fiogf49gjkf0d
"غدي نيوز"
من المتوقع في غضون سنتين أن تنحو مدينة عاليه في اتجاه عصرنة حضورها، ولكن من خاصرة البيئة وما تطرح من تحديات لحظوية، وسط ما نشهد من تراكمات وعادات وسلوكيات تحولت معها مدننا وقرانا ضحية العصرنة عينها، من تلوث ونفايات وتراكيز كبيرة من السموم الناجمة عن عوادم مولدات الكهرباء وعوادم السيارات، فضلا عن تحديات في المستقبل من المفترض ملاقاتها بما يحترم حضورنا الإنساني عبر المواءمة بين الصحة والجمال كأولوية من جهة، وبين موجبات التطور «المؤنسن» من جهة ثانية.
فهل تكون عاليه أول مدينة بيئية في لبنان؟ قد يبدو السؤال غير عادي لحدث غير عادي أيضا، وهو أن شارعها السياحي الممتد من مستديرة عاليه وصولا إلى سوقها الرئيسي سيغدو بعد سنتين مخصصا للمشاة فحسب، أما حركة النقل من وإلى المدينة ستقتصر على عربات الخيل والسيارات الكهربائية، علما أن بلدية عاليه كانت أول مدينة في لبنان استخدمت السيارات الكهربائية قبل أكثر من خمسة عشر عاما، إلا أن هذا المشروع لم يدم إلا لموسم صيف واحد، لأسباب تقنية.
الخط الدائري
أهمية المشروع الجديد أنه بدأ بالتوازي مع «مشروع الخط الدائري ـ عاليه»، وهو أحد أهم المشاريع الحيوية لعاليه ومنطقتها، ومرسوم إنشائه صدر في العام 1973، كحاجة فرضها وقتذاك تطور قطاع السياحة والاصطياف، أي قبل أن تشهد عاليه نهضة عمرانية منذ تسعينيات القرن الماضي، وتحولها الى مدينة ضاجة بالحياة أبعد بكثير من موسم الصيف، بحيث أصبح المشروع يمثل ضرورة ملحة للحد من الاختناقات المرورية والتلوث والضجيج في المدينة وجوارها.
يقول رئيس بلدية عاليه وجدي مراد لـ «السفير» « بدأنا العمل بالخط الدائري وهو بطول أربعة كليومترات»، مؤكدا أن «أهمية هذا المشروع لا تقتصر على مدينة عاليه فحسب، وإنما تطاول منطقة عاليه، كونه يبعد السيارات المتجهة من البقاع إلى بيروت أو الجنوب عن سوق عاليه وشوارعها الرئيسية»، لافتا إلى أن «الخط الدائري يمر بمحاذاة المدينة وصولا إلى بلدتي عين الرمانة (قضاء عاليه) وعين السيدة فسوق الغرب»، ولفت مراد إلى أن «الخط الدائري يحول دون مرور الشاحنات والسيارات التي تمر مرور الكرام في وسط عاليه»، وأكد أن «المشروع من شأنه أن يرفع الضغط عن شارع بشارة الخوري والحي الغربي ويخفف من الازدحام المروري قرب سرايا عاليه صيفا شتاء».
انطلاق المشروع
وانطلقت قبل أسابيع عدة ورش عمل في مشروع نموذجي، بعد أن استملكت بلدية عاليه قطعة أرض مساحتها 5600 متر مربع من «شركة الجابر»، تقع خلف «فندق رون بوان» عند مدخل المدينة لجهة الطريق الدولية، وبحسب مراد فإن «هذه الأرض ستكون نعمة على المدينة، فاستملاك مساحة 5600 متر مربع في قلب المدينة ليس (مزحة) في مدينة مثل عاليه»، لافتا إلى أن «هذه الأرض ستساعدنا لإزالة السيارات كافة عند مدخل عاليه وستوضع فيها، من سيارات الموظفين سيارات المصارف والمكاتب وغيرها، لإفساح الطريق أمام قاصدي المدينة من الدخول إليها بعيدا من حركة الازدحام الخانقة»، ولفت إلى أنه «قريبا جدا ستوضع عدادات المواقف Park Meter في كافة شوارع المدينة وصولا الى الحي الغربي».
وأشار إلى أن «كل ذلك لحماية الناس»، مضيفا: «أحد الأشخاص سألني قائلا أن كل هذه المشاريع التي تنجزونها هي في النهاية (حجر) فماذا أنجزتم لـ (البشر)؟ فأجبناه أن هذه المشاريع التي ننجزها هي لحماية البشر، لتأمين وظائف للبشر، لكي يتمكن الانسان أن يؤمن موقفا لسيارته، ويتنشق هواء نظيفا، وهذه من أجل الناس وراحتهم والاستفادة من مواصفات وميزة هذه المشاريع».
وأضاف مراد: «يجب ألا ننسى الجهد وأننا نستملك من أموال البلدية، وذلك من خلال مرسوم جمهوري وإجراءات قانونية»، لافتا إلى أن «كلفة استثمار الأرض بلغت مليار وأربعمئة وخمسة وثمانين مليون ليرة لبنانية»، وقال: «هذه السنة والسنة المقبلة ستكون الأرض عبارة عن مشروع مواقف وخلفها سيكون هناك حديقة عامة بمساحة ألفي متر، وبعد إنجاز هذه المرحلة، نكون قد أمَّنا التمويل اللازم لبناء أربع طبقات تحت مستوى الأرض، وبعدها ستكون ثمة وجهة خاصة للمشروع، بحيث أن كل السيارات تركن في المواقف المجهزة، ومن ثم تتولى عربات الخيل والسيارات الكهربائية نقل المواطنين إلى سوق عاليه الذي سيصبح سوقا للمشاة بعد سنتين».وأكد أن «هذا المشروع سيضفي طابع الاستثناء على المدنية، من ضمن مخطط عام بدأنا به قبل ثمانية عشر عاما، لجهة تطوير عاليه والحفاظ على سماتها وهويتها الثقافية والتاريخية»، ولفت مراد إلى أن «البيئة فرضت تحديات أيضا مع الاهتمام بالأحراج الموجودة وزيادة المساحات الخضراء، فضلا عن تخصيص شوارع في أكثر من منطقة باتت مخصصة للدراجات الهوائية ولهواة المشي في الطبيعة، فضلا عن السياحة البيئية، ومن بينها تحويل ممر الطيور المهاجرة رأس الجبل إلى منطقة تمكّن محبي رصد الطيور وتصويرها ممارسة هوايتهم، فضلا عن غيرها من المشاريع».
المصدر : السفير