"غدي نيوز"
حذرت دراسة أوروبية من المخاطر الأمنية لـ "الحوسبة السحابية" بعد أن توصلت إلى أن السلطات الأميركية يمكنها الإطلاع على معلومات الشركات والأشخاص بشكل مباشر أو غير مباشر، وهو ما ينتهك الخصوصية وقد يترتب عليه عواقب أمنية كثيرة.
يمتلك مستخدم الإنترنت في الوقت الحالي حرية تخزين المعلومات وإعادة استدعائها متى شاء ومن أي مكان في العالم، وذلك بواسطة ما بات يعرف بنظام "الحوسبة السحابية"، الذي يتم من خلاله تخزين البيانات على خوادم في الشبكة العنكبوتية العالمية، بحيث يسهل استدعاؤها في أي وقت ومن أي مكان في العالم. لكن كيف وأين يتم تخزين هذه البيانات؟ وأين موقع الخادم الذي خزنت عليه البيانات؟ وما مدى الأمان الذي تتمتع به؟ فتلك قضية لا يعرف معظم المستخدمين تفاصيلها ولا يعيرون لذلك الأمر أي أهمية.
هذا الوضع يمكن أن يتغير الآن بعد أن كشفت دراسة، أجريت بتكليف من البرلمان الأوروبي، مخاطر وثغرات أمنية كثيرة. فقد توصل الخبراء من مركز دراسات النزاعاتCentre D'Etudes Sur Les Conflits ومركز الدراسات السياسية الأوروبيةCentre for European Policy Studies إلى نتيجة مفادها أن البيانات الخاصة بالمواطنين الأوروبيين المخزنة على الخوادم الأميركية وفق نظام "الحوسبة السحابية" ليست في مأمن من الوصول إليها من قبل طرف ثالث. فالسلطات الأميركية على وجه التحديد تستطيع باسم مكافحة الإرهاب الوصول بكل سهولة لهذه البيانات، وهي تعتبر ذلك عملاً مسموحاً به من الناحية القانونية.
لكن، توماس البريشت، عضو البرلمان الأوروبي عن حزب الخضر، يقول معلقاً على نتائج هذه الدراسة، بأنها ليست مدعاة لإثارة الذعر والمخاوف، مؤكداً أن قانون الخصوصية الأميركي ينطبق فقط على مواطني الولايات المتحدة الأميركية". وأضاف هناك قوانين خاصة منفصلة تهدف لمراقبة المواطنين غير الأميركيين، ويتم ذلك أيضاً من خلال البيانات الحساسة التي تتيح الشركات الأميركية الكبيرة، مثل مايكروسوفت وأمازون وتويتر وفيسبوك، الإطلاع عليها.
صلاحيات واسعة للسلطات الأمنية الأميركية
وتستند السلطات الأميركية في تحليل البيانات على قانون الأمن الوطني الخاص بمكافحة الإرهاب المعروف بقانون "باتريوت أكت" الذي صدر عقب تفجيرات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001. فبواسطة هذا القانون وكذلك التعديلات التي أدخلت على قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية منح المشرع الأميركي السلطات الأمنية الأميركية صلاحيات واسعة.
الناشط الألماني في مجال حماية الخصوصية ومفوض حكومة ولاية شليفيغ - هولشتاين لشؤون حماية الخصوصية، تيلو فايشاغت، توصل إلى نتيجة مفادها أنه فيما يتعلق بأمن المعلومات الخاصة بالشركات الأميركية فإن "الذراع الطويلة لقانون الخصوصية الأميركي تصل إلى أوروبا أيضاً". فهذه الشركات الأميركية، مثل مايكروسوفت، يتم "ابتزازها" من قبل السلطات الأمنية الأميركية، بحيث تُجبر على السماح بالإطلاع على البيانات التي يتم تجميعها وتخزينها على الخوادم الأوروبية للشركات. وهذه البيانات يمكن أن تلعب دوراً مهماً مثلاً في حالة التجسس الاقتصادي، كما يقول فايشاغت.
لكن ليست فقط أسرار الشركات الكبرى التي هي معرضة للاختراق، انما أيضاً البيانات الشخصية الخاصة بالأفراد، كما يقول فايشاغت، فهذه المعلومات يمكن أن تلعب دوراً مهماً في قرار منح تأشيرة الدخول إلى الأراضي الأميركية. كما يمكن أن يقود الإطلاع على المعلومات الشخصية للإفراد إلى إبلاغ السلطات الأمنية الأميركية لنظيرتها الأوروبية عن المتهمين وهو ما يجعل هؤلاء الأفراد عرضة لمراقبة الأجهزة الإستخباراتية في بلدانهم. واجمالاً لا يمكن على وجه الدقة معرفة كيف يتم التعامل مع هذه البيانات.
قانون أوروبي جديد لحماية الخصوصية
ويأخذ البرلمان الأوروبي هذه المخاوف بجدية، ففي هذا الأثناء يعمل البرلمانيون على مسودة قانون أوروبي جديدة لحماية الخصوصية. ويسعى النائب عن حزب لخضر، توماس البريشت، إلى أن يقتصر السماح للشركات بإعطاء بيانات المواطنين الأوربيين لطرف ثالث فقط في حالة وجود مسوغ قانوني يتيح هذه العملية. ومع ذلك أعرب البرلماني الأوروبي عن شكوكه في الكيفية التي سيتم التعامل بها مع هذه البيانات، مشيراً إلى أنه على الجانب الأوروبي هناك أيضاً مستفيدون كثر من أنشطة المراقبة الأميركية. "فأجهزة الاستخبارات والشرطة الأوروبية يسعدها أن تتلقى معلومات من الجانب الأميركي حول المواطنين الأوروبيين، لأن هذه الأجهزة لا تستطيع جمع هذه المعلومات بنفسها، كون القوانين الأوروبية تحظر عليها ذلك". وحيث أنه من المتوقع أن يصدر قانون حماية الخصوصية الأوروبي الجديد في عام 2014 على أقل تقدير، ينصح توماس البريشت مستخدمي الإنترنت الذين يرغبون في تخزين بياناتهم على "الحوسبة السحابية" أن يكون ذلك فقط خوادم أوروبية خالصة.