خاص "غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو
طغت الانتخابات النيابية على "الأحداث البيئية"، ومنها تلوث نهر الكلب بمادة خضراء لم تعرف طبيعتها، فتأخر فحص عينات المياه لمعرفة أسباب اصطباغ النهر بهذا اللون الغريب، إلا أننا في ghadinews.netتابعنا الموضوع مع بعض الجهات العلمية، وبالتحديد مع الباحثة في العلوم البحرية والإنتاج الأولي الدكتورة ماري عبود أبي صعب التي كانت قد أكدت على ضرورة أخذ عينات وبأسرع وقت.
وفي هذا المجال، وبغياب أي تصريح رسمي، خلا أنباء عن توجه النيابة العامة البيئية لأخذ عينات، رجح البعض أن سبب التلوث ناجم عن معمل للأدوية في منطقة زكريت.
وتواصلنا مع الدكتورة أبي صعب، المختصة في مجال الإنتاج الأولي، أي الطحالب البحرية التي تشكل الركن الأساس في السلسلة الغذائية للكائنات الحية، فقالت لـ ghadinews.net: "أول ما قمت به صباح اليوم (الثلاثاء) هو تفحص العينات من النهر التي كانت قد وصلتني بعد انتشار خبر وصور التلوث، وتفاجأت بعدم وجود أي أثر للكائنات الحية إلا في ما ندر، ويظهر أنه كما أشيع في الإعلام فإن هذا التلوث سببه كيميائي".
أبي صعب: أمر خطير
وأضافت أبي صعب: "أما عن أسباب وجود هذا التلوث الكيميائي هناك، فقد أشار من أخذ العينات إلى أن المنطقة تشبه المستنقع، والمياه لا تجري بقوة، فترسبت المواد هناك ما أدى إلى ظهور اللون الأخضر".
وأشارت إلى أن "من ألقى هذه المواد، اعتمد على خاصية جريان الماء وإزالتها بالتدريج، ولكن هذه المنطقة لا تتحرك فيها المياه ما أدى إلى ترسبها بكميات كبيرة وتسبب بظهورها بوضوح"، وقالت أبي صعب: "للأسف لا أعلم بما قام به القيمون ووزارة البيئة حول هذا الموضوع، ومتابعته، هناك أمر خطير للغاية، فالنهر في هذه المنطقة لا يحتوي مغذيات لدعم الحياة النباتية والحيوانية، وبالتالي فهناك ندرة فيها، ولكن هذا لا يعني أن النهر بأكمله يعاني من هذه الحالة، فالأمكنة التي يجري بها النهر من المتوقع أن يكون أفضل حالا"، وأكدت على ضرورة متابعة دراسة هذا الأمر الخطير وأثره على النهر.
أمام هذا الواقع، ثمة سؤال يطرح نفسه حول التلوث البيولوجي والكيميائي الذي يطاول المجاري المائية في لبنان، وعن دور الجهات المعنية من وزارات كوزارة الداخلية والبيئة والطاقة والمياه، في مواجهة هذا التمادي في تلويث الأنهر، من كسارات ومقالع ومرامل، وزراعة ومعامل ومصانع وغيرها، وجهوزيتها في متابعة هذه القضايا وصولا إلى محاسبة الملوثّين، وتطبيقا لمبدأ "الملّوث يدفع"، في القانون البيئي الدولي واللبناني.
مبدأ "الملّوث يدفع"
ووفقا لـ Wikipedia، في القانون البيئي الدولي، فإن "مبدأ الملوث يدفع" مذكور في المبدأ 16 من إعلان ريو بشأن البيئة والتنمية، لجعل الطرف المسؤول عن حدوث التلوث مسؤولاً عن الدفع مقابل الضرر الذي ألحقه بـ البيئة الطبيعية، ويُعد عرفا إقليميا بسبب الدعم القوي الذي حظي به من معظم دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) والسوق الأوروبية EC.
ويدعم مبدأ الملوث يدفع السياسة البيئية، مثل الضرائب البيئية، التي إذا أقرتها الحكومة، تحول دون، بل وتقلل بشكل كبير انبعاثات الغازات الدفيئة، وتتضمن بعض الضرائب البيئية التي يدعمها مبدأ الملوث يدفع: ضريبة استهلاك الوقود المفرط في الولايات المتحدة، والمعيار الموحد لاقتصاد الوقود (CAFE) - غرامة الملوث يدفع. ويتطلب قانون الممتاز الأميركي من الملوثين الدفع مقابل تنظيف مواقع النفايات الخطرة، وذلك عند إمكانية تحديد الملوثين.
أما في القانون البيئي اللبناني، فقد تمت المصادقة على مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم 8171 الرامي إلى حماية البيئة كما عدلته لجنة الإدارة والعدل من القانون رقم 444 في المادة الرابعة منه البند ج ونصه "مبدأ (الملوث – يدفع) الذي يقضي بأن يتحمل الملوث تكاليف التدابير الوقائية و مكافحة التلوث وتقليصه".
فضلا عن أن القانون يشير إلى ضرورة إدارة الموارد الطبيعية والمحافظة على التنوع البيولوجي وفي فصله السادس، حول المواد الكيميائية ، الضارة و/أو الخطرة حول طرق معالجة هذا التلوث وفي الفصل التاسع حول مخاطر وكوارث طبيعية في المادة الخمسون: بأن توضع خطة وطنية لإدارة الكوارث والمخاطر الطبيعية لكل منطقة من لبنان وتشمل خطة إدارة بيئية تحضرها وزارة البيئة بالتعاون مع الوزارات المختصة. وتحدد التدابير الوقائية التي يجب إتخاذها لمواجهة كل تلوث بيئي خطير ينجم عن كوارث طبيعية أو بفعل الحروب أو خلافه، وصلاحيات الإدارات والسلطات المختصة في تنفيذ هذه التدابير بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناء على إقتراح وزير البيئة والوزراء المختصين.
أما في الباب السادس من القانونوبالتحديد المادة الثانية والخمسون، وفي البنود:
1- إن المسؤولين عن أي ضرر يطال البيئة بسبب أعمال منجزة من دون تصريح أو بصورة مخالفة للأحكام القانونية والنظامية النافذة، لا سيما تلك المتعلقة بدراسات الفحص البيئي المبدئي أو تقييم الأثر البيئي، ملزمون باتخاذ كل التدابير التي تؤدي إلى إزالة الضرر، على نفقتهم الخاصة.
2 - إن النفقات الناتجة عن التدابير التي تتخذها السلطات المختصة لمنع كل ضرر يطال البيئة، تكون على عاتق المسؤول عن هذا الضرر.
وبالتالي فعلى هذه الجهات المعنية متابعة الموضوع وصولا لمعرفة هذه المواد ومدى سميتها وتأثيرها على البيئة المحيطة من كائنات حية ومن أفراد، وضرورة مراقبة ومتابعة هذه المنشآت ووسائل التخلص من المواد فيها، وإجراء المقتضى بحقها في حالة المخالفة وفقا للقانون.