"غدي نيوز" - *فادي غانم -
أقل الإيمان ألا يقترع اللبنانيون للملوِّثين، أو بمعنى أدق، لتجديد أزماتنا وإطالة أمد كوارثنا البيئية والصحية، وبمعنى أكثر دقة، ألا يقترعوا لتجديد الطبقة السياسية التي أغرقت لبنان في فوضى الملفات الكبيرة، من النفايات إلى المقالع والكسارات، وصولا إلى تدمير كل مقومات بيئتنا الطبيعية بحرا وجبلا، تربةً ومياهً وهواء.
وننتظر في هذا السياق أن تبلور "القوى الخضراء" مشروعا يرتكز إلى عناوين رئيسية لمواجهة المرحلة المقبلة، وألا يقتصر الأمر على طرح شعارات لزوم الاستحقاق النيابي، فالمطلوب الآن أن تخاض الإنتخابات بنضج سياسي يؤمن فرص تشكيل لوائح معارضة خارج الاصطفاف التقليدي بين المعارضة والموالاة، أي بين من يريد قتلنا بالتلوث ومن يريد قتلنا بهدم مقومات لبنان الجمالية، أرضا ومناخا ومساحات خضراء، ذلك أن موجبات المواجهة تتطلب تشكيل لوائح من خارج نسيج السلطة السياسية التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم.
من هنا، لا بد من إطلاق شعار "البيئة أولا"، ورفده بعناصر القوة في مجتمعنا الأهلي، وتشكيل مظلة واسعة لاستقطاب شرائح المجتمع المتضررة من سياسات الحكومات المتعاقبة، صيادين ومزارعين وعمالا وأساتذة في القطاعين الرسمي والخاص وأجراء، فضلا عن القطاع الأهلي الناشط في ميدان العمل العام، والنخب الرافضة لدولة المحاصصة وتقاسم المغانم بالتراضي، إلى القوى السياسية التي لم تتلوث بأدران السلطة.
نحن أمام سانحة تاريخية، فعلى الرغم من أن قانون الانتخاب لا يلبي طموحات اللبنانيين في بناء نظام سياسي يستجيب لتحديات المستقبل، إلا أننا قادرون على إحداث نقلة نوعية في ما لو تمكنت قوى التغيير الديموقراطي من كسر حركة الاصطفاف التقليدي بين معارضة وموالاة، هما في المحصلة، وجهان لعملة واحدة، ويستجيبان لمصالحهما في لحظات مصيرية، ويتجاوزان خلافاتهما لإقصاء من يمثلون هموم الناس.
المطلوب الآن، أن يتخطى "المرشحون البيئيون" والمستقلون تناقضاتهم، وأن يلاقوا الناس بخطاب يقدم القضايا البيئية والحياتية ويرفعها كأولوية، وليكن شعار المرحلة: البيئة أولا!
*رئيس "جمعية غدي"