كفرسلوان تلملم آثار كارثة وتتخوف من المستقبل

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Tuesday, March 17, 2015

كفرسلوان تلملم آثار كارثة وتتخوف من المستقبل
غانم: لتأمين صيانة جيدة للخزانات الترابية

 "غدي نيوز" – أنور عقل ضو

لا يمكن فصل التنمية عن البيئة، فهما متلازمان في حياة الانسان ضمن مفهوم الاستدامة الذي يشكل الحافز الأهم لتجدد الموارد، وإذا ما أخذنا أحراج الصنوبر مثالا نجد أن مردودها على المزارع يدفعه للاعتناء بها، ومع ارتفاع أسعار الصنوبر الابيض في السنوات الخمس الماضية يولي المزارعون اهتماما أكبر بالاحراج، لا بل يعمدون إلى إعادة تشجير المساحات المحروقة، فيما تراجع اهتمامهم بشجرة الصنوبر وإهمالها في فترة إغراق الاسواق المحلية بالصنوبر التركي والصيني، يوم تدنت الاسعار إلى ما دون كلفة الانتاج.
وهذا ما ينطبق على قطاع زراعة التفاح في جبل لبنان الجنوبي، فمع تراجع المواسم خلال السنوات الماضية جراء عوامل المناخ، ومع وفرة الانتاج الموسم الماضي المكدس حتى الآن في البرادات (نحو 100 صندوق في برادات المتن الاعلى)، ما عاد في مقدور المزارعين الاهتمام بالخزانات الترابية التي تعتبر الشريان الأساس لزراعة التفاح، خصوصا إذا علمنا أن هذه الخزانات بحاجة للصيانة كل عام أو عامين، ولم يكن بالإمكان أن تزدهر زراعة التفاح وتستمر في أعالي المتن لولا "الخزانات الترابية".
وينوف عدد الخزانات في كفرسلوان وجوار الحوز وقرنايل وترشيش على الثلاثمئة خزان، وهي "تمثل الآن عبئا على أصحاب البساتين"، بحسب المزارع فوزي المغربي الذي أشار إلى أنه "مع توالي خسائرنا عاما بعد عام، وعدم مساعدتنا من قبل الدولة لتصريف الانتاج المكدس في خمس برادات في المتن الأعلى عبر إيجاد أسواق خارجية، فإن هناك عددا كبيرا من المزارعين لم يتمكنوا الى الآن من البدء برعاية بساتينهم وتقليمها ولا حتى رش الأشجار قبل ظهور البراعم بـ (الزيت الشتوي)، فكيف سيكون في مقدورهم صيانة خزاناتهم؟".

مخاطر جديدة

وثمة مخاوف الآن من أن تتحول "الخزانات الترابية" عبئا على المزارع وخطرا ماثلا على المواطنين، خصوصا بعد أن انفجر قبل نحو عشرة أيام خزان ترابي كبير في كفرسلوان لحفظ مياه الشتاء، وتسبب بإقفال الطريق الرئيسية وإلحاق الضرر بمنزل غسان حاطوم، فضلا عن بناء ما يزال قيد الانشاء، وكان يمكن أن يتسبب بكارثة في ما لو كان قريبا من الاحياء السكنية.
وأشار عجاج المغربي إلى أن "سبب انفجار الخزان قد يكون ناجما عن الاهمال"، ولفت إلى أن "الخزنات الترابية تتطلب متابعة مستمرة وصيانة لقعرها وجوانبها"، وقال: "الخزان الترابي يجب ألا يمتلىء بالمياه بالكامل، ودائما تترك فتحات لتتسرب المياه ما يحول دون امتلائه الأمر الذي يتسبب بتآكل جوانبه الدائرية العليا الاقل سماكة والتي لا تتحمل الضغط"، وعزا سبب انفجار الخزان إلى "تآكل الطبقة الترابية العليا بسبب انسداد فتحات تصريف المياه".
ولفت المغربي إلى أن "كثيرين يتخوفون الآن من الخزانات ولا سيما تلك الواقعة فوق الأحياء السكنية مباشرة"، وأشار إلى أن "بعض الاهالي بصدد الطلب من أصحاب هذه الخزانات بضرورة صيانتها كي لا يتسبب الأمر بكوارث لا أحد يمكن أن يعلم مدى حجمها".

مسح الأضرار

وعلم "غدي نيوز" أن وفدا من "الهيئة العليا للاغاثة" تفقد الموقع وحدد حجم الأضرار التي لم تقتصر على المنازل فحسب، وإنما طاولت أعدادا من أشجار الصنوبر، فضلا عن جرف بساتين تفاح بأشجارها، فضلا عن أن المياه والوحول أخذت في طريقها كل شيء بما فيها آلية حديثة لجرف الثلوج، وكان من المتعذر الوصول إلى هذه البساتين بسبب الوحول التي أقفلت الطرق الفرعية الزراعية.
ورأى رئيس "جمعية غدي" فادي غانم أن "الأمر الملح الآن يتمثل في مساعدة المزارعين على تأمين صيانة جيدة للخزانات الترابية للحد من تسرب المياه منها، وضرورة الاستعاضة عن التربة الدلغانية العازلة بنسبة 70 أو 80 في المئة بالنايلون المقوى". ودعا إلى "الإسراع في مواكبة ما هو قائم اذا كنا نريد للقطاع الزراعي أن يبقى ويزدهر ويتطور".

في الماضي

في الماضي، كانت توجد برك قرب الينابيع "نسميها (محاقن) وهي كانت عبارة عن خزانات أو بركة ترابية صغيرة تتسع لعشرين برميل مياه لري بضع شجرات"، يقول المزارع سامي الاعور ، لافتاً إلى أن "كفرسلوان والقرى المحيطة، عرفت زراعة التفاح منذ 60 سنة". ويعزو الفضل في ذلك إلى "الرئيس الراحل كميل شمعون، أول من شجع على زراعة شجرة التفاح". ويستدرك الاعور: "لقد استعضنا في ستينيات القرن الماضي عن (المحاقن) الصغيرة بالخزانات الترابية". وقال: "ما شجعنا على ذلك العقيد فؤاد لحود، وهو أول من أقدم على تطويرها وتوسيعها، عبر خزانين منفصلين، وعندما تأكد من أنهما قادران على استيعاب المياه، عمد إلى ربطهما ببعضهما البعض، فالمياه تشكل قوة ضغط كبيرة كفيلة بجرف الخزان والتسبب بكوارث لجهة تدفق كميات كبيرة من المياه دفعة واحدة، إن لم يكن الخزان مشاداً بطريقة هندسية دقيقة".
ويضيف: "في أحيان كثيرة لا تنجح التجربة بسبب أن التربة لا تكون ملائمة، فنعمد إلى إحضار تربة دلغانية من مكان آخر أو تربة (كدانية) صلبة لونها رمادي، ونضعها في أسفل الخزان وعلى جوانبه الدائرية. ونقوم بحدلها بواسطة جرار زراعي ثقيل الوزن لنمنع تسرب المياه".
أما فوزي المغربي فأشار إلى أنه "في السبعينيات بنى وليم مصابني خزاناً اسمنتياً ضخماً بشكل هندسي وفني في كفرسلوان. وغلفه بمادة مطاطية (كاوتشكوك)، واستطاع من خلاله ريّ 18 الف متر مربع من الأراضي الزراعية، وهو خزان الاسمنت الوحيد في البلدة". ولفت إلى أن "كلفة مثل ذلك الخزان كبيرة جداً، فيما عائدات القطاع الزراعي لا تمكن أحد من تغطية التكاليف".

الأنواع والكلفة

أما عن كلفة الخزانات الترابية، فأشار المغربي إلى وجود نوعين من الخزانات الترابية "الأول يتم تخزين المياه فيه من الأمطار والثلوج، والثاني من مياه الأنهر الشتوية والينابيع"،
وعن كلفة استحداث خزان ترابي، قال: "حفر خزان وتجهيزه يتطلب نحو 300 ساعة عمل لجرار (كلفة الساعة 50 دولارا)، وأقل خزان لا تقل كلفته عن 20 ألف دولار أميركي، مع احتمال عدم الصلاحية وضرورة تأمين (الدلغان)"، مضيفاً: "بدايةً، يتم حفر الخزان في تشرين الأول ومن ثم نبدأ بمراقبته مرات عديدة مع بداية الشتاء، للتأكد من عدم تسرب المياه المتجمعة من الأمطار، وإذا كانت ثمة مشكلة نقوم بمعالجتها، ومن ثم نفرغه من المياه ونقوم برصّ التربة، ودلكها جيدا، وذلك الأمر يتطلب نحو سنة".
ولفت المغربي إلى أن "الأمر لا ينتهي عند هذا الحد، فالخزانات بحاجة إلى صيانة كل سنتين أو ثلاث سنوات، ولا تقل الكلفة عن ألف دولار، وذلك ما يتسبب بارتفاع كلفة الإنتاج". وقال: "كل الوزارات المتعاقبة لم تولِ معاناتنا اليومية اهتماما. وما يهمنا بالدرجة الأولى هو تأمين تسويق الإنتاج لنتمكن من الشروع في معاملة البساتين وصيانة الخزانات".
في قرى أعالي المتن الأعلى ثمة هواجس لدى المزارعين ليس حيال القطاع الزراعي فحسب، وإنما حيال "الخزانات الترابية" المرتبط وجودها بهذا القطاع وسبل تأمين صيانتها ومراقبتها، وإلا ستشهد بعض القرى والبلدات انهيارا اقتصادها وتصدع خزاناتها، خصوصا وأن ما شهدته كفرسلوان مؤخرا يشكل إنذارا يجب التعاطي معه بكثير من الاهتمام من قبل سائر الجهات المعنية من وزارة الزراعة الى "المشروع الاخضر" الذي ساعد المزارعين في ستينيات وسبعينيات القرن في بناء هذه الخزانات.

"السفير" + "غدي نيوز"
 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن