"غدي نيوز" - أنور عقل ضو -
لا يكفي الاعتذار من الممثل والفنان زياد عيتاني، كل عبارات الشجب والاستنكار، كل الترحيب والدعم لا تعيد كرامةً هُدرت عند أعتاب مؤسسة أمنية مولجة حماية اللبنانيين لا "اصطيادهم" في خصوصياتهم، وتدبيج التهم وتلفيق الأكاذيب ونسج خيوط الافتراء على رقاب العباد، وسوقهم مكبلين أذلاء إلى السجون.
يوم اتهم زياد عيتاني بالعمالة لإسرائيل أصبنا بالصدمة، لكن قررنا عدم الإدلاء بأي موقف قبل أن تتضح مضبطة الاتهام وحيثيات هذه القضية، ولم نركب موجة الشاجبين، ولن نركب اليوم موجة المهللين، فهذا لا يقدم في الأمر شيئا، ما يهمنا هو رفع الظلامة عن كل بريء، وخوفنا يكبر من أن يكون ثمة أبرياء ابتلعتهم السجون لأغراض دنيئة، أو لمصالح خاصة، فمن يحمي المواطن الأعزل إلا من كبريائه في ما لو كان عرضة للافتراء؟
بعد هذه القضية، وهذا الملف الفضائحي، بتنا نخاف من أن يستسهل البعض تخويننا، ورمينا بتهم واهية تدبر في ليل، عبر جهاز أمني ورسمي، فما حصل لعيتاني مثال كارثي على تفسخ الدولة، حتى ولو أعادت الاعتبار لمن سلبت كراماتهم، فذلك لا يلغي خوفنا من أن نكون "فرق عملة" في لعبة الكبار، وفي بعض النزعات المريضة لدى مسؤول ونافذ.
زياد عيتاني، هون نحن، المتروكون لقدرنا، نواجه سُمَّ السياسات الرسمية في مجالات الاقتصاد والبيئة والتنمية، من النفايات إلى الكسارات والمزابل إلى التلوث في سائر قطاعات الحياة، ونواجه أيضا ممارسة السلطة بأهواء خاصة.
المطلوب اليوم أن نعيد للدولة هالة حضورها، والمطلوب ايضا رفع اليد عن القضاء بعيدا من إملاءات السياسيين، وأن يكون ولاء المسؤول والموظف للدولة لا إلى زعيم، كي لا نبقى سجناء في ولاءات عمياء، وأن ينال المرتكبون جزاءهم وعدم البحث عن أسباب تخفيفية كي لا تصاب الدولة مرة جديدة في صميم حضورها!