خاص "غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو
بعد أزمة النفايات المستمرة منذ إقفال "مطمر الناعمة – عين درافيل" واستحداث مطامر "رسمية" تردم الشواطىء في "الكوستابرافا" والجديدة وبرج حمود، ازداد عدد المكبات العشوائية حتى بات عددها ينوف على الـ 980 مكبا، تحولت بؤرا للأوبئة، وتنشب فيها النيران بين حين وآخر مخلفة سحبا سامة تحاصر قرانا وودياننا وجبالنا وشواطئنا.
وقد رمي بهذا الملف بسائر تعقيداته للبلديات لمعالجة نفاياتها، رغم الديون التي ترتبت عليها لصالح شركة "سوكلين"، وكان يقتطع من البلديات ما يتراوح بين 40 و60 بالمئة من موازناتها لصالح الكنس والنقل والمعالجة، فضلا عن كلفة معالجة النفايات حاليا، ومن ضمن حلول مقترحة، دعت بلدية بيت مري الإثنين الماضي في الثالث عشر من آب (أغسطس) لحضور إجتماع مشاركة للعامة يتعلق بعرض مشروع إنشاء معمل لمعالجة النفايات المنزلية الصلبة ضمن منطقة بيت مري في صالة كنيسة مار ساسين، لتعلن في وقت لاحق عن تأجيل هذا الإجتماع وفقا لبيان أصدرته قبل ساعات قليلة من موعد انعقاده، والسبب أن "الأجواء العامة تنحو إلى مزيد من شحن النفوس والتوتر غير المألوفين في البلدة، ولما من شأن هذا الأمر أن يحول دون إيصال الرسالة المرجوة، والهدف من اللقاء"، وأكد البيان أن رئيس البلدية قد عقد مؤتمرا صحافيا شرح بإسهاب عن تفاصيل المشروع، وأجاب عن تساؤلات الصحافيين.
وكنا قد تابعنا في العام الماضي في موقعنا ghadinews.net، في مقالة سابقة تحت عنوان "بلدية بيت مري تتبنى بناء أول معمل متكامل لمعالجة النفايات" مع رئيس بلدية بيت مري المحامي روي أبي شديد تفاصيل حول هذا المعمل المزمع إنشاؤه في خراج بيت مري، بهدف معالجة نفاياتها ونفايات البلدات المجاورة، وحالما أعلنت البلدية عن الدعوة إلى هذا الإجتماع حتى احتشد المعارضون لهذا المشروع من المجتمع المدني والجمعيات البيئية مطالين بإلغائه، خصوصا وأنه يتطلب إزالة عدد كبير من الأشجار في وادي لامارتين لصالح هذا المعمل.
رئيس البلدية
وأكد رئيس البلدية في المؤتمر الصحافي أن "هذا المعمل صحي وصديق للبيئة وليس كما يروّج له"، وقال: "لسنا نحن كبلدية من يقرر التصنيف، بل يعود الأمر إلى المجلس الأعلى للتنظيم المدني، الذي يتواصل مع وزارة الصناعة ويستطلع رأيها، ويحصل بحث وتشاور بالموضوع، وعلى ضوئها يكون ثمة مقابلة مع رئيس البلدية، وحصل التصنيف ضمن المجلس البلدي على مرحلتين، في شهر 7/2017 رفع الإقتراح وفي 26/1/2018 صودق على القرار، وفي القرارين كان هناك إجماعا من المجلس البلدي، على التخصيص وعلى التصنيف من التنظيم المدني بغية إنشاء المعمل".
ولكن بالمقابل فإن المعتصمين يؤكدون تلزيم المشروع من دون دفتر شروط ولا استدراج عروض، إلى شركة لبنانية وشركة إيطالية، لا توجد في سجلاتهما مشاريع بهذا الحجم، ووفقا لما قاله رئيس البلدية لموقعنا ghadinews.net فإن طاقة معمل الفرز والمعالجة المطروح تصل إلى 400 طن يوميا، فيما تنتج البلدة ما لا يتجاوز الـ 15 طنا.
أما وفقا للمعتصمين فلا مصلحة لبيت مري بإنشاء معمل بهذا الحجم، لتستقبل نفايات غيرها من نفايات المتن، خصوصا وأن الموقع يقع في وادي بيروت الذي من المفترض أن يكون محميا من أي تدخل صناعي وفق تصنيفه من قبل التنظيم المدني، قبل تعديل هذا التصنيف من قبل التنظيم المدني نفسه.
ويتخوف المعتصمون من أعمال الفرز والتسميد والحرق، ومصير العوادم، ومن أعداد الشاحنات المولجة بنقل هذه النفايات والتي ستمر على هذه الطرق الجبلية، وداخل البلدات الأخرى من بعبدا نحو المتن، وتؤكد البلدية كما أكدت في المقابلة مع موقعنا سابقا أن هذا المعمل حاجة وطنية في لبنان.
اجتماع في وزارة البيئة
نعود للتذكير بأن بلدة بيت مري كانت من أوائل البلدات التي تبنت إحدى تلك المشاريع التي يطلق عليها Zero Waste، وكان رئيس البلدية قد قال في المقابلة السابقة أن هذا المعمل يكفي حاجات البلدة، إنما الهدف خدمة المنطقة من خلال الإتحاد، فضلا عن موارد للبلدة للقيام بمشاريع إنمائية من واردات المعمل، كما لا بد من التنبيه لجهة تصاعد روائح كريهة من هذا المعمل يعاني منها السائقون على طريق "المونتي فيردي" كون هذا المعمل يعمل بالطريقة الهوائية.
بالمحصلة، ثمة مشاكل مترتبة من تراكم النفايات لا يمكن إلا أن يعاني منها اللبنانيون، ولا بد من حلول، ولكن بالرجوع إلى اختصاصيين، وكان هذا محور النقاش في اجتماع في وزارة البيئة لهيئات المجتمع المدني لشرح مشروع قانون الادارة المتكاملة للنفايات وتخلل الاجتماع استفسارات واسئلة من الجمعيات البيئية والاهلية حول طرق معالجة النفايات، وحول الفرز والمراقبة ودور البلديات ولامركزية المعالجة والتفكك الحراري، وقدّم ممثلو الوزارة كل الشروحات اللازمة.
يمكن للقراء متابعة تفاصيل هذا المشروع على الرابط التالي:
http://www.ghadinews.net/news/32104