"غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو -
فيما نواصل التحضيرات كـ "جمعية غدي" وghadinews.net، لإطلاق "الحملة الوطنية لإنقاذ الضبع اللبناني المخطط" بالتعاون مع وزارات وجمعيات بيئية وناشطين، واستكمال الإجراءات في هذا المجال وتحديد خطة عمل، نفاجأ بجريمة جديدة تستهدف ضبعا مخططا في منطقة عيون السمك (الضنية) في شمال لبنان.
لكن لم نكن نتوقع أن يكون قاتل الضبع عنصرا يتبع إحدى المؤسسات الأمنية المفترض أنها حامية القوانين، وهذا يؤكد أهمية الحملة للحفاظ على هذا الكائن الذي ظلمته الموروثات الشعبية، ولما نزل نمعن في قتله جهلا وتهورا، وهذا ما شددنا عليه خلال الإعلان عن أهداف الخطة لجهة التوعية حيال هذا الكائن المعرض للانقراض.
مخالفات عدة
وفقا للمعلومات المنشورة على صفحة "إبن البقاع" على موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك"، وتناولتها صفحات عدة، منها صفحة "الجنوبيون الخضر"، فقد أقدم الملازم (م. ح) من قوى الأمن الداخلي، على إطلاق النار من سلاح حربي على ضبع، يقال أنه "روع" أهل قريته عيون السمك في قضاء المنية الضنية، وأصاب بعضهم بجراح، وقد أشار "ابن البقاع" إلى أن "هناك إصابات موثقة، وأن الملازم كان في رحلة صيد وقتل الضبع دفاعا عن بلدته وأهلها، وأن السلاح المستعمل بارودة صيد وليس سلاحه الحربي".
إلا أنه وفقا لكل ما تجمع لدينا من معلومات حول الضباع خلال السنوات السابقة، فهي حيوانات خجولة تؤثر الهرب والتواري عن أنظار الناس والإبتعاد عنهم، وتتناول الجيف والبقايا، ولا تهاجم الإنسان والحيوان إلا إذا حوصرت أو هجم عليها أحدهم، كما أن هناك مخالفات عدة لجهة قيام "إبن دولة"، ليس لجهة إطلاق النار على الحيوانات من سلاحه (الخاص أو سلاح مؤسسة قوى الأمن) فحسب، وإنما لجهة عرض ونشر الصور، وهذه مخالفة يعاقب عليها القانون، الأمر الذي دفع أحد الناشطين على الصفحة إلى إرسال الصور إلى وزارتي الداخلية والدفاع للتحقيق مع الملازم المذكور.
التوعية البيئية
وقال مدير عام "جمعية المحافظة على الطبيعة في لبنان" (SPNL) أسعد سرحال لـ ghadinews.net: "إنها المرة الأولى على فترة عقود في مجال عملي، التي أسمع فيها أن الضباع تهاجم البشر، فأسلوب هذه الحيوانات في الحياة الهرب وخصوصا عند إحساسها بالخطر، وتقترب الضباع البالغة من الأماكن السكنية وخصوصا في لبنان للبحث عن طعام لها ولصغارها، وقد يكون أبا أو أما تبحث عن طعام لجرائها، لا سيما خلال موسم الثلوج والبرد، حيث يصعب تأمين الغذاء في الجبال المكسوة بالثلوج، فتلجأ الى المنخفضات والأودية وأماكن مكبات النفايات، لتعود الى صغارها في الكهوف مع ما تيسر من الطعام".
وعن الضبع ودورة حياته، قال سرحال: "تحمل أنثى الضبع لمدة ثلاثة اشهر، وتضع من ثلاثة الى ستة صغار، ويدعى صغيرها الفرعل، ويعيش الضبع حوالي ١٢ سنة في الطبيعة، وحوالي ٢٤ في الأسر بسبب تأمين الغذاء لها، ويمكنها أن تلد على مدار العام"، وأضاف: "بسبب تراكم النفايات فالضبع يقوم بوظيفته، وهو تنظيف الطبيعة من النفايات والجيف فهذه الحيوانات ليست مهمة للحفاظ على التوازن الإيكولوجي فحسب، بل وتجنب السكان المحلين الأمراض وغيرها، وبدلا من المحافظة عليها نقوم بقتلها".
وأشار إلى أنه "ما نشهده على وسائل التواصل الإجتماعي من استعراض وكأنه إنجاز او عمل بطولي، وكما أرى في الصورة فإن الشاب يحمل مسدسا حربيا وليس سلاح صيد، وأسفي هو أن أرى شابا في مقتبل العمر يعرض هذا العمل المنافي للقانون، ومن الواضح أنه بحاجة للتوعية البيئية، والقانون اللبناني واضح بهذا الخصوص".
وقال: "هناك اكثر من 25 بالمئة من الثدييات مهددة بالانقراض عالمياً، و40 بالمئة مهددة على مستوى الشرق الأوسط، وكافة الثدييات الكبيرة الحجم انقرضت من لبنان أو على شفير الانقراض متل الضبع والذئب"، وختم "نحتاج دروس باحترام كل المخلوقات، وبالتأكيد نتعلم منها الكتير من دروس المحبة والرحمة اذا راقبناها بدلاً من قتلها".
تحدٍ جدي
وقال رئيس جمعية "الجنوبيون الخضر" الدكتور هشام يونس لـ ghadinews.net تعليقا على ما نشر على صفحة الجمعية في موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك": "يأتي هذا التعدي في سياق متواصل من التعديات على الحياة البرية وعناصرها، وعلى الرغم من مؤشرات الوعي البيئي المتزايد الذي يمكن رصدها في ردات الفعل على هذه الإنتهاكات بحق البيئة والطبيعة، فإن إستمرارها يؤشر إلى وجود تقصير في كيفية التعامل مع هذه التعديات، حيث لا تزال العقوبة عليها أقل بكثير من ضررها على البيئة والصحة العامة".
وأشار إلى أن "الضبع المخطط تتراجع أعداده بشكل متسارع، نتيجة إنحسار المؤائل والنشاطات البشرية العشوائية التي دخلت على ما تبقى منها، فضلا عما نوثقه في جمعية (الجنوبيون الخضر) من إفادات عن إستخدام السموم لقتل بعض الحيوانات بشكل غير قانوني، وبشكل رئيسي الخنازير البرية وأحياناً الثعالب، وهو ما أدى إلى قتل العديد من الحيوانات الأخرى في أكثر من منطقة، إضافة إلى هذا كله القتل العبثي خلافاً لقانون الصيد البري 580".
وأضاف يونس: "إزاء ذلك، نحن أمام تحدٍ جدي لا يبدو لنا أنه واضح للمسؤولين، إن إنقراض نوع إضافي من الحيوانات عن البرية اللبنانية أمر لن يكون عارضاً، وسيكون له أثر خطير وبعيد على توازن النظم البيولوجية، وصحة وإستدامة الاحراش وعلى جودة التربة والمياه وبالتالي على الإنسان والصحة العامة".
وأشار يونس إلى أنه "تحتفي الدول بالحفاظ على أنواع حيواناتها، ليس لأنه أمر أخلاقي وتربوي فحسب، بل ايضاً لأنه يرتبط إرتباطاً وثيقاً بالصحة العامة والأمن الغذائي والمائي للمجتمعات المحلية، وبالتالي بسبل نموها وإستدامة ذلك، فضلا عن أن مواجهة تحديات التغير المناخي لا يمكن أن تتم من دون الحفاظ وزيادة المساحات الحرجية، وهو أمر يتصل مباشرة بنشاط أنواع الحيوانات البرية وطيورها، وتأتي الذئاب والضباع المخططة وبنات آوى على رأس السلسلة الناظمة لهذه العناصر ونشاطها هذا، فضلا عن دور الضبع التقميمي الحيوي، خصوصا وأن الضبع يتميز عن باقي الحيوانات المقممة بأنه يقمم كامل بقايا الجيف بما فيها العظام والقرون والفرو وذلك لخاصتين فك قوي ومعدة مركزة بحمض الهيدروكلوريك".
وقال يونس: "إننا في جمعية (الجنوبيون الخضر)، سنواصل العمل، ومعنا كل المخلصين والناشطين على نشر الوعي البيئي حول أهمية هذه الحيوانات ودورها، وإذ ننوه بالتعاون الكامل وسرعة تجاوب السلطات الأمنية والقضاء اللبناني مع إخبارات (المرصد الأخضر) في جمعيتنا، نطلب التشدد إزاء هذه الإنتهاكات خصوصا تلك التي يثبت فيها نية القتل عن سابق تصميم".