خاص "غدي نيوز" – ترجمة سوزان أبو سعيد ضو -

       أين يمكن أن يختبىء مليون ونصف مليون من طيور البطريق ، طبعا في القطب الجنوبي ، وهو ما بعث الأمل وخفف المخاوف حول تناقص أعداد البطاريق والمهددة بالانقراض!

       فقد اكتُشِفَت "مستعمرة ضخمة" لم تكن معروفة من قبل، لبطاريق تنتمي إلى فصيلة "آديلي" Adélie Penguin في جزر "دانجر" Danger Islands الواقعة قبالة الطرف الشمالي لقارة أنتاركتيكا (القطب الجنوبي)، وهي بعيدة للغاية، ويحيط بها البحر المتجمد، حيث يقل أثر التغير المناخي والنشاط الإنساني عن الأجزاء الأخرى من القارة القطبية الجنوبية، وفقا لصحيفة "الإندبندنت" The Independent البريطانية، وتم نشر نتيجة هذا البحث العلمي يوم الجمعة الماضي.

بطاريق "أديلي" وأنواع أخرى

       وقد سمح هذا الأمر للبطاريق بالاختباء عن أعين العالم، حتى انطلق فريق من الباحثين ببعثة استكشافية للتأكد من هذا الأمر، بعد ظهور دلائل على وجود طيور تعيش بالمنطقة.

       وقالت المشاركة في البحث الميداني وعالمة البيئة في "جامعة ستوني بروك" Stony Brook University في نيويورك البروفسورة هيذر لينش Heather J. Lynch: "حتى وقتٍ قريب، لم نكن نعرف أن جزر (دانجر) تعد مسكناً مهماً للبطاريق".

       لكن تغير الوضع بعد اكتشاف العلماء "بقعاً من ذرق الطيور" guano stains في صور قمر صناعي تابع لناسا، وتعتبر علامة على وجود مستعمرة ضخمة للبطاريق، وقادت بعدها لينش فريقاً إلى الجزر لمتابعة هذا الأمر، ولتقييم حالة الطيور على الأرض، وإحصاء أعدادها عبر استخدام طائرات دون طيار، وذلك بالتقاط صور للجزيرة من الأعلى.

       ووفقا للبروفسور Hanumant Singh من "جامعة نورث إيسترن" Northeastern University الذي صمم نظم الملاحة والتصوير لهذه الطائرات: "تسمح هذه الطائرات بالتحليق حول الجزيرة، والتقاط الصور بمعدل صورة في الثانية، ثم يتم ربط الصور ببعضها البعض لتظهر الكتلة الأرضية في صور ثنائية وثلاثية الأبعاد، وما إن يتم جمع هذه الصور الضخمة، تستخدم برامج معلوماتية خاصة لتحليلها والبحث عن أعشاش البطاريق".

       وتمكن العلماء من إحصاء عدد أزواج البطاريق التي تعيش في هذه الجزيرة، وهي حوالي 751527 زوجاً، أي أكثر من 1.5 مليون بطريق، وهو عدد أكبر من عدد الأزواج المتواجدة على شبه جزيرة القطب الجنوبي مجتمعة، وتعد ثالث ورابع أكبر مستعمرات "البطريق الأديلي" في العالم، وفقا للباحثين.

       وبالإضافة إلى بطاريق "أديلي"، وجد الفريق أيضا حوالي 100 عش لطيور بطريق "جينتو" Gentoo penguin، وحوالي 27 عشا لطيور بطريق "شريطية الذقن" Chinstrap penguin.

       وقال العالم في البيئة والمشارك في البحث مايكل بوليتو Michael Polito، من "جامعة ولاية لويزيانا" Louisiana State University: "لا تحتوي جزر (دانجر) على أكبر عدد من بطاريق آديلي في قارة القطب الجنوبي فحسب، لكنها لم تتأثر من تناقص أعداد البطاريق الموجودة في الجانب الغربي من شبه الجزيرة القطبية بسبب التغير المناخي".

اكتشاف مثير

       من جهة ثانية قال الباحث في مجال البطاريق من "جامعة أوكسفورد"  Oxford University الدكتور توم هارت Tom Hart: "إن هذا الاكتشاف يضع شرق شبه جزيرة القطب الجنوبي في تناقض صارخ مع الانخفاض الذي تشهده أعداد بطاريق (آديلي) والبطاريق ( شريطية الذقن) Chinstrap penguin في غرب شبه الجزيرة القطبية".

       وأشار هارت إلى أن "أسباب هذا الانخفاض في الأعداد ليست واضحة، لكن أبرز الأسباب المحتملة هو التغير المناخي، والصيد، والتدخل البشري المباشر، لكن هذا لا يظهر حجم المشكلة، بحسب ما نقلته دورية  Scientific Reports العلمية.

       ويدل هذا التناقض الصارخ أن البطاريق تكون في حال أفضل عندما تكون في بيئتها الطبيعية بعيدة تمام البعد عن ما يعكر صفو عيشها، وهو اكتشاف يدعم أنصار البيئة ودعواتهم لإعلان بحر "ودل" Weddell Sea حيث تقع جزر "دانجر" محمية طبيعية.

       وقال رئيس البرامج القطبية في "الصندوق العالمي لصون الطبيعة" WWF رود داوني Rod Downie: "يظهر لنا هذا الاكتشاف المثير مدى ما يجب علينا معرفته عن هذه الأنواع المذهلة من المخلوقات التي تعيش على الجليد"، وأضاف: "لكنه يعزز أيضا الحاجة الملحة لمراقبة المياه قبالة سواحل شبة الجزيرة القطبية الجنوبية لحماية طيور بطريق (الأديلي) من التهديدات المزدوجة للصيد الجائر وتغير المناخ".

       المصادر: The Huffington Post، The Independent، Scientific Reports غدي نيوز ووكالات.