"غدي نيوز" - أنور عقل ضو -
ليس غريبا في بلد مثل لبنان تتنازعه الصراعات الطائفية والمذهبية، أن تكون البيئة حاضرة بقوة في الانتخابات النيابية، ولكن ليس كقضية، ففي "بلد الأرز"، غالبا ما تكون البيئة ضحية تتنازعها المصالح والأهواء، وتتجاذبها المصالح، وحاضرة من خاصرة الوجع، ولا غرو أن تكون المقالع و الكسارات والزفاتات والمرامل والسدود "مرشحة" بقوة في معظم الدوائر الانتخابية لـ "تمثلنا" في البرلمان العتيد المقبل.
وليس بغريب أيضا أن من دمر جبلا، ومن اجتثَّ مئات الأشجار، ومن زيَّن مشاريع السدود، ومن سوّق لردم البحر بالنفايات، ومن لم يتوانَ عن تدمير الشاطىء، قد أقدم فعلا على الترشح مشفوعا بشهادة حسن سلوك وسجل عدلي ناصع.
نعم، لقد أقدم بعض هؤلاء للترشح، ومن لا يسمح له موقعه أن ينحدر نزولا على سلم المسؤولية، آثر خوض الاستحقاق عبر مرشحين مدفوعي الأجر، لتظل الوزارات والمؤسسات وسائر مرافق الدولة "قطاعا خاصا" بين زعماء الطوائف، حتى أن كثيرين يعتبرون الانتخابات سانحة موسمية للاستفادة والترويج وتزيين الواقع بشعارات "تنموية" لمن يدمرون البيئة، ومن هنا، لا يمكن مقاربة التخريب لمعالمنا الطبيعية على أنها مشكلة بيئية فحسب، فهي تتعدى البيئة إلى السياسة وتستحضر الفساد الإداري في وزارات ومؤسسات الدولة، خصوصاً إذا علمنا أن ثمة حلقة كبيرة من المستفيدين في الدولة وخارجها، بطرق ملتوية، عبر رشى وعطايا ومخصصات تصرف بانتظام للأتباع والمستزلمين، فضلاً عن مافيا تدعم وتؤازر وتخفي ملفات، إضافة إلى أن ما شجع على استباحة هوائنا ومياهنا ومعالمنا الخضراء عدم بت القضاء في العديد من الملفات العالقة لأسباب تثير علامات استفهام كثيرة!
مع المال والمصالح تتبخر المبادىء وتنحسر القيم وتضيع المناقب، حتى الأحزاب السياسية العريقة تدعم ترشيح الفاسدين، على حساب أصحاب الكفاءة وذوي الاختصاصات العلمية القادرين على تقديم إضافة مهمة على مستوى العمل العام، ورفد لبنان بأسباب التطور وتحقيق التنمية خارج مفهوم استنزاف الموارد، من خلال الاستدامة كشعار وممارسة.
ولا نستغرب أن تتمثل كسارة ومرملة في مجلس نيابي "منتخب"، طالما أننا محكومون بالفساد كحالة راسخة، وشعبنا غائب ومغيب وسط تناحر الطوائف، في ما عدا قلة قليلة لا تملك إلا الصراخ في وادي الجهل والمنافع!