"غدي نيوز" – أنور عقل ضو -
يمثل الانفجار السكاني في العالم أحد أبرز التحديات التي تواجه الدول ومسقبل البشرية، مع ازدياد حاجة الناس للبروتينات، ما حدا بالأمم المتحدة إلى تشجيع بلدان العالم على استخدام الحشرات، ومنها الجراد، كمواد غذائية وعدم الاكتفاء بلحوم الأبقار التي تزيد من ظاهرة الاحتباس الحراري.
في إحدى المقاهي الصاخبة في وسط باريس توجد وجبة جراد مشوية للأكل، هذه الحشرات تعتبر من أطيب الأطعمة في المكسيك في قارة أميركا الجنوبية. ولكن هذه الوجبة الخفيفة لا يعرفها إلا القليل من الناس في باريس، عاصمة المأكولات الأوروبية الراقية.
شركة "تير إكسوتيك" Terre Exotique شركة منتجة لوجبات الجراد الخفيفة. لكن هذه الشركة لا تنتج الوجبة إلا وفقا لطلب مُسبَق، وهو ما قد يتغير قريباً. فباستخدام الحشرات الصالحة للأكل تريد منظمة الأغذية والزراعة العالمية التابعة للأمم المتحدة "الفاو"FAO مكافحة الجوع في العالم، وتشجع الدول الغنية على استخدام حشرات الخنافس بدلاً من لحم الهامبورغر المشوي.
بروتينات لسكان العالم
يبلغ عدد سكان العالم حالياً سبعة مليارات نسمة ويُتَوَقع أن يصبح تسعة مليارات في عام 2050. كما أن مسألة الأمن الغذائي تعتبر قضية رئيسية للسياسيين في كافة أنحاء العالم، وتربية المواشي كالأبقار هي أحد الأسباب الرئيسية لأكبر مشاكل العالم البيئية، كما تذكر منظمة الأغذية والزراعة، مثل: الاحتباس الحراري، وتلوث التربة والهواء والمياه، وفقدان التنوع البيولوجي .
وتحذر منظمة البيئة التابعة للأمم المتحدة من أنه لا يمكن أن يظل استهلاك اللحوم عند المستويات الحالية، وتنصح باستهلاك لحوم الحشرات باعتبارها عملية وفيها نسبة عالية من البروتين، ولكونها بديلاً صديقاً للبيئة عن لحوم المواشي.
الحشرات غنية بالبروتين مثل الكثير من الأطعمة الحيوانية الأخرى. فهي تحتوي على الحديد والكالسيوم، وفيتامينات: أ و ب1 و ب2 و د. كما أن محتوى الدهون فيها أقل بكثير من اللحم البقري مثلاً.
و"الحشرات أطعمة مغذية للغاية"، كما تقول إيفا أورسولا مولر، المسؤولة في منظمة الأغذية والزراعة، وتضيف: "الحشرات تلعب دوراً كبيراً في مجال الأمن الغذائي. مليارا شخص، أي ثلث سكان العالم، يأكلون حالياً الحشرات بالفعل".
الاتحاد الأوروبي
أنصار البيئة يفضلون استهلاك الإنسان للحشرات. فالحشرات، كالجراد والخنافس والديدان، تنتج الغازات المسببة للاحتباس الحراري بشكل أقل من الأبقار، وتحتاج إلى ربع الكمية من الطعام وإلى مساحة أقل بكثير لتربيتها، فالمواشي تستلزم مزارع وغابات واسعة لترعى فيها، بينما تكفي أبنية صغيرة مغلقة لتربية الحشرات.
في جميع أنحاء العالم يوجد أكثر من 1900 نوع من الحشرات تستخدم كغذاء في الكثير من البلدان. لكن استبدال وجبات الطعام العادية في أوروبا وأميركا الشمالية بوجبات مؤلفة من الحشرات سيستغرق وقتا طويلا، فالكثيرون يأنفون من أكل الحشرات وخصوصا الديدان.
كما أن الأخبار كانت سيئة جداً في الإعلام، فالعشرات من زوار مطعم "نوما" الشهير في كوبنهاغن في الدنمارك أصيبوا بتسمم غذائي على الرغم من أن التسمم الغذائي لم يكن بسبب الحشرات، النمل والجراد، التي يقدمها المطعم لزبائنه.
قوانين الاتحاد الأوروبي ليست هي العقبة الوحيدة من أجل إتاحة وصول الحشرات الصالحة للأكل إلى الموائد الأوروبية، فالناس في أوروبا أيضاً في حاجة إلى تغيير موقفهم ليقبلوا بأكل الحشرات. وقد يتطلب قبولهم بذلك عشرات السنين، كما قبلوا من قبل بأكل الأطباق الآسيوية كأكلة السوشي مثلاً.
فالاتحاد الأوروبي يمنح الدول الأعضاء فيه ثلاثة ملايين يورو للبحث في هذا المجال من أجل جعل الناس أكثر إقبالاً على الحشرات.
منظمة الأغذية والزراعة العالمية تنظم عام 2014 في هولندا مؤتمراً اسمه: حشرات لإطعام العالمInsects to Feed the World ومن المحتمل كثيراً أن يتم خلال السنوات العشر المقبلة إبطال العمل بمعظم القوانين التي تمنع بيع الحشرات القابلة للأكل.