"غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو

يفاجىء الفيديو كليب الأخير للفنانة إليسا بتخطيه السائد من أعمال فنية مماثلة، فإلى الرصانة في توصيف حالة إنسانية معينة، نجد أن ثمة بعدا فنيا راقيا، لحنا وتوزيعا موسيقيا وكلمات، فضلا عن رؤية إخراجية محترفة.
أغنية "الكليب" كتب كلماتها أحمد ماضي، ولحنها زياد برجي، وأخرجتها أنجي جمال، وهي بعنوان "يا مرايتي" من ألبومها الأخير "حالة حب"، وجاءت المشاهد متناسقة مع حبكة فنية منسجمة مع كلمات الأغنية وأضفت عليها نبضا جديدا.
فالقصة قصة إمرأة عادية لديها طفلين، بنت وصبي، وتتعرض للتعنيف، على يد الزوج في هذه الحالة، وتسكت، من أجل طفليها، حتى طفح الكيل. 
وكان للمخرجة أنجي جمال في مقابلة مع مجلة "سيدتي" مداخلة حول موضوع الفيديو كليب، فقالت "انه مبني على قصة حقيقية لجريمة قتل حدثت منذ سنتين في لبنان وذهبت ضحيتها السيدة ليلى يعقوب"، فـ "الكليب" ليس مجرد عمل متكامل لناحية القصة والإخراج والأداء فحسب، بل هو قضية لم يعالجها أي عمل فني من قبل بهذه الحرفية، خصوصاً أن العمل رفض أن يغرق في السوداوية، وانتهت القصة على نصيحة مفادها أنه دائماَ في نهاية النفق، ثمة بدايات لحياة جديدة تستحق أن تعاش.
وهناك مشهد مهم يكمّل الفكرة الأساسية التي وضعتها المخرجة، فكثيرات يتعرضن للتعنيف ويخجلن في الوقت عينه الافصاح عن معاناتهن، وبطلة القصة واحدة منهن، ترفع صوت التلفاز لتخفي معاناتها عن أطفالها، تمشي في الطريق وتبتسم لتخفي ألمها عن جيرانها، هي مثال للسيدة الحريصة بألا يعرف أحد ماذا يجري خلف الأبواب الموصدة.
ما لفت نظري أولا، أن الفكرة وصلت للشباب وبشكل مباشر، لا بل، أعطت مثالا لإمرأة معنفة، لم تعد تحتمل الظلم. وثانيا، لتوصل للمشاهد عند حضور الفيديو، بأنه قد يغير حياة الكثيرات، حيث يتشجعن على قول كلمة "لا".
يذكر أنها ليست المرّة الأولى التي تعالج فيها إليسا قضية العنف ضد النساء، إذ سبق لها أن طرحت أغنية "من غير مناسبة" التي تبدو كلماتها قريبة من كليب "يا مرايتي" بما يحمله من قضية إنسانية تعاني منها النساء في كل أنحاء العالم.
وسط هذا الكم الكبير من الأعمال الهابطة، نثني على الفنانة اللبنانية إليسا، والتي تتخذ الفن وسيلة لإيصال الرسائل الإجتماعية الهادفة، بقالب فني يتخطى السائد، ومنها مكافحة العنف ضد المرأة وخصوصا في الآونة الأخيرة، وقد شهدنا حالات عنف ضد المرأة، مما يجعلنا ندق ناقوس الخطر. ونشد على أيدي فنانينا، وبالذات الفنانة إليسا، التي من خلال هذا الفيديو كليب، قد تكون حثت النساء والمجتمع على مناصرة المرأة في هذه القضية الإنسانية والتصرف حيال المرتكبين بالوسائل المتاحة. وهي أكدت على دور الفن بأنه ليس مجرد ترفيه، وإنما منصة للتصدي لحالات مجتمعية نافرة، ودائما في سياق فني يحمل إلى النضوج مناخا إبداعيا موسيقى وكلمات وأداء.