"غدي نيوز" - غسان عطالله -
من جملة المشاكل المزمنة التي يعاني منها لبنان، تبرز الى العلن المشكلة البيئية التي تحولت الى "فولكلور سياسي" تتراقص فوق أنغامه سياسات فاشلة أوصلت الوطن إلى درجة من الانحطاط بات من الصعب معالجتها.
منذ سنوات وفخامة الرئيس ميشال عون يعطي الأولوية القصوى لهذا الملف لتأثيره السلبي على مجمل الاوضاع العامة، وخلال السنة المنصرمة باتت هناك رؤية واضحة لدينا بخصوص سبل المعالجة التي تعتمد على بناء إدارة بيئية متكاملة، تشكل عملية معالجة النفايات البلدية إحدى ركائزها.
هذه المعالجة تعتمد على الأسس التالية:
1-اعتماد اللامركزية في معالجة النفايات، وهو يتطابق بشكل كامل مع قانون البلديات الذي يحدد مسؤوليات البلديات الواضحة والحاسمة. ويجب الملاحظة هناـ ان ما جرى في اوائل التسعينيات من تحويل الملف الى "مجلس الانماء والاعمار" بُني على الحالة المؤقتة لاعطاء مهلة للبلديات للاستعداد لتحمل مسؤولياتها في هذا المجال.
2-إن التقنيات الحديثة باتت اليوم في متناول هذه البلديات التي يجب ان تستفيد من قانون الشراكة مع القطاع الخاص، الذي نأمل أن يكون محلياً، ويجب تشجيعه بكل السبل والوسائل للدخول الى هذا القطاع.
3-اعتبار النفايات مورداً اقتصادياً يجب إدارته من قبل المجتمع المحلي، الذي عليه ان يبادر الى إنشاء شراكات تنموية لممارسة دوره مع القطاع الخاص.
هذه الأسس في حال اعتمادها تسمح لكل منطقة بدراسة أفضل الوسائل والتقنيات الحديثة التي تتواءم مع طبيعتها الجغرافية من جهة، وامكاناتها المالية من جهة أخرى. وهذا يسمح لنا بتحديد السبل والوسائل الممكن اعتمادها في معالجة النفايات البلدية، وهي على النحو التالي، وبحسب التسلسل الزمني:
1-الفرز من المصدر، لأنه مهم في عملية تخفيف الكلفتين البيئية والاقتصادية على البلديات.
2-الفرز في مركز المعالجة للمواد التي من الممكن اعادة تدويرها.
3-المعالجة النهائية لما يتبقى من المواد، ونحن نفضل الوسائل التالية:
أ-التسبيخ وانتاج الكومبوست شرط ان يكون صالحاً للتسويق الزراعي.
ب-تحويل النفايات المتبقية إلى طاقة كإنتاج البيوفيول والـ RDF والكهرباء.
ج-يجب بكل الأحوال خفض الكميات العادمة الى اقل من 3 بالمئة من مجمل كمية النفايات، ليصار إلى طمرها في أماكن مخصصة لذلك، وحسب الطرق والمعايير المعتمدة عالمياً. ويجب التذكير بأنه بات من المتوفر العديد من التقنيات التي تتحدث عن صفر عوادم، أي من دون طمر وهو ما نؤيده.
وفي هذا الاطار يجب التحذير من "الفوبيا" الشعبية من مراكز معالجة النفايات التي تشحنها بعض الشخصيات والقوى التي تستفيد منها، لمنع البلديات أو اتحادات البلديات من اتخاذ القرارات المناسبة بيئياً واقتصادياً، وهم يرمون من وراء ذلك الى استغلال هذا الفشل للذهاب الى الحلول المركزية التي نراها صعبة التحقق، لأسباب كثيرة لا مجال للاسهاب فيها في هذه المقالة.
وأخيراً أرجو من المواطنين الكرام التطرق بشجاعة وشفافية الى هذا الملف ومشاركة البلديات واتحادات البلديات في ايجاد الحلول اللامركزية، لأنها الافضل بيئياً والاوفر اقتصادية، فكفى للسياسات التي ترهق بيئتنا، والتي ضاعفت مرات عدة نسب التلوث في محيطنا الذي هو مسؤوليتنا كمواطنين بالدرجة الاولى.