوانين المرعية الإجراء من قبل المجلس الأعلى للمقالع والكسارات، فإن ما شهدته البلدة هو جريمة بحق الأهالي، إذ من المفترض أن تتم عمليات التفجير بعد أخذ علم الجيش اللبناني وجهات أخرى معنية ومتخصصين وبإشرافهم".
وأضاف: "هناك سبب آخر لحجم هذا التلوث، إذ أن الغبار المتجمع ومع هبوب الرياح ينتشر مع الهواء، ويؤثر على البساتين ويساهم في يباس الأشجار، فضلا عن مخاطره على المياه الجوفية، جراء استخدام النيترات والمازوت ومزجهما وتعريضهما للشمس، مع مادة الـ (تي ان تي)، ولذلك كان الغبار مشبعا برائحة المازوت وملوثات كيميائية قاتلة".
من جانبنا، نضع معاناة أهالي عين دارة برسم المعنيين، وهم يتنشقون غبار الموت والإهمال والفضائح، فصحة الناس ليست مباحة لصالح استثمارات يبدو إلى الآن أنها فوق القانون... في دولة القانون؟!