"غدي نيوز"
أنور عقل ضو-
يمكن معالجة تلوث نهر الليطاني في مدة قياسية، ولا نبالغ في أننا ندعي اجتراح المعجزات، فالحل أبسط مما نتصور، وأقل تعقيدا مما يظن الخبراء وأصحاب الاختصاص وأهل العلم من الباحثين في علوم الهايدرولوجيا والجيوفيزياء والكيمياء العضوية والسموم والبيولوجيا وعلوم البيئة.
نعم الحل بسيط، ولكن بعيدا من روتين الوزارات والإدارات العامة، وبعيدا من إبرام صفقات على حساب الخزينة لصالح تنفيعات، تلزيما ودراسات ومحاصصة، خصوصا وأن الليطاني من المنبع إلى المصب، بات موضع تجاذب "جيوسياسي محلي" بين قوتين سياسيتين (البقاع الغربي والجنوب)، ومن الطبيعي أن يشهد هذا الملف اهتماما ليس في صالح معالجة التلوث، وإنما في صالح من يوظف وعلى نحو أفضل هذه المشكلة، في الصراع على السلطة فيما نحن على أبواب انتخابات نيابية.
نعم الحل بسيط، لكن شرط أن نعرف كمواطنين مهدورة حقوقنا لصالح قوى سياسية تتوزع دماءنا ومستقبلنا كيف نوجه مسار الحل، فمنذ سنة ونيف لم نر سوى استعراضات إعلامية، فيما ثمة خلاف على حصص الاستثمارات المرصودة لمشكلة الليطاني وبحيرة القرعون، فالتمويل مؤمن لكن التنفيذ مؤجل، لأسباب بعضها تقني وبعضها الآخر غير منفصل عن صفقة لا بد وأن تبرم في "مجلس الإنماء والإعمار"، على غرار المشاريع والصفقات الكبرى، خصوصا إذا علمنا أن "المجلس" مجرد أداة بيد أركان السلطة، وهو في مكان ما يمتثل لإرادة السياسيين، وهناك تجارب كثيرة بينت كيف يتم وقف المشاريع وإعادة إقرارها معدلة، على قاعدة أن كل ما في هذا البلد يوزع بالقسط والعدل على ممثلي الطوائف.
نعم الحل بسيط، فإذا اعتبرنا أن السلطلة السياسية ممثلة للشعب ومن الشعب، فعليها أن تتقاسم معه شظف العيش ومر الحياة وحلوها، ومن هنا ندعو جميع السياسيين دون استثناء للعيش على ضفتي النهر، وإقامة مخيمات يسكنونها مع عائلاتهم قرب بحيرة القرعون، على قاعدة أن "المساواة في الظلم عدل"، وإلا ما معنى أن يموت الناس تسمما بالأمراض فيما لم نر عين مسؤول رفت أو دمعت؟
لا يمكن حل مشكلة الليطاني إن لم يتجرع المسؤولون من كأس معاناتنا وموتنا وهمومنا، وإلا على الليطاني السلام، وللناس المذلة!