"غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو
لم يأبه طائر نقار الخشب بأنها كريمة رئيس الجمهورية بل "نقر" إصبعها، أما هي فابتسمت بحب وهي تستعد لإطلاقه في فضاء حريته، لأنها تعلم أن الحرية تستحق الكفاح من أجلها، هذا ما وثقه موقعنا ghadinews.net لحظة إطلاق السيدة كلودين عون روكز مستشارة الرئيس العماد ميشال عون لشؤون البيئة ثلاثة من هذه الطيور المهددة بالإنقراض في الأسبوع الأول من أيلول (سبتمبر) الماضي، وجاء إطلاق هذه الطيور توازيا مع إطلاق خطة لتنظيم الصيد المسؤول والسياحة المسؤولة بعنوان "حماة الحمى - نمط الحياة للتنمية المستدامة" من قبل "جمعية حماية الطبيعة في لبنان" SPNL في مزرعةBIOLAND العضوية في بلدة صغار في البترون شمال لبنان، بحضور هيئات محلية وجمعيات بيئية وممثلي جامعات، وإعلاميين وناشطين ووفد من "جمعية مكافحة مجازر الطيور"CABS Committee Against Bird Slaughter من عدة دول أوروبية لمراقبة عملية تطبيق قانون الصيد والمضي قدما في "مشروع الملاذ الآمن" Operation safe haven.
الشيخ: خمسة بيوت خشبية
فقد زودنا به المدير العام لـ "جمعية حماية الطبيعة في لبنان" SPNL أسعد سرحال، بمقطع فيديو وثقه المسؤول في مزرعة Bioland لطيور نقار الخشب حسين الشيخ، وهي تمارس هوايتها المفضلة بنقر الخشب، وتحديدا في مكان إطلاقها من قبل السيدة عون.
وقال الشيخ لـ ghadinews.net: "أعمل منذ 11 سنة في المزرعة، وأتابع مهام الإشراف على الزراعة العضوية وتربية الماشية والدجاج والنحل، كما أتابع مراقبة هذه الطيور الثلاثة لرمزيتها للمزرعة والمنطقة ولبنان"، وأضاف: "بعد إطلاق طيور نقار الخشب الثلاثة وهي ذكر وأنثيين، نتابع بالتوعية مع أكثر من 20 صياد بالتبليغ عن المخالفين وعدم صيد الطيور الممنوعة ومنها نقار الخشب، والإلتزام بلائحة الطرائد المسموح بها، لا سيما الإمتناع عن صيد الورور الذي يصطاد الزراقط وغيرها من الحشرات التي تؤذي قفران النحل، وكوننا نعاني منها لأننا لا نستعمل المبيدات، فضلا عن السنونو الذي يتغذى على الذباب الذي يجتمع على الماشية".
وأضاف الشيخ: "نتابع وضع الطعام المدعم بالفيتامين والمياه لطيور نقار الخشب، في خمسة بيوت خشبية موزعة في المزرعة، وتأتي جميعها لتأكل، وكما تشاهدون في الفيديو، وفضلا عن وجود الأشجار، وضعنا أخشابا لاجتذابها، ومنذ إطلاقها، نشاهدها دوما، وقد ألفت المنطقة، ويبدو أنها استوطنت هنا، على أمل أن تعشش فيها"، وتابع: "آمل أن تعمم هذه المبادرة وأن تؤدي إلى خير الطبيعة والبشر، خصوصا لجهة التوعية حول هذه الطيور الهامة بيئيا، التي تخلصنا من كافة الحشرات التي تؤذي المزروعات والماشية".
سرحال: يساهم بحماية الغابات
وقال سرحال لـ ghadinews.net: "إن الموضوع الأساس هو نقار الخشب السوري واسمه العلمي Dendrocopos syriacus، وقد بقيت مجموعات قليلة جدا منه في لبنان، والأسباب عدة، لكن السبب الرئيسي، فيتمثل بإزالة الشجر اليابس من الغابات، وهو بحاجة لهذه الأشجار اليابسة ليعشش فيها، وبإدارة هذا النوع من الطيور هناك ضرورة لوجود الشجر اليابس، وتركيبة جسمه ورأسه مميزان، فله لسان طويل للغاية، كما يلتف لسانه حول دماغه كحماية للدماغ من الإرتجاج وهو ينقر الخشب، فضلا عن أن هذا اللسان يمكنه من أكل الحشرات واليرقات الموجودة داخل حفر على أعماق مختلفة يحدثها في الأشجار، وهي أمراض تصيب الأشجار والغابات، وفقدانه مع طيور عدة من غاباتنا سبب في تفشي معظم الأمراض، فهو يساهم بحماية الغابات وضبط عدد الحشرات التي تصيب الأشجار الحرجية".
وأضاف: "هذه المبادرة هي جزء من مبادرات عدة، وهي تكملة للموضوع الأساسي الذي نتابعه في جمعية حماية الطبيعة وهو حماية الطيور في لبنان، فضلا عن لفت النظر لأشخاص مثل محب الطيور وعضو الجمعية منذ أكثر من 25 سنة، والمتواضع الذي يرفض الإشارة إليه وذكر اسمه، وهو الذي خلص هذه الفراخ من أشخاص حاولوا بيعها، واعتنى بها إلى أن بلغت ليتم إطلاقها، وهذه ناحية إيجابية نحاول أن نركز عليها ليمتثل بها آخرون، فلا يمكننا تحميل عملية انقراض الطيور للصيادين فحسب، بل إن ثمة مشاكل عدة، ومنها أخذ صغار الطيور من أعشاشها وهي مشكلة كبيرة وتصيب فراخ الحسون مثلا، وقد بدأت طيور الحسون تختفي من مناطقنا، ولتوضيح الأمر بصورة علمية وتقنية فهي سلالات ضمن النوع الواحد تختلف من منطقة لأخرى مثلا في منطقة الحاصباني، لديها أصوات مختلفة عن منطقة راشيا وجبيل، فمربي الطيور يعرف هذه الأمور فهي تتأثر بصوت النهر والغابة والأشجار وتختلف (لغتها) من مكان لآخر".
طيور وفية
وأشار سرحال إلى أن "السلالات المحلية تدهورت أعدادها واقتربت من الإنقراض بسبب أخذ الفراخ من الأعشاش، فنحن نبدأ موضوعا وننهيه ثم نتابع موضوعا جديدا، وقد تابعنا موضوع طائر نقار الخشب، لأنه طائر محبب، ويحبه الصغار خصوصا لظهوره في عدد من البرامج (الكرتون) الخاصة بهم، ولكن البعض يتاجرون به، ويصطاده البعض الآخر على الرغم أنه لا يؤكل، فهدفنا التوعية حول دوره الهام في الغابة".
ولفت إلى أن "دور السيدة كلودين عون روكز في هذا المجال مميز، فقد تبنت هذا العمل بإطلاق الطائر كلفتة رمزية، فهو طائر محمي من القانون، وكونها ابنة رئيس الجمهورية المكلفة بالبيئة، فهي ترسل رسالة محببة وبدون أي هجوم أو تسلط، بل لفت النظر إلى هذه القضايا"، وقال سرحال: "أما مكان إطلاق الطائر فله أهمية خاصة، فبهذا نتأكد إن عملية إطلاقه لا تحف بها المخاطر من أن يتم اصطياده، فالموقع مزرعة نموذجية، ومساحتها كبيرة، ويمكن مراقبة الطائر فيها بصورة أفضل، وهو أمر جيد خصوصا وأن هذه الطيور وفية، فقد بقيت قرب المزرعة التي أطلقت فيها، وتأقلمت مع البيئة، فمتطلبات الطيور بعد إطلاقه من الأسر نحو الطبيعة ثلاثة عناصر، المأوى، الأمان والطعام، وقد يستقطب وجود هذه الطيور طيورا أخرى قد تكون موجودة في المنطقة، أو مهاجرة، لتعشش وتتزاوج وتتكاثر".
تطبيق القانون
وأردف سرحال: "عملية الإتجار بالطيور، هي حكما ممنوعة وفقا للاتفاقيات التي وقعها لبنان والمطلوب أن نطبقها على الأرض، وثمة نقطة أخيرة علينا أن نلفت النظر إليها، وهي عملية القبض على هذه الطيور، وهي بالأحرى مشكلة كبيرة بل هي الطامة الأكبر أي طريقة الشبك، فهذه كارثة حقيقية ويمنعها القانون، لبيع الطيور في المطاعم وغيرها، وهذا الموضوع الذي نتابعه حاليا بعد عملية تنظيم الصيد، وهي أزمة تعاني منها كافة مناطق الشرق الأوسط، وعدد الطيور التي تنال منها الشباك بالملايين، وتنفق ليس بسبب الصيد فحسب، فالصيد هو الواجهة، بل باستعمال هذه الطرق الممنوعة في الصيد، والوضع ليس مقتصرا على منطقة في لبنان بل موزعا في كافة المناطق، ويتابع أعضاء الجمعية هذه التجاوزات".
وختم قائلا "الهدف بالنهاية أن نصل إلى نتائج وحلول إيجابية وجذرية".
وإذ نتابع في مقالاتنا وتحقيقاتنا في موقعنا ghadinews.net تسليط الضوء على التجاوزات في هذا الملف الشائك، يهمنا أيضا متابعة النقاط الإيجابية بعد تداول بعض هذه التجاوزات ومتابعتها من قبلنا والمواطنين والمعنيين، وصولا إلى تطبيق القانون على الأرض، وإنهاء الفوضى التي كانت تعم لبنان، ووضع الأسس لتطبيق كافة القوانين التي تخدم الطبيعة والبيئة بدءا بقانون الصيد ليشمل كافة القوانين المتعلقة بالرفق بالحيوان والمحافظة على التنوع البيولوجي الفريد في لبنان.
https://www.youtube.com/watch?v=k7JWr4mp9rA&feature=youtu.be