خاص "غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو -
دائما يُسلط الضوء على الكلاب في موضوع "داء الكلب" أو "السعار"، بالرغم من أن هذا المرض يطاول حيوانات برية تعيش بين ظهرانينا، وينتشر في بعض الأحيان بين الخفافيش (الوطاويط)، إلا أن الكلاب تظل في دائرة الضوء أكثر، كونها الأقرب من الإنسان، فثمة تلك التي نقتنيها في البيوت والمزارع، وهناك الكلاب حارسة قطعان الماشية، إضافة إلى الكلاب الشاردة والضالة، وجميعها بحاجة لرعاية ومتابعة، شأنها في ذلك شأن سائر الحيوانات، فالصحة الحيوانية ضرورة لكل ما هو حي.
ومع تسجيل حالة بشرية بداء الكلب الشهر الماضي، وبعد أن تصدرت قضية الكلاب الشاردة اهتمام الوزارات والبلديات والمواطنين، وجدنا أن ثمة جهودا مكثفة لمعالجة الأمر، علما أن وزارة الزراعة تتابع منذ سنوات هذه القضية من مختلف جوانبها.
بزال: إلزامية التبليغ عن أي مرض حيواني
وللإحاطة بهذه القضية كان ثمة لقاء مع رئيس مصلحة الصحة الحيوانية في وزارة الزراعة الدكتور باسل بزال، فقال لـ ghadinews.net: "من واجبنا ألا نثير الرعب بعد هذه الحادثة، فليس كل عضة كلب تعني أنه مصاب بالكلب، بالمقابل، علينا أخذ الإحتياطات اللازمة للحد من إنتشار هذا المرض الذي ينتقل إلى الحيوانات الأليفة والبشر، وليس بالسيطرة عليه فحسب، بل وبالقضاء عليه أيضا".
وتابع: "هناك إلزامية بتبليغ عن أي مرض حيواني، خصوصا ما يسمى notifiable diseases ومنها الكلب، لمنظمة الصحة الحيوانية العالمية OIE - World Organisation for Animal Health، وذلك بحالة تأكدنا من الحالات، وكان يتم الإبلاغ عن عضات تطاول المواطنين، ولأسباب مختلفة، فالكلب يدافع عن منطقته عادة وقد يتواجد إنسان في الجوار، وتحدث حالات عرضية لسبب أو لآخر، فليس كل عضة تعني أن الكلب لديه داء السعار أو الكلب Rabies، فهناك أعراض محددة لهذا الداء، والتأكد يكون بأخذ عينات وفحصها بالمختبرات، وقد كان هناك اشتباه في السنوات السابقة ببعض الحالات وجاءت النتائج سلبية".
وأردف بزال: "أما آخر الحالات في العام 2018 فتم التأكد من إصابتها بالسعار، منها حالة في الجنوب أصيب بها كلب، وحالة الشاب المصاب من شكا في مستشفى الجعيتاوي، وقد تم التأكد من إصابته بداء الكلب والإصابات البشرية عادة من مسؤولية وزارة الصحة، تأتي حالات العض من الكلاب والقطط والحيوانات الأخرى البرية منها والأليفة، فضلا عن الخفافيش، ولكن عالميا، فالحالات معظمها من الكلاب، وذلك بسبب احتكاكها المباشر مع البشر والحيوانات البرية، التي قد يكون بعضها مصابا بهذا المرض".
وقال: "اشترت الوزارة العام الماضي 5000 لقاحا وهي عبارة عن (لقاح فموي) oral bait، للحيوانات البرية، ولعدم وجود تواصل مباشر بيننا وهذه الحيوانات، تواصلنا مع وزارة الداخلية والدفاع بهدف توزيعها باستعمال الطائرات المروحية في المناطق النائية والغابات كافة، ولم نتمكن من ذلك، وعادة نرمي 15 مكعبا منها في كل كيلومتر مربع لتحصين الحيوانات البرية المتواجدة ضمن نطاق معين مثل الثعالب والذئاب وابن آوى والضباع، وعادة لا يتواجد في المنطقة البيئية أكثر من هذا العدد، وقد تكون هذه الحيوانات حاملة أو ناقلة لمرض الكلب، وقد ينفق عدد منها بسبب هذا المرض، وقبل أن ينتقل إلى غيرها من الحيوانات وللحد من انتشار الفيروس، وأكرر بأن هذه الطريقة متبعة في كافة أنحاء العالم وأعطي أمثلة مثل فرنسا، وتشيكيا وسويسرا منذ العام 1999 إلى العام 2005، وقد تمت السيطرة على داء الكلب فيها، فمثلا في الولايات المتحدة الأميركية تمت إزالة المرض كليا، والهدف المتابعة بإجراء اللقاح على مدى سنوات ما يساهم باجتثاث المرض كليا، فالمريض من هذه الحيوانات سينفق، والملقح لن يصاب بالمرض، فالفيروس يحتاج لمضيف host، وإن لم يجده سيموت في الطبيعة".
من الواجب حمايتها
وأشار بزال إلى أن "اللقاح مغلف بغلاف يشبه المعجون، له رائحة يستسيغها الحيوان فيأكلها، ولا يمكنه أن يتناول غيرها، وقد بدأنا بهذه الحملة العام الماضي".
وقال: "تعاونا مع جهات لتوزيع بعضها إستثنائيا للكلاب الشاردة بين كافة المناطق لأن هذا اللقاح فعال ضمن مدة صلاحيته، والسنة هذه تم شراء 10 آلاف لقاح، منها 5000 للحيوانات البرية، و5000 تتم عن طريق الحقن، نستهدف بها كلاب الرعاة، فكل كلب منها على تواصل مباشر مع الحيوانات البرية التي تهاجم قطعان الماشية، وبالتالي فهي معرضة لانتقال داء الكلب إليها أكثر من غيرها، كما يمكن أن تنقله للماشية، فتحصينها أمر أساسي لمنع انتشار المرض والسيطرة عليه، ووفقا لإحصاءاتنا لدينا حوالي 1500 قطيع بين صغير وكبير، كل منها يحميه ما بين 3 إلى 5 كلاب، أي بين 5 آلاف و7 آلاف كلب، بعضها يلقحها أصحابها، ولكننا في الوزارة أخذنا على عاتقنا، وأثناء تحصين قطعان الماشية من الأمراض، تحصين هذه الكلاب أيضا، وكلها للحد من انتشار المرض، ويتبقى الحيوانات الأليفة لدى المواطنين، والكلاب الشاردة".
وأضاف: "يهمنا في هذا المجال التركيز على أن من يقتني كلبا، فهو ينتقيه عن وعي لذا يجب تحصينه باللقاحات، و90 بالمئة من أصحاب الكلاب يتابعون اللقاحات وأهمها لقاح داء الكلب، لأنه لا يحمي الكلب فحسب، بل صاحبه والعائلة ومحيطه، أما الكلاب الشاردة، فتوعية البلديات واتحاد البلديات مهمة للغاية لأنه يصب في مصلحة المواطنين وصحتهم، وقد لا يكون في النطاق البلدي أكثر من عشرة كلاب، فكلفة عملية التعقيم والتحصين أمام كلفة الإصابة بمرض الكلب لا تذكر، فالكلاب ضمن هذا الإطار تعرف الناس في نطاق معين ويعرفونها، وإن قضوا عليها فسيفسح المجال ليأتي غيرها مما لا يعرفونها، ويمكن أن تجلب معها أمراض عدة".
وتابع: "من الواجب حمايتها لتحافظ على المجتمع وتحميه، ولا يتسبب التخلص منها بإفساح المجال لحيوانات غريبة وليس كلاب غريبة فحسب، فالكلب القاطن بمنطقة يعد مواطنا حاميا لمنطقته ويمنع أن يهجم عليها أي غريب سواء حيوان بري أو كلاب شاردة".
تطبيق قانون حماية الحيوانات
ولفت بزال إلى أنه "علينا فهم الطبيعة لنعرف التعامل معها، وموضوع داء الكلب يأخذ لدينا أهمية قصوى منذ ما يزيد عن أربعةد سنوات، وفي هذا السياق، تألفت لجنة بهدف السيطرة والقضاء على مرض الكلب برئاسة مدير عام وزارة الزراعة الأستاذ لويس لحود، وأطباء من وزارة الصحة، ومن جمعيات حماية الرفق بالحيوانات، نقابة الأطباء البيطريين، ممثل عن منظمة الصحة الحيوانية العالمية OIE، ومجموعة من أطباء الأمراض المعدية والوبائية، وجمعية عالمية للرفق بالحيوانات، وهناك تنسيق بيننا جميعا للعمل على تطبيق قانون حماية الحيوانات والرفق بها بصورة متكاملة وشاملة، خصوصا لجهة التوعية في الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان مثل داء الكَلب والسالمونيلا، والسل وغيرها، كما أن هناك اجتماعا مقرر مسبقا وقبل الاحداث الاخيرة، وسيتم عقده مع عودة المدير العام من الخارج، وهناك قرارات عديدة لمراقبة الحيوانات الموجودة".
وقال بزال: "هناك بروتوكول متبع عادة عند الإشتباه بإصابة كلب بالسعار، يسأل المصاب، إن كان يعرف الكلب ومصدره، وهل هو محصن لداء الكلب، ويعطى المريض اللقاح، ويراقب الكلب لفترة عشرة أيام، وإن كانت ثمة تصرفات غريبة لوحظت عليه، وإن كان مصابا، فخلال عشرة أيام ينفق الكلب، وما جرى مع الشاب، قيل أن الكلب ملقح، ولهذا السبب، أعطوه اللقاح على مراحل، وهناك علاج مناعي من أجسام مناعية خاصة جاهزة تحارب الفيروس، Immunoglobulin في حالة إصابة الكلب بالمرض، ووفقا لمعلوماتي، أنه تم التأكيد أن الكلب ملقح، ولم يعطَ العلاج المناعي، ربما عن جهل، ويمكن التأكد من وزارة الصحة حول هذا الأمر".
وفي هذا السياق لفت بزال إلى أنه "تم الإبلاغ بالفعل عن حالات كلب وصلت إلى 72 حالة شمال فلسطين المحتلة خلال العام 2017 عبر منظمة الصحة الحيوانية العالمية OIE، ومعظمها من الحيوانات البرية خصوصا بنات آوى، وقد هاجمت المزارعين والأفراد والحيوانات في المزارع، وتم تلقيح الحيوانات البرية والحيوانات الأليفة لحمايتها من المرض، كما أعطيت العلاجات للمصابين من البشر، ويعتقد أن الحالات أتت من الأردن ومن الدول المجاورة، وليس من المستبعد أن وجود حالات في جنوب لبنان، نتيجة انتقال بعض الحيوانات المصابة من هناك".