"غدي نيوز" - ترجمة وإعداد سوزان أبو سعيد ضو

التوالد العذري بين الحيوانات، ربما لا يكون الملجأ الأخير للحفاظ على الأجناس بل مجرد بديل مؤقت للتكاثر الطبيعي.
فلأول مرة، وجدت بعض أنواع الأفاعي وخصوصاً من نوع أفعى الحفرpit vipers  التي بدأت بوضع بيوض بدون الحاجة لأب في الطبيعة. بالرغم من وجود ذكور مؤهلين للتزاوج مع الإناث.
فمن بين الحيوانات الفقارية التي تتكاثر عادة بالتزاوج، لاحظ علماء عملية التكاثر العذري أوparthenogenesis  في إناث بعض أنواع الأفاعي وتنين كومودو Komodo dragon، وهو نوع من الزواحف، بعض الطيور وسمك القرش في حالة الأسر.
الغريب الآن إن هذه الطريقة، التي كان يُعتقَد أنها طريقة منطقية في التطور البيولوجي لبعض الأجناس للإستمرار في غياب الوالد المناسب وهي في الأسر. وجدت هذه الدراسة التي قادها العالم في البيولوجيا وارن بوث  Warren Boothمن جامعة تولسا في أوكلاهوما ونشرت في النسخة الأسبوعية من مجلة رسائل بيولوجية Biology Letters، أن حالة التكاثر العذري تتم أيضاً في الطبيعة.
وقد قام الفريق الجامعي تحت إشراف بوث بالأمساك بإناث الأفاعي في حالة حمل، من أنواع الرأس النحاسي copperhead، والفم القطني cottonmouth من الحقول حيث كان الذكور متواجدين بشكل طبيعي. وعند الإنجاب قام العلماء بتوثيق صفات الصغار الجسدية وخارطتها الجينية.
وكانت نتيجة الدراسة أن أفعى من أصل 22 أفعى من نوع الرأس النحاسي وأفعى من أصل 37 من أفراد الفم القطني، تكاثرت بشكل عذري.
وقد وجد بوث أن هذه النسبة عالية بشكل يثير الدهشة. ويقول أن "حقيقة أن نجد هذه الظاهرة في هذه العينة القليلة من الأفاعي هو شيء غريب". ويضيف "ما سنقوم به الآن هو العودة إلى هذه المجموعات ونقوم بأخذ عينات أكثر لدراستها عاماً بعد آخر لنرى إن تكررت هذه النسبة العالية من التكاثر اللاعذري مرات أخرى ونحاول دراسة الأسباب والموجبات التي تدفع هذه الحيوانات لهذه الطريقة من التكاثر غير العادية.

غرائب التكاثر العذري
 

لعل السؤال البديهي الأول هو لماذا تقوم هذه الحيوانات بالتكاثر العذري بوجود كل هذه الذكور المرشحة للتكاثر الجنسي؟
الإحتمال الأول، أن تكون الطريقة الوحيدة التي تستطيع فيها هذه الأفاعي التكاثر، بحيث لاحظ بوث أن الأفعى ذات الرأس النحاسي التي تكاثرت بشكل عذري كانت أصغر من مثيلتها. وربما أهملت من الذكور لصالح إناث أصح. وهناك إحتمال آخر تقدم به علماء آخرين وحتى بوث بحث أيضا إمكانية حدوثه وهو أن عملية التكاثر العذري قد تكون خطأ في التطور نتيجة إصابة هذه الكائنات محفز على هذا الخيار.
وإحدى الغرائب الأخرى كذلك أن نتيجة هذا التكاثر العذري في الحالتين أفعى واحدة بينما في الحالة العادية لذوات الرأس النحاسي فالصغار تكون أعدادها بين 6 و9 أفاعٍ. بينما ذوات الفم القطني قد تفرخ حوالي 20 أفعى.
والغريب ايضا أن كلا الصغار عبارة عن ذكور. وقد تبدو الحالة كصدفة، لكن كل حالات التكاثر العذري كانت الصغار ذكوراً، وهي حقيقة علمية موثقة وعدة مرات.
ويتابع بوث أنه "من المهم إن وجدنا إناثاً. فليس هناك سبب منطقي يمنع أن يكون هناك إناثاً. لكن كل أجناس الأفاعي التي درسناها حتى الآن، كانت الصغار الناتجة ذكوراً. وليس معلوماً أيضاً إن كانت الحيوانات التي ولدت بطريقة التكاثر العذري يمكنها التكاثر بالطريقة الجنسية أم بالطريقة العذرية".
ويختم بوث "من المعلوم أن الصغار المولودين بالطريقة العذرية قد يكون لديهم إختلالات غير طبيعية أو يموتون مبكراً وهذا نتيجة هذا النوع التكاثر الحاد".
ويذكر أن من أوائل الحالات الموثقة للتكاثر العذري هي لقرش رأس المطرقةhammerhead sharks  والتي فرخت عام 2001 في حديقة حيوان هنري دورلي، ولكن قتل الفرخ بعد ذلك بوقت قصير من الأسماك الأخرى. ولكن الدراسة الجينية أثبتت خلوه من مورثات الأب الجينية.
ولعل المثير للدهشة هو القرش من نوع قرش الحمار الوحشيzebra sharks الموجودة في برج العرب في دبي بإسم "زبيدة" والتي تكاثرت بشكل عذري للمرة الرابعة داخل أكواريوم ضخم. وهي ظاهرة لم تحدث من قبل طبقاً للمدير العام للأكواريوم ديفيد روبنسون David Robinson.

لا تخافوا أيها الرجال لا زلتم بأمان حتى الآن

يحدث التكاثر العذري عندما يقوم الجسم القطبي "وهو جزء ينتج مع البويضة" حيث يعمل مثل الحيوانات المنوية بتخصيب البويضة. وبالنتيجة فالمادة الوراثية للصغار لا تتطابق مع الوالدة بل تكون نصف استنساخ "half clone".
يعلق العالم البيولوجي البحري في جامعة ستوني بروك نيويورك داميان شابمانDemian Chapman  الذي كان أول من أكتشف التكاثر العذري لدى قرش بلاكتيبblacktip sharks . "إن عملية التكاثر العذري قد لوحظت في الأسر لدى أسماك القرش، والزواحف، ولدى الطيور، ربما لقربهم الجيني من الزواحف، ولا يُعتقَد بأن الثدييات لديها القدرة على التكاثر العذري. لأن التكاثر يحتاج نسخ من المادة الجينية من كلا الوالدين. لذا لا تكاثر عذري لدى البشر، وانما فقط عند الطيور والأسماك والزواحف".

لمحة عن تنين كومودو

التنين كومودو هو نوع من السحالي والأضخم في العالم لذا لقب بالتنين. وكومودو نسبة إلى جزيرة كومودو الإندونيسية من جزر سوندا الصغرى والتي تتميز بالظروف المناخية القاسية والتي عاش فيها تنين الكومودو لملايين السنين.
وقد يصل طول هذا الحيوان إلى  10 أقدام أي 3 أمتار، ووزنه إلى أكثر من 300 رطل إنجليزي أي 136 كلغ، وقد يعيش تنين الكومودو في الطبيعة إلى 30 عاماً. ومن المثير للدهشة، إن الإنسان لم يعرف بوجود هذه الحيوانات حتى 100 سنة مضت. ويعتبر تنين الكومودو من الحيوانات المعرضة للإنقراض. حيث تتراوح أعداده الآن بين 3000-5000. والأسباب عديدة منها موت الإناث التي تضع البيض، الصيد الجائر، الزحف العمراني، والكوارث الطبيعية.
ويتميز برأس طويل مسطح وخطوم (أنوف) مستديرة وجلد حرشفي وأطراف منحنية وأذيال  عضلية ضخمة. ويعتبر تنين كومودو المفترس المهيمن على مجموعة الجزر التي تسكنها، وهي تأكل أي شيء تقريباً، بما في ذلك الجيف والغزلان والخنازير وصغار التنين الأخرى، والحيوانات الكبيرة مثل جاموس الماء وحتى البشر.
يعتمد التنين كومودو على التمويه والصبر، ويتمدد في انتظار مرور فريسة. وعندما تتمهل الضحية، ينقض عليها، مستخدماً أرجله القوية، ومخالبه الحادة المسننة، وأسنانه التي  تشبه أسنان اسماك القرش إلى الهجوم مستهدفاً أمعاء فريسته. والحيوانات التي تفر هرباً من فكي تنين الكومودو تشعر بالحظ لفترة وجيزة لا تتجاوز 24 ساعة. فلعاب التنين يعج بأكثر من 50 من سلالات البكتيريا، فتموت الضحية عادة من تسمم في الدم. فيتبعه التنين بهدوء لأميال، وذلك باستخدام حاسة الشم للوصول إلى الجثة. ويمكن لتنين الكومودو أن  يأكل 80 في المئة من وزن الجسم في وجبة واحدة.