"غدي نيوز" - * " فادي غانم "
بغض النظر عمن يكون وزيرا للبيئة في الحكومة العتيدة المنتظر إعلانها قريبا، لا نريد أن تظل هذه الوزارة حقيبة العاطلين عن العمل، أو الممنوعين من العمل، بمعنى تقييدها بسلطات تقعدها عن أداء دورها المفترض، لا بل نريدها تمارس سلطاتها على الوزارات التي هي على تماس معها، ومن هنا لا يمكن أن نعلق آمالا على أي حكومة لا تكون فيها وزارة البيئة سيادية وناظمة لكل ما هو على صلة بحياة الناس وبيئة لبنان وثروته الطبيعية وديمومتها، من المياه التي نشربها إلى الغذاء الذي نتناوله، مرورا باستمرار الكسارات والمقالع والمرامل في نهش جبالنا ومواقعنا الطبيعية، وصولا إلى تطبيق القوانين ولا سيما المتعلقة بالصيد البري وتكريس مبدأ الاستدامة واحترام نتائج دراسة الأثر البيئة لأي مشروع ومنشأة.
الحكومة في كفة ووزارة البيئة في كفة ثانية، ولا نقول ذلك مبالغة، فالبيئة غير منفصلة عن كل نواحي الحياة، وما شهدناه من فوضى وارتباك وفضائح في ملف النفايات المنزلية الصلبة على سبيل المثال لا الحصر، هو خير دليل على أن المطلوب وزارة بيئة سيادية، خصوصا وأننا موعودون بمشاريع جهنمية لجهة اعتماد المحارق خيارا وحيد لمعالجة النفايات.
إذا أخذنا في الحسبان النتائج التي ترتبت على الإدارة السيئة لملف النفايات، نجد أن المكبات لوثت هواءنا وكانت مجلبة لأمراض ساهمت في رفع سقف الفاتورة الاستشفائية، فوزارة الصحة معنية، وساهمت في تلويث المياه ومصادر المياه الجوفية، فوزارة الطاقة معنية، وشهدنا فوضى وتخط للقانون، فوزارة العدل معنية، وكان ثمة تراخ في مواجهة بعض تجليات الأزمة كالحرق الدائم للنفايات، وهنا وزارة الداخلية معنية، وشهدنا وما نزال استباحة للشواطىء وتهديدا للثروة السمكية، وهنا وزارة الزراعة معنية، فضلا عن مساهمة قطاع الصناعة في تلويث الأنهر وثمة مسؤولية على وزارة الصناعة.
هذا مثال يؤكد أن وزارة البيئة يجب أن تكون متمتعة بصلاحيات وسلطات تمكنها من المراقبة وتطبيق القانون، ووقف كل ما من شأنه أن يهدد بيئة لبنان وصحة أبنائه وثرواته الطبيعية، نريد وزارة بيئة قادرة على التصدي لحيتان المال، لا أن تكون شاهد زور على مصنع اسمنت وملحقاته يهدد البقية الباقية من بيئة عين دارة وتسويقه تحت شعار الأرز، ويبث إعلانات دون رقابة مسبقة، وهذا ما يفترض أن تكون معنية به وزارة الإعلام، على الأقل لمواجهة ادعاءات تهدد حياة الناس في أقضية أربعة: الشوف، البقاع الأوسط، عاليه وبعبدا، من مشروع لن يجلب إلا الموت للمواطنين، وسيساهم بتهجيرهم من قراهم.
حيال كل ذلك، نرفع صرختنا هذه لتكون بمثابة كتاب إلى فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، لاختيار وزير من خبراء بيئيين وذوي الخبرة والاختصاص، وتحصين الوزارة بسلطات استثنائية، لأننا إذا خسرنا البيئة خسرنا لبنان – لا قدر الله.
*الحاكم السابق لجمعية أندية الليونز الدولية – المنطقة 351 (لبنان، الأردن، العراق وفلسطين
*رئيس " جمعية غدي "