خاص "غدي نيوز" – قسم الترجمة -
احتار الباحث البريطاني والخبير في مجال سلوك الحيوانات Ethologist وأحد أهم علماء التطور الأحيائي Evolutionary biology ريتشارد دوكنز Richard Dawkins، عندما شاهد صورة التقطتها Fiona Stewart من كوينزلاند في أستراليا وشاركها على صفحته الخاصة على موقع التواصل الإجتماعي "تويتر"، وسبب الحيرة التي تملكت دوكنز هو أن الصورة تمثل نوعا من النمل الأبيض بنى "كاتدرائية كبيرة بهندسة مذهلة"!
واستخدم النمل الأبيض البنية المعقدة التي تشبه كاتدرائية ساغرادا فاميليا The Sagrada Familia غير المكتملة، وكان قد بناها المهندس المعماري الكتالوني Antoni Gaudí في برشلونة.
وقد أذهلت الصورة الباحث، وقال: "بُنيت بدون مخطط هندسي blueprint ولا مهندس معماري Architect"، ما دفعه إلى التساؤل حول "معرفة جينات في المادة الوراثية لهذه الحشرات"، وكيف أبدعت في بناء صرح على كثير من التعقيد.
حدث غير عادي
وقال دوكنز على صفحته في "تويتر": "لقد اتبعوا قواعد منطقية سلوكية متوافقة من بيئتها المحلية، ما دفعه إلى التساؤل، قاثلا: "من فضلكم، هل ثمة من يعرف نوع هذه الحشرات؟".
وجوابا على تساؤله أوضح الباحث والرئيس التنفيذي لمنظمة "حياة الحشرات" ومقرها بيترسبورو Peterborough based Bugs Lifeمات شاردلو Matt Shardlow ، في برنامج إذاعي على راديو "بي بي سي 4"، قال: "ما نعتقده أن هذا حدث غير عادي، فلون هذا التل رمادي، وهو نموذجي جدا لنوع النمل الأبيض المغناطيسي الذي يعيش في شمال أستراليا، حيث تم التقاط هذه الصورة"، وأشار إلى أن "مجموعات النمل هذه تبني (منازلها) الكبيرة على طول خطي الشمال والجنوب، متماشيين مع القطبين المغناطيسيين للأرض".
وأضاف شاردلو: "خلال التدقيق بالصور، يبدو وكأن هذه المستعمرة الخاصة قد تضررت في مرحلة ما، وهذه الأبراج الطويلة هي نتاج جهود النمل الأبيض لإعادة البناء والحصول على ارتفاع مرة أخرى داخل مستعمرتها بأسرع ما يمكن ".
وقال: "تم بناء كتل تشبه الكاتدرائية من قبل نوعين من النمل الأبيض (النمل الأبيض المغناطيسي) magnetic termites واسمه العلمي amitermes meridionalis و (النمل الأبيض الكاتدرائي)، nasutitermes triodiae، وهذه الهياكل مصنوعة من خليط من البراز والطين والخشب، هي تشكل مادة قوية، تشبه الطين ومقاومة للماء".
إنجاز هندسي لا يصدق
ووفقا لـ "الدايلي ميل" البريطانية، فإن هذه الحشرات تقوم ببناء بعض أطول الهياكل غير البشرية، بالنسبة لحجمها، في العالم، فهي تقوم ببناء أكوام ضخمة تصل إلى ثمانية أمتار (26 قدما) في الإقليم الشمالي وغرب أستراليا وولاية كوينزلاند.
وتشكل هذه الأبنية سمة بارزة من المناظر الطبيعية القاحلة في هذه المنطقة، وتعتبر هذه التلال منزلا لملايين من النمل الأبيض.
وفي دراسة أجرتها جامعة سيدني في شباط (فبراير)، قال الخبراء إن الهياكل هي إنجاز هندسي لا يصدق.
وقال الأستاذ المساعد في جامعة سيدني ناثان لو Nathan Lo: "بالنظر إلى أن النمل الأبيض العامل لا يتجاوز طوله حوالي 3 مم (0.1 بوصة) في الارتفاع، فإن هذه التلال من الناحية الإنسانية تعادل أربعة أضعاف أطول مبنى من صنع الإنسان على الأرض، أي ناطحة السحاب برج خليفة في دبي مكدسة فوق بعضها البعض، إلا أن هذه التلال أكثر إثارة للإعجاب".
ويعيش النمل الأبيض تحت الأرض، الأمر الذي يتطلب إمدادات الأوكسجين، وتعمل التلال مثل نظام تكييف الهواء، وتحرك الهواء وصولا الى المستعمرة أدناه، وهذا الأمر يغذي أيضا مزارع الفطريات التي ترعاها هذه المخلوقات للحصول على الغذاء".