"غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو
يبقى إعصار "إرما" Irma يراوح بين كونه الإعصار الثاني، أو الأكثر قوة في المحيط الأطلسي، وقد بدأ يضرب ولاية فلوريدا في الولايات المتحدة، وقد سبقه "هارفي"، الذي ألقى تريليونات من غالونات المياه على جنوب تكساس، والآن، الإعصار "خوسيه" Jose وهو على بعد خطوة من "إرما"، وبدأ بجمع قواه ليضرب الولايات المتحدة ويتجه بالتحديد نحو سواحل الولايات المتحدة الشمالية الشرقية، وهو من الدرجة الخامسة، أما اعصار "تاليم" Talim، وهو من الدرجة الرابعة، فسيطاول تايوان وهونغ كونغ وساحل الصين الشرقي ابتداء من الإثنين 11 أيلول (سبتمبر)، ومن المتوقع أن يتشكل إعصار خلال الأسبوع القادم وأن يضرب ولاية كاليفورنيا، فهل هذا ما توقعه علماء تغير المناخ؟ وهل لتغير المناخ دور في هذا الأمر؟
الجواب نعم، فإن علماء المناخ مثل مايكل مان Michael Mann من "جامعة بنسلفانيا" Penn State قال: "أصبح العلم واضحا الآن إلى حد ما، إن تغير المناخ سيجعل أقوى العواصف أكثر قوة، أو أكثر رطوبة".
الحرارة "وقود" العواصف
وأشار العلماء إلى أن "هارفي" و"إرما" كانا بمثابة عواصف كبيرة قبل أن ترتفع حرارة الغلاف الجوي والمحيطات قبل نحو 75 عاما، ولكن الآن، فإن العواصف هي عرضة لتزداد قوة أكثر من ذي قبل، وذلك لأن المحيطات والغلاف الجوي، في المتوسط، أكثر دفئا الآن مما كانا عليه، والحرارة هي "الوقود" الذي يحول العواصف إلى ظواهر مدمرة.
وتوقعت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي The National Oceanic and Atmospheric Administration أن موسم "أعاصير الأطلسي" هذا العام سيكون كبيرا، وأضافت ان السيناريو الاكثر احتمالا هو ان يكون هناك بين خمسة وتسعة اعاصير وبين ثلاثة وخمسة أعاصير كبرى، وهي اعلى من المتوسط طويل الأجل.
ويستند بعض أسباب هذا الأمر إلى تغير المناخ، فالمحيط الأطلسي الاستوائي الشرقي هو خزان "الوقود" للأعاصير، وقد كانت درجة حرارة أجزاء كبيرة من سطح البحر أكثر دفئا من المتوسط بين 0.5 ودرجة مئوية هذا الصيف، ويمر الأطلسي الآن خلال دورات طبيعية من الاحترار والتبريد التي لا علاقة لها بتغير المناخ، كاستجابة لدورات الطقس "النينيو" و"النينيا"، ولكن هذا العام لم تشهد أي منها نشاطا ملحوظا.
الأنشطة البشرية
وعما إذا كان إعصار "إرما" قد اكتسب قوته بسبب تغير المناخ، فإن ما هو أكثر أهمية هو اتجاهات الأعاصير، ويبدو أن الأعاصير الكبيرة في المحيط الهادئ، وكذلك المحيط الأطلسي، تحدث في كثير من الأحيان وتزداد قوتها أكثر من المعتاد، ويوضح عالم المناخ كيفن ترينبرث Kevin Trenberthمن "المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي"the National Center for Atmospheric Research، قائلا: "كانت السنوات السابقة النشطة جدا بالأعاصير، أي خلال عامي 2005 و 2010"، وإلى جانب العام 2017، فقد شهد هذان العامان من درجات حرارة المحيط الأطلسي الدافئة، وأضاف "لذلك فإن هذا يفسح المجال لمزيد من الأعاصير، وبالتالي فإن الاتجاه العام هو الاحترار العالمي الناتج عن الأنشطة البشرية".
ظروف تشكل الأعاصير
ومن الجدير بالذكر أن هناك أمورا أخرى جعلت "إرما" كبيرة وليس لها ارتباطا واضحا مع تغير المناخ، فإن الرياح العمودية في الإعصار "منطقة الحضانة" من المحيط الأطلسي ضعيفة هذا العام، أما لو كانت الرياح قوية وعلى ارتفاع مناسب فيمكن أن تقطع "رأس" الإعصار وهو يتشكل.
لذلك بدأ "إرما" في بناء الزخم، ومن جهة ثانية، هناك دورة طويلة الأمد في المحيط الأطلسي وهي "التذبذب الأطلسي على مدى عقود" the Atlantic Multi-Decadel Oscillation التي تؤثر على الظروف التي تشكل الأعاصير، ومنذ عام 1995، يقع هذا التذبذب في موقع مناسب لظروف تكون الأعاصير القوية، وفي الواقع، فإن الفترة منذ ذلك الحين كانت نشطة جدا بالنسبة للعواصف والأعاصير.
لذلك، كما هو الحال مع "هارفي"، كانت هذه العواصف الفائقة تحدث دائما نتيجة أسباب وعوامل طبيعية، ولكن الظروف الكامنة في المحيطات والغلاف الجوي قد اكتسبت زخما شديدا، لذا فلا تحتاج العاصفة الكثير من الجهد الآن لتتحول من قطرات إلى مئزاب (مزراب).
للاستزادة يمكن قراءة المادة بالانكليزية على الرابط الآتي:
http://www.npr.org/sections/thetwo-way/2017/09/08/549280066/hurricanes-are-sweeping-the-atlantic-whats-the-role-of-climate-change