"غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو
وثق العلماء وجود ما يزيد عن 519 نوعا من الأسماك البحرية في البحر الأبيض المتوسط تراوحت أوضاعها وفقا لـ "اللائحة الحمراء" Red List على قائمة "الإتحاد الدولي لصون الطبيعة" International Union for Conservation of Nature المعروفة اختصارا بـ IUCN بين مستقرة ومهددة ومعرضة للإنقراض، فضلا عن وجود أنواع كثيرة منها ليس ثمة معلومات كافية عنها، إلا أن الهجرة "الليسبسية"Lessepsian migration نسبة إلى المهندس الفرنسي فرديناند ديليسيبس Ferdinand de Lesseps والناتجة عن إحدى أهم التدخلات البشرية في التاريخ الحديث، ونعني بهذا الأمر شق قناة السويس، ما تسبب بتغير كبير، وفقا للباحثين يساوي ما أحدثته الطبيعة خلال ملايين السنين على الأرض، ونتج عن هذه القناة هجرة عدد كبير من الأسماك الموجودة في المحيط الهندي عبر البحر الأحمر وقناة السويس، ما هدد الكثير من الأسماك والكائنات البحرية المتواجدة في المتوسط.
مجموعة "البحر اللبناني"
وقد شكلت التغيرات المناخية مع تفاقم ظاهرة الإحترار العالمي، والتدخلات البشرية التي ساهمت فيه، فضلا عن الصيد الجائر، وخصوصا الهجرة الليسبسية وعوامل أخرى، تهديدا للكائنات البحرية الموجودة في البحر الأبيض المتوسط، وإن كان هذا التهديد يطاول اليابسة أيضا، كما تسبب بتغيير طاول البيئة والمجال الحيوي للعديد منها، ويستمر التعاون عبر شبكة من العلماء في منطقة البحر المتوسط، ويشمل هذا التعاون تحديثا بصورة مستمرة للمعلومات للوصول إلى معرفة أوضاع الأسماك المستوطنة فضلا عن تواجد الأسماك الغازية.
ووفقا للباحث في الجامعة الأميركية في بيروت - كلية العلوم (قسم العلوم البحرية) البروفسور ميشال باريش فإن "عدد الأسماك الغازية أو المجتاحة تجاوز الـ 110 أنواع، بتحديد الأنواع شكلا وجينيا واستحداث (باركود) Barcode لكل منها في بنك للجينات وفق مؤشرات التشابه الوراثي، واستعمال أحدث التقنيات التحليلية الوراثية لتحديد أنواعها المختلفة".
وقد استحدث باريش مجموعة على موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك" أسماها "البحر اللبناني" بالإنكليزية Sea Lebanon يضم الناشطين في مجال علوم البحار من علماء وإعلاميين وصيادين ومهتمين، بهدف نشر التوعية البيئية وجمع المعلومات المتعلقة بهذا المجال، والمشاركة بمشاهدات المواطنين في البحر اللبناني Sea Lebanon، وكان أحدها فيديو وصور أرسلها الناشط البيئي والعامل في مجال قطاع السيارات في لبنان رمزي غرغور وهي لأسماك تسمى بالإنكليزية Catfish وبالعربية السلوّر أو الأسماك القططية، ووفقا لباريش فإن اسمها العلمي هو Plotosus lineatus.
غرغور: خطرة للغاية
وقال غرغور على صفحته الخاصة على موقع "فيسبوك": "التقيت على الشاطئ بأطفال يحملون كيسا بلاستيكيا مليئا بأسماك صغيرة، اصطادوها بشبكة صيد يدوية، وقد تعرفت على هذه الأسماك فورا، وأنها أسماك سلور مخططة بالأصفر ذات ذيل الفأر yellow striped rat tail catfish، وفورا أخذت الأسماك منهم، لأنها خطرة للغاية، فإن لدغة هذا النوع من الأسماك من جانبي وأعلى الرأس قد تؤدي بك إلى المستشفى لبضعة أيام، وقد تكون مميتة في بعض الأحيان، وقد وصلت هذه الأسماك إلى البحر الأبيض المتوسط من البحر الأحمر عبر قناة السويس".
وأضاف: "كغواص أمارس هذه الرياضة بصورة دائمة، فقد شاهدت هذا النوع يتكاثر بسرعة كبيرة ويستوطن كل منطقة ضحلة، وتسبح صغار هذه الأسماك على شكل مجموعة من حوالي خمسين سمكة أو أكثر، وتسبح وحيدة عندما تكبر وتصل إلى حجم يماثل عبوة من المياه عند البلوغ، وهي تخرج في الليل معظم الأوقات وتبقى قريبة من المياه الضحلة ما يشكل خطرا كبيرا خصوصا على الأطفال الذين يتمكنون من الإمساك بها بسهولة، كون هذه الأسماك لا تهرب كغيرها عند إزعاجها".
وطلب غرغور "مشاهدة الفيديو الذي أرفقه للتعرف على هذه الأسماك وتفاديها والتعامل معها بحذر شديد"، وعند التواصل معه أكد لـ ghadinews.net: أن "إثنين من أصدقائه دخلوا إلى المستشفى نتيجة التعرض للسعة هذه الأسماك السامة".
باريش: يتحلل السم بالحرارة
وقال باريش لـ ghadinews.net: "هذه السمكة يتراوح طولها بين 10 و25 سنتمترا وقد يصل إلى 32 سنتمترا، وتعيش مجاورة للقاع قرب الشواطئ والقيعان وتتكيف مع درجات الملوحة المختلفة، تقوم بالبحث وتحريك الرمال بلا توقف للحصول على القشريات، الرخويات، الديدان، وأحيانا الأسماك الصغيرة لتتغذى عليها، وتعيش صغارها في أسراب تتجمع على شكل كرة وتصل أعدادها إلى 100".
وتابع: "تحيط بفمها زوائد لمسية، أربعة على الفك العلوي وأربعة على الفك السفلي، ويحتوي جسدها أشواكا سامة للغاية في أول زعنفة ظهرية، وكل من زعانفها الصدرية وتتسبب بوخزات خطرة"، وأضاف: "سجل وجودها في البحر الأبيض المتوسط عام 2002، وهي غير مهمة لجهة الصيد، خصوصا بسبب الأشواك السامة".
وأكد باريش أن "السم يمكن تحلله بواسطة الحرارة، ولكن طعم السمكة غير مستساغ، ما يجعلها غير مهمة تجاريا"، أما عن تأثيرها على الثروة السمكية، فقال: "ليس لدينا معلومات ودراسات كافية لتقييم هذا الأمر، ولكنها بالتأكيد تؤثر على الكائنات الحية في المنطقة والموائل، لأن وجود كائن حي بالبحر يكون عادة على حساب كائن أو كائنات أخرى، ولكن البيانات لدينا لا زالت غير مكتملة ولا يمكننا تقييم أثر هذا النوع وأنواع عديدة أخرى".