المخلفات الإلكترونية في السعودية تهدد المياه الجوفية

Ghadi news

Wednesday, May 30, 2012

حذر خبراء ومختصون في شؤون البيئة في السعودية من تنامي النفايات الإلكترونية في البلاد، والتي تشير الأبحاث إلى أنها تنمو بمعدل ثلاثة أضعاف أكثر من النفايات الأخرى، وأن دفنها في باطن الأرض يؤدي إلى تلوث الهواء والمياه الجوفية، وتكون الأمطار الحمضية الملوثة للمياه والتربة، مشددين على أهمية إنشاء مصانع مهمتها تدوير النفايات والاستفادة منها، على أن يتم دعم هذه الشركات من قطاعات الدولة الأهلية والحكومية.
ويؤكد الخبراء، في ما يخص النفايات الإلكترونية من أجهزة الاتصال، أن المملكة تتخلص سنويا مما يقارب ثلاثة ملايين طن، وبحسب آخر الإحصائيات فإن عدد المشتركين في شركات الاتصالات زاد على 47 مليون مشترك تقريبا، 35 مليون منهم مشتركون فعليون، يحملون جهاز جوال وأكثر، ويستبدل جزء كبير منهم الجهاز بشكل سنوي، وبعضهم الآخر لا يستفيد من جهازه السابق. كما يؤكد الخبراء أيضا أن خسائر الدول العربية الناجمة عن تجاهلها إعادة تدوير المخلفات الإلكترونية تصل إلى خمسة مليارات دولار سنويا.
وأطلقت جمعية البيئة في السعودية أول حملة توعية من نوعها لتدوير النفايات الإلكترونية، تهدف إلى نشر الوعي عن هذا النوع من النفايات، التي تشير الأبحاث إلى أنها تنمو بمعدل ثلاثة أضعاف أكبر من النفايات الأخرى. وبحسب الخبراء عن مفهوم النفايات الإلكترونية، فإنها تضم مجموعة واسعة من المنتجات، مثل الحواسيب وتوابعها من أجهزة التخزين وأدوات الإدخال والطباعة وأجهزة الصوتيات والبث والأجهزة المنزلية، وأجهزة الاتصال السلكية واللاسلكية وألعاب الفيديو ومعدات الإنارة وغيرها من الإلكترونيات. هذا من جانب أجهزة الهاتف الجوال، أما أجهزة التلفزيون والإلكترونيات الأخرى فإن أعدادا كبيرة جدا منها يتم إتلافه ويرمى، هذه الكمية الهائلة من الأجهزة تتطلب الاستفادة منها بإعادة صناعتها أو الاستفادة من القطع - بحسب خبراء في البيئة.
ويرى الدكتور اللواء محمد الجهني، الخبير البيئي والمدير الإقليمي، أن المتعاملين مع تلك الأجهزة من فنيين ومهندسين هم أكثر عرضة للضرر والإصابة بالإشعاعات التي يفرزها تحلل المواد التي تصنع منها هذه الأجهزة، محذرا من الأخطار التي قد يسببها التخزين غير الجيد لتلك المواد المتحللة منها خصوصا. وطالب الجهني الجهات المعنية بتبني بناء مشاريع شركات لتدوير وإعادة صناعة تلك المواد والاستفادة منها بدلا من ردمها في مكبات النفايات، الأمر الذي يتسبب في تحللها وتحولها إلى مواد مشعة ومضرة.
وتشجعت شركات الاتصالات الوطنية لدعم قضايا المسؤولية الاجتماعية، من خلال تبني مشروع برنامج توعوي لإعادة تدوير النفايات الإلكترونية، حيث قامت جمعية البيئة السعودية بتصميم برنامج توعوي يهدف إلى تشجيع الناس على المساهمة في حماية البيئة والتخلص من مكونات بعض الأجهزة الإلكترونية، وذلك من خلال توزيع صناديق في كل فروع شركات الاتصالات في المملكة وفي عدد من المواقع الأخرى، مثل محطات الوقود، والمراكز التجارية، واتباع بعض التعليمات البسيطة، إضافة إلى توفير مغلفات تحمل قسائم متسلسلة توضع فيها النفايات الإلكترونية، يقوم المساهم بتعبئتها مع رقم هاتفه النقال، مما يخول له دخول السحب الذي سيعلن من خلاله عن توزيع جوائز للفائزين في السحب الذي سيقام شهريا.
وتوضح الدكتورة ماجدة أبو رأس، نائب المدير التنفيذي لجمعية البيئة السعودية، لـ "الشرق الأوسط"، أن الجمعية بدأت إطلاق حملات توعية بيئية من بينها الحملة التي تم إطلاقها تحت شعار "وطني من دون مخلفات إلكترونية". وتهدف الحملة إلى نشر الوعي عن مفهوم النفايات الإلكترونية التي تشير الأبحاث إلى أنها تنمو بمعدل ثلاثة أضعاف أكبر من النفايات الأخرى.
من جهته، قال البروفسور فهد تركستاني، مستشار الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة بمنطقة مكة المكرمة "بحسب معلومات بعثها المركز الإعلامي لرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة تكمن خطورة تلك الأجهزة غالبا في تحللها على سطح الأرض أو في باطنها، حيث إنها تحتوي على إشعاعات ومواد بلاستيكية قد تتحلل وتتفاعل مع أشعة الشمس، وربما يحتاج هذا التحلل لأكثر من 30 عاما، وبالتالي تؤثر هذه المواد على طبقة الأوزون".
ورأى مستشار الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة أن خطر رمي أو طمس النفايات الإلكترونية في باطن الأرض لا يقتصر على الإنسان وحده، بل يتعداه إلى البيئة بكل مكوناتها من حيوان ونبات وطيور وهواء.
الدكتور أسعد أبو رزيزة، رئيس الجمعية السعودية لعلوم البيئة، قال إن النفايات الإلكترونية تشكل خطرا بيئيا على المياه الجوفية التي تتغذى منها الحيوانات وبعض الناس في الهجر، نتيجة تحللها. وأضاف "تنتشر بشكل متزايد، وذلك بسبب ارتفاع معدل التقنية المستمر والنزعة العامة لامتلاك كل ما هو مطور وجديد". وقال "تحتوي تلك الأجهزة على كميات كبيرة من المكونات السامة والضارة".
ولفت الدكتور أبو رزيزة إلى أن غياب وجود نظام متكامل لإدارة المخلفات بشكل عام والإلكترونية بالتحديد أسهم في انتشار هذه النوعية من النفايات، داعيا إلى ضرورة وضع نظام متكامل لإدارة المخلفات والتعامل معها بالطرق العلمية المدروسة، إلا أنه استدرك بالقول "هناك بعض البرامج لكنها لا ترقى للمطلوب، إذ إن كثيرا من الدول العالمية تمتلك أنظمة مقننة في إدارة النفايات ومنها الإلكترونية حفاظا على سلامة صحة الإنسان وبيئته".
وحول المقترحات لطرائق التخلص منها يقول الدكتور أبو رزيزة "لا توجد برامج لفرز هذه المخلفات وتدويرها أو التخلص منها بطرائق آمنة، ولا توجد كذلك أنظمة تقنن التعامل مع مخلفات من هذا النوع، لهذا تذهب في عمومها إلى مرامي النفايات البلدية الصلبة".
وبالعودة للدراسة التي بعثتها الدكتورة ماجدة أبو رأس، نائب المدير التنفيذي المكلف وعضو مجلس إدارة جمعية البيئة السعودية، فقد أكدت أن مهددات النفايات الإلكترونية تكمن في خطورتها على سلامة البيئة وصحة الإنسان، وتكمن في أنها تتخلل طبقات المياه الجوفية أو تتطاير في الأجواء، فتلوثها، إلى جانب خطورتها في احتوائها على مركبات تدخل في تكوينها مواد مثل الكلور فيلور أو غازات أخرى لها تأثير في الاحتباس الحراري وتحتوي على الزئبق والرصاص، خاصة المستخدم منها في عمليات اللحام وأجهزة الشحن الكهربائي، ومن مكونات هذا الخليط السام توجد المعادن الثقيلة مثل الكادميوم.
وبينت أبو رأس أن هذه المخلفات تختلط بالمخلفات العادية وتنشر مادة الديوكسين، وهي من السموم الخطيرة للهواء والتربة والمياه الجوفية، ومن ثم تهدد صحة الإنسان والكائنات الحية من نبات وحيوان، وتكفي بضعة شهور ليتحول الحاسب الآلي إلى قنبلة بيئية موقوتة، خاصة أن نسبة الرصاص تصل إلى معدل كيلوغرامين لكل شاشة تلفزيون و4 غرامات لشاشة الحاسوب.
وفي السياق ذاته، أوضح خبير تقنية المعلومات بدبي الدكتور معتز كوكش أن دفن النفايات في باطن الأرض يؤدي إلى تلوث الهواء والمياه الجوفية وتكون الأمطار الحمضية الملوثة للمياه والتربة، وأن أفضل الوسائل لتقليل خطر النفايات الإلكترونية هو إعادة تدويرها، ومحاولة الاستفادة منها مجددا، وإرفاق كتالوغ خاص بالتشغيل يحذر من خطورة إلقاء القطع الإلكترونية في القمامة، مشددا على أهمية إنشاء مصانع تكون مهمتها تدوير النفايات والاستفادة منها، على أن يتم دعم هذه الشركات من قطاعات الدولة الأهلية والحكومية.
وتعود الدكتورة ماجدة أبورأس لتؤكد أن أول مرحلة يمكن وضعها لمواجهة هذه القضية هي التوعية بخطورتها وآثارها السلبية وكيفية التعامل معها، وقالت "عملية التوعية لا بد أن تنفذها مؤسسات المجتمع المدني، وجمعية البيئة السعودية، والمؤسسات والهيئات الحكومية والقطاع الخاص والأفراد".
وأضافت "إذا تكاملت هذه الشراكة سيتحقق أول وأهم هدف وهو إدراك خطورة النفايات الإلكترونية، مما سيمهد ويساعد للانتقال لتنفيذ الهدف الثاني وهو التعامل معها بطرائق تضمن تدويرها وتقليص آثارها السلبية المركز الوطني للتدوير، حيث تقدمت باقتراح وتصميم مبادرة وطنية طالبت فيها بإنشاء مراكز وطنية للتدوير على مستوى الدولة بالتنسيق مع الجهات الحكومية والجهات ذات العلاقة، ويتم في هذه المراكز استقبال الأجهزة التي يرغب أصحابها الاستغناء عنها والعمل على إعادة تأهيلها أو تدويرها للاستفادة من بعض أجزائها ومن ثم إعادة توزيعها وبيعها بأسعار رمزية أو التبرع بها للجهات التعليمية والاجتماعية والخيرية سواء داخل الدولة أو خارجها".
وبحسب أمانة محافظة جدة، يتجاوز إجمالي النفايات، التي من المتوقع أن يستقبلها مردم النفايات الجديد، الواقع بوادي العسلاء، نحو 1.5 مليون طن سنويا، وذلك بواقع ما يقارب 126 ألف طن في الشهر الواحد، على افتراض أن جدة تحوي نحو 4 ملايين نسمة، فإنه من المتوقع أن ينتج عن إجمالي سكان جدة نحو 4200 طن يوميا من النفايات.
وأكد الدكتور هاني أبو راس، أمين محافظة جدة، أن الأمانة بدأت في تشغيل خطوط الفرز لاستقبال بقايا المواد غير القابلة للتدوير، فضلا عن ردمها بأساليب علمية، مؤكدا أنه تم الالتزام بالمواصفات والمعايير البيئية العالمية في إنشاء مرادم النفايات. وأشار إلى أن الأساليب العلمية التي يتم استخدامها في عمليات الردم تتضمن الردم بـ "البالة" كونها توفر مساحات في الخلايا بالشكل الذي يسمح بإطالة عمر الخلية، وذلك من أجل تجنب مخاطر التخلص التقليدية في المكبات القديمة، مشددا في الوقت نفسه على أهمية إنشاء تلك الخلية باعتبارها ضرورة للحفاظ على البيئة.وكانت أمانة محافظة جدة قد أغلقت مردم النفايات القديم «النخيل» بشكل رسمي منذ ثلاث سنوات، وذلك بهدف القضاء على الأضرار والمشكلات البيئية الناتجة عنه، حيث قدرت تكلفة مشروع إغلاق هذا المردم بما يقارب 150 مليون ريَال، في حين ستتم إعادة تأهيل الموقع بعد الإغلاق، واستخدامه كمتنزهات عامة وملاعب رياضية.
 

 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن