"غدي نيوز"
إيليسيا عبود -
ما تزال الدراسة الصادمة التي نشرت نتائجها أواخر العام المنصرم تؤرق علماء المناخ وخبراء الأحياء في العالم، خصوصا وأنها كانت قد حذّرت من أن نصف المخلوقات على كوكب الأرض لا يمكنها التأقلم مع تنامي ظاهرة الاحتباس الحراري، لا بل خلصت إلى استنتاج أكدت خلاله أن "الانقراض الجماعي السادس للحيوانات في تاريخ الأرض قد يحدث في أقل من خمسين عاما".
الدراسة التي سبق ونشرت في العديد من الدوريات العلمية، وعرض ملخصا لها موقع جريدة "الاندبندت" Independent تلتها دراسات جديدة تناولت على نحو متخصص قطاعات بعينها، إن على مستوى البيئة البحرية وإن على مستوى الكائنات البرية في مختلف بيئات العالم.
فقد وجد عالم الأحياء الشهير البروفسور جون وين John Wiens أن "47 بالمئة من أصل ألف نوع من المخلوقات عانت من انقراض محلي على صلة بتغير المناخ تسبب في غياب مجتمعاتها بالمناطق التي وجدت فيها من قبل".
وقال وين وهو محرر في دورية الـ "كوارترلي ريفيو أوف بيولوجي" The Quarterly Review of Biology والحائز في 2011 على الجائزة الرئاسية للجمعية الأميركية لعلماء الطبيعة- إن آثار الاحتباس الحراري على المستقبل خطيرة، لأن دراسته أظهرت أن النباتات والحيوانات تكافح للتعامل مع المقدار الصغير نسبيا من ارتفاع حرارة الأرض الذي اختبرته حتى الآن.
انقراض محلي
ارتفعت حرارة الأرض حتى الآن بمقدار درجة مئوية واحدة فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، لكن من المتوقع أن ترتفع بين 2.6 و4.8 درجات بحلول عام 2100 إذا لم يتم اتخاذ إجراءات كفيلة بخفض انبعاث الغازات الدفيئة.
وفي دراسته المنشورة في دورية "بلوس بيولوجي" PLOS Biology، تناول البروفسور وين أبحاثا أكاديمية عن 976 نوعا مختلفا من كافة أنحاء العالم والتي تمت دراستها مرتين على الأقل، مرة قبل نحو خمسين عاما، ومرة أخرى خلال السنوات العشر الأخيرة، وشملت 716 نوعا مختلفا من الحيوانات، و260 نوعا من النباتات في آسيا وأوروبا وأميركا الشمالية وأميركا الجنوبية وأماكن أخرى.
وفي نحو نصف الأنواع التي درسها تبين له وجود انقراض محلي، وذلك لأن الأنواع لم تستطع التغير بسرعة كافية لمجاراة التغير البسيط في المناخ، وأن هذا قد يزيد بمعدل ضعفين إلى خمسة أضعاف خلال العقد القادم بسبب الاحتباس الحراري.
ويعتقد وين أن المعدل الحالي للانقراض العالمي للحيوانات والنباتات أسرع من بعض أحداث الانقراضات الكبيرة الخمسة في تاريخ الأرض، لكن حتى الآن فإن العدد الإجمالي لا يقارن بعدد الأنواع التي فُقدت عندما اختفت الديناصورات عن وجه الأرض قبل 65 مليون سنة.
ورغم أن الانقراض السادس الكبير لم يحدث بعد، فإن المؤشرات تدل على أننا في الطريق إليه، وفقا للبروفسور وين الذي قال إنه "إذا لم نفعل شيئا فيبدو أن هذا سيحدث في غضون الخمسين إلى المئة عام المقبلة".
الأنشطة البشرية
وفي دراسة نشرت نتائجها مؤخرا، تناول فيها خبراء من كافة أنحاء العالم التهديدات الحالية والمستقبلية للتنوع البيولوجي، وجدوا أن ما يقرب من ربع أنواع الثدييات معرضة لخطر الانقراض، ومعها 13 بالمئة من الطيور، وحذروا من أن الآثار ستعود في نهاية المطاف سلبا على الإنسان، الذي يعتمد على النباتات والحيوانات من أجل البقاء، ونشرت النتائج في قسم التنوع البيولوجي الخاص من المجلة العلمية.
وتقاطعت هذه الدراسة مع دراسات عدة حذرت من تأثير العديد من الأنشطة البشرية التي تهدد حاليا الأنواع في كافة أنحاء العالم، وإدخال الأنواع غير الأصلية (الغازية)، وخلصت إلى أن هذه الأنشطة تدفع العديد من الأنواع على طريق الانقراض.
كما أن الأنشطة البشرية تقود الانقراض الجماعي السادس في تاريخ الحياة على الأرض، على الرغم من أن التنوع في الحياة يعزز العديد من الفوائد التي يجنيها الناس من الطبيعة، مثل الخشب من الغابات، وعلف الماشية من المراعي، والأسماك من المحيطات والجداول، وأنه سيكون من الحكمة أن تستثمر أكثر من ذلك بكثير للحفاظ على التنوع البيولوجي.
وقال تقرير آخر إن أكثر من 360 نوعا من الثدييات الكبيرة في أفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية والمناطق الأكثر تنوعا في العالم تواجه تهديدا كبيرا.