"غدي نيوز" - ترجمة سوزان أبو سعيد ضو
كتب البروفسور تيري هيوز Terry Hughes من "جامعة جيمس كوك" James Cook University الأسترالية والبروفسور جوشوا سينر Joshua Sinner من ARC، أو "المجلس الأسترالي للبحوث" Australian Research Council قسم دراسات الحيد المرجاني في صحيفة The Conversation، بالتزامن مع موقع "المنتدى الإقتصادي العالمي" the World Economic Forum، مقالة أكدا فيها على "ضرورة عدم الإستسلام بما يخص الحيد المرجاني العظيم"، على الرغم من المناقشات حول التحديات الخطيرة التي يواجهها والتي نوقشت بالتفصيل وبعمق في مقالة علمية نشرت في مجلة "نيتشر" Nature تحت عنوان "الحيد المرجاني العظيم في زمن الأنثروبوسين"Coral reefs in the Anthropocene، والأنثروبوسين هو توصيف جيولوجي لعصرنا الحاضر حيث تؤثر النشاطات البشرية على المناخ والبيئة.
وقال الباحثان في مقالهما: "بدلا من فقدان الأمل والاستسلام، علينا أن نتقبل حقيقة أن الشعاب المرجانية في كافة أنحاء العالم تتحول بسرعة إلى نظام بيئي ناشئ حديثا، ومن الناحية الواقعية، لم يعد بإمكاننا أن نتوقع الحفاظ على الشعاب المرجانية كما هي أو الحفاظ عليها أو استعادتها كما كانت عليه"، وأضافا: "إنها رسالة صادمة ولكنها رسالة مواجهة، تركز أيضا على ضرورة الاهتمام بما يتعين علينا القيام به لضمان مستقبل واقعي للشعاب المرجانية، والاحتفاظ بالأمن الغذائي، وغير ذلك من الفوائد التي تقدمها هذه الشعاب للمجتمعات والموائل البحرية".
نظام بيئي متغير
وأردفا: "كانت السنوات الثلاث الماضية الأكثر دفئا على الإطلاق، وعانت العديد من الشعاب المرجانية في كافة أنحاء المناطق المدارية نوبة واحدة أو أكثر من حالات التبيض خلال موجات حرارية طويلة الأمد تحت المياه، والمرجان الأبيض لا ينفق بالضرورة، ولكن في العام 2016، نفقت ثلثا الشعاب المرجانية في شمال الحاجز المرجاني العظيم في ستة أشهر فقط، نتيجة إجهاد حراري لم يسبق له مثيل، وهذا العام حدث التبيض مرة أخرى، وهذه المرة في الجزء الأوسط من الشعاب المرجانية".
وأضاف الباحثان: "في كلتي السنتين، نجا الثلث الجنوبي من الشعاب المرجانية، لأنه كان أكثر برودة، لذا فإن عملية التبيض غير مكتملة وتتفاوت في شدتها، وتعتمد جزئيا على مكان سخونة الماء في كل صيف، وعلى الاختلافات الإقليمية في معدل الاحترار، وبالتالي فإن بعض المناطق، والشعاب المرجانية، أو حتى المواقع المحلية داخل الشعاب المرجانية، يمكن أن تنجو من الضرر حتى أثناء موجة الحر العالمية".
ولفت العالمان إلى أن "هذا التباين الطبيعي يتيح أملا في المستقبل، ويمثل مصادر مختلفة للمرونة، وسوف تستمر الشعاب المرجانية الباقية في إنتاج مليارات اليرقات كل عام، وسوف تتطور تركيباتها الوراثية في ظل الانتقاء الطبيعي المكثف"، وأضافا: "بالإستجابة لصيد الأسماك، والتنمية الساحلية، والتلوث، وأربع نوبات من التبيض في الأعوام 1998 و 2002 و 2016 و 2017، أصبح الحاجز المرجاني العظيم نظاما بيئيا متغيرا للغاية، وسيتغير أكثر في العقود المقبلة، على الرغم من أن الشعاب المرجانية ستكون مختلفة في المستقبل، فإنها يمكن أن تكون لا تزال لديها قدرة وظيفية لقرون قادمة كما ستكون قادرة على الحفاظ على العمليات الإيكولوجية وتجديد أنفسها".
وحذرا من أن "هذا الأمر لن يكون ممكنا إلا إذا تصرفنا بسرعة للحد من تغير المناخ، فإن أحداث التبيض المعتدلة هي أيضا انتقائية للغاية، ما يؤثر على بعض الأنواع المرجانية والمستعمرات الفردية أكثر من غيرها، ما يخلق فائزين وخاسرين بين الأنواع التي تختلف فيما بينها أيضا في قدرتها على التكاثر، وتفريخ اليرقات، والتعافي بعد ذلك".
اتفاق باريس
وقال الباحثان "يوفر اتفاق باريس بشأن المناخ، الإطار الرئيسي لتفادي مستويات خطيرة جدا من الاحترار العالمي، وأهم أهدافه الحد من وصول درجات الحرارة إلى 1.5 و 2 مئوية في الزيادات في متوسط درجات الحرارة البرية والبحرية العالمية، مقارنة بأوقات ما قبل الثورة الصناعية. وبالنسبة لمعظم المحيطات الاستوائية الضحلة، فإن درجات الحرارة ترتفع ببطء أكثر من المتوسط العالمي، ولكن ذلك يترجم إلى 0.5 درجة مئوية من مزيد من الاحترار بحلول نهاية هذا القرن، وهذا المعدل، أقل بقليل من نسب الاحترار التي شهدتها الشعاب المرجانية بالفعل منذ بدء الثورة الصناعية".
وأشارا إلى أنه "إذا تمكنا من تحسين إدارة الشعاب المرجانية لمساعدتها على مواجهة هذه الكارثة المناخية، فإن الشعاب المرجانية قد تتمكن من البقاء على قيد الحياة، وسيكون لشعاب المرجان المستقبلية مزيج مختلف من الأنواع، ولكن عليها أن تحتفظ بقيمتها الجمالية، وأن تدعم السياحة وصيد الأسماك. ومع ذلك، فإن هذا التفاؤل الحذر يعتمد تماما على توجيه انبعاثات غازات الدفيئة العالمية بعيدا عن مسارها الحالي، الذي يمكن أن يشهد تبيضا سنويا للشعاب المرجانية والذي يحدث في معظم المواقع الاستوائية بحلول العام 2050، فليس هناك وقت لنخسره قبل أن تغلق هذه الفرصة (النافذة) الضيقة".
الحوكمة الفعالة للشعاب
وقال الباحثان "فشلت إدارة الشعاب المرجانية، لأنها أنشئت إلى حد كبير لإدارة التهديدات المحلية، مثل الإفراط في الصيد والتلوث. وفي أستراليا، عندما أنشئت هيئة الحدائق البحرية المرجانية العظمى the Great Barrier Reef Marine Park Authority في العام 1976، كان الهدف منها إدارة التهديدات على مستوى كامل الحاجز المرجاني العظيم (تقريبا)، ولكن اليوم، فإن حجم التهديدات عالمي، وتأتي الضغوط من سوق أسماك الشعاب المرجانية الاسترالية من الخارج، ومن تهديد الموانئ والنقل البحري عبر الشعاب المرجانیة مدفوعة بصادرات الوقود الأحفوري إلی آسیا، فضلا عن أنه يمكن لأزمة السكن في الولايات المتحدة أن تضرب السياحة في الشعاب المرجانية على الرغم من المسافة البعيدة التي بمقدار نصف العالم، كما يمكن أن كسر درجات الحرارة بسبب الاحترار العالمي والموجات الحارة البحرية تهديدا للشعاب المرجانية الأكثر حماية وبعدا".
وأضافا: "وعلى نحو متزايد، يتجه الباحثون في مجال الشعاب المرجانية إلى العلوم الاجتماعية، وليس فقط البيولوجيا، بحثا عن حلول، فنحن بحاجة إلى إدارة أفضل تعالج التهديدات المحلية الأوسع نطاقا لتدهور الشعاب المرجانية، بدلا من تدابير الإسعافات الأولية مثل الحد من نجم البحر الذي يتغذى على هذه الشعاب".
ولفت المؤلفان إلى أنه "في العديد من البلدان المدارية، تشمل الأسباب الجذرية لتدهور الشعاب المرجانية الفقر، وزيادة ضغوط السوق بسبب العولمة، وبالطبع الآثار الإضافية للاحترار العالمي، ومع ذلك، فإن هذه القضايا العالمية بحاجة ماسة إلى مزيد من الاهتمام في الوقت الذي تقوم فيه بعض الحكومات بتخفيض المساعدات الخارجية، فضلا عن فشلها في التصدي لتغير المناخ العالمي".
وختما "لن تتطلب الحوكمة الفعالة للشعاب المرجانية زيادة التعاون بين الدول لمعالجة القضايا العالمية، كما هو الحال في اتفاق باريس بشأن المناخ فحسب، بل ستتطلب أيضا تنسيق السياسات على المستوى الوطني لضمان أن يتطابق العمل المحلي مع هذه الأهداف الواسعة النطاق ودعمها".