"غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو

لا يمكن أن يحقق لبنان نموا وازدهارا في منأى عن الاستدامة كخيار واع وضروري ومُلح، مدخله حماية ثراوتنا الطبيعية والبيئية وإرثنا الثقافي المخبوء في قرانا وبلداتنا الزاخرة بتجارب كانت وما تزال عنوانا لتنمية قائمة على التوازن بين ثرواتنا وحسن إدارتها.

مهما تغربت أفكارنا وسط مظاهر العولمة الفكرية والثقافة وقد طاولت كافة جوانب الحياة، سنعود إلى فلسفة الاستدامة كحجر أساس في بناء الحاضر واستشراف المستقبل، وقد راكمتها تجارب الأجداد على مر العصور، يوم تصالحوا مع الطبيعة فأغدقت خيراتها، ويوم كرسوا الحب لأرض محضتهم الخير وبادلتهم بأكثر منه.

حماية البيئة أولوية 

وتعتبر "محمية أرز الشوف للمدى الحيوي" مثالا حيا لهذه الفلسفة، عبر تطلعات القيمين عليها ومد جسور التعاون مع المجتمعات المحلية والبلديات ضمن هدف توحيد الجهود لحماية الطبيعة والمحافظة على التراث، وكرست العناوين الرئيسية لإدارة مستدامة للموارد من خلال تثبيت وتطوير الممارسات التقليدية لكي تحاكي الحاجات الحالية والعصر، وبأهداف عدة، منها النهوض بالتنمية المحلية بكافة اتجاهاتها الثقافية والزراعية والإقتصادية والبيئية، وأن تصبح منطقة الشوف وجهة للسياحة البيئية، وتأمين دخل للمجتمع المحلي وتثبيت السكان في قراهم وأراضيهم بعيدا عن الهجرة إلى المدن، أي المساهمة في خلق فضاء أوسع من حدود المحمية الجغرافية إلى ما يستحضر آفاقا أوسع لتجربة لا بد من تعميمها في مختلف مناطق لبنان، إذا ما أردنا حماية البيئة كأولوية متصلة بأنماط العيش غير المنفصلة عن العلاقة بالأرض.

درب القمر

وفي غمرة نشاطات الصيف، ومع قطف الغلال وثمار مواسم الخير، وفي ما بقي من أيام ما تزال تجمع المواطنين في البساتين والحقول والكروم، نشطت مبادرات في خط مواز لنشاطات المحمية، وجاءت وفق رؤية شاملة تمثلت بتني نشاطات مختلفة وفي مجالات عدة، وبالتعاون مع البلديات والجمعيات الأهلية والمنتجين من مزارعين وحرفيين في القرى المحيطة بها.

وكانت إحدى هذه المبادرات الأولى "درب القمر" التي انطلقت بتاريخ 27 تموز (يوليو) في غابة أرز عين زحلتا – بمهريه وشارك فيه حوالي 4500 شخص من كافة المناطق اللبنانية، تابعوا في هذا النشاط المتميز من أعالي الأرز الخسوف الأطول لهذا القرن، وقد جرى تنظيم هذا النشاط الضخم من قبل "جمعية الرابطة الخيرية" وبلديات عين زحلتا وبمهريه، بالتعاون مع محمية أرز الشوف.

وجاءت المشاركة في هذا الحدث أكبر بكثير مما كان متوقعا، حتى أن غابة الأرز ضاقت بالرواد من مختلف المناطق اللبنانية، فضلا عن وفود أجنبية.

درب الحارة

وفي هذا السياق، وبعد "درب القمر" يأتي نشاط "درب الحارة" في 24 آب (أغسطس) في بلدة بتلون، ومن تنظيم النادي الثقافي الرياضي في البلدة والبلدية والتعاونية الزراعية بالتعاون مع المحمية، وهذا النشاط هو مهرجان قروي موسيقي تراثي يهدف إلى تسليط الضوء على بتلون القديمة المعروفة بـ "الحارة"، ويشمل في اليوم الثاني من النشاط أي 25 آب (أغسطس) مشيا على "درب الإدارة المستدامة للغابات" وصولا إلى سنديانة منطقة (فرنيا) المشهورة باسم "سنديانة إم شراطيط" المباركة في بلدة بطمة المجاورة، وسيرافق المسير عزف على العود، كما أن غرف ومنازل الحارة القديمة ستتحول إلى معرض تراثي، وتختتم الاحتفالية في 26 آب (أغسطس) بسهرة فنية.

سوق الغلة

ويتزامن هذا الحدث مع إنطلاق "سوق الغلة من المنتج إلى المستهلك"، ويضم حوالي 80 مشاركا من صغار المزارعين، وخصوصا السيدات اللواتي يصنعن المنتجات التقليدية، بالإضافة إلى منتجات حرفية متنوعة، وسيكون هذا السوق  أسبوعيا (كل نهار سبت) بهدف دعم صغار المزارعين والحرفيين، كما أنه سيركز على المنتجات الزراعية الطبيعية، ذات النوعية العالية، والتي تستخدم الممارسات الزراعية النوعية، والمياه النظيفة ومكافحة الأمراض بالطرق البيولوجية والتقليدية.

درب الغروب

ويختتم شهر آب (أغسطس) وبالتحديد  في 31 منه بـ"درب الغروب"، ويشتمل على مسير للتمتع بعبق رائحة الأرز اللبناني في غابة أرز الباروك الدهرية في بلدة الباروك – الفريديس، وهو نشاط تنظمه البلدية، ويبدأ النشاط بالسير في غابة الأرز لمدة ساعتين عند الغروب، على أنغام الموسيقى، كما ويتخلله تذوق النبيذ اللبناني والمنتجات البلدية من صنع سيدات ومزارعي الباروك والفريديس.

اليوم الوطني للدبكة

ويستهل أول أيلول (سبتمبر) بأمسية موسيقية أصيلة مع فرقة "وحدن" في بلدة معاصر الشوف ومن تنظيم البلدية فيها، يليه  في 2 أيلول (سبتمبر) المهرجان السنوي المنتظر من "جمعية جبلنا"، وهو" اليوم الوطني للدبكة".

وكما جرت العادة تحتفل معاصر الشوف مع أكثر من 150 منتج محلي وآلاف الزوار من كافة المناطق اللبنانية بطريقة نموذجية رائعة، تركز في هذه النشاطات على أهمية حماية التراث الطبيعي والثقافي بطريقة مبتكرة وغير تقليدية، ويتخلل النهار عروض دبكة لعدد من الفرق التراثية والشبابية ومسابقات وألعاب للأطفال ونزهات إلى غابة أرز المعاصر.

مواسم مرستي

أما في ختام هذه المجموعة من النشاطات، تنظم بلدية مرستي ، في 7 أيلول (سبتمبر) نشاط  "درب السنديان الروماني" يتخلله مشوار مع عصرونية في سياق احتفال "مواسم مرستي"، يليه لقاء ومسابقة مع مزارعي التفاح لاختيار أكبر تفاحة، وتكريم الفنان رفيق على أحمد، وقص شريط معرض المنتوجات الزراعية والمونة البيتية، ويستكمل النشاط مع سهرة فنية يحييها الفنان أمير يزبك.

لمزيد من المعلومات يمكنكم زيارة صفحات "الفايسبوك لـ "محمية أرز الشوف" و"جمعية جبلنا" و"بلديات الباروك-الفريديس" و"شوف لبنان بالباروك" و"الشوف الأصيل" وموقعنا ghadinews.net وغيرها.

وفيما يلي جدول مختصر لهذه النشاطات، ضعها على أجندتك للمشاركة بها: