"غدي نيوز"
برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ممثلًا بوزير البيئة طارق الخطيب، وفي إطار مبادرة برنامج MED 21، نظمت جامعة الروح القدس- الكسليك حفل توزيع "الجائزة العالمية غايا (GAÏA) للعام 2018 لحماية وأمن البيئة في المتوسط"، تبعه مؤتمر حول التنمية المستدامة، في قاعة البابا يوحنا بولس الثاني، في حرم الجامعة في الكسليك.
حضر الافتتاح، إلى الوزير الخطيب، ممثل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي النائب البطريركي العام على نيابة صربا المارونية المطران بولس روحانا، ممثل قدس الأب العام نعمة الله الهاشم الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية والرئيس الأعلى للجامعة النائب العام الأب كرم رزق، أمير مونتينيغرو نيكولا بيتروفيتش نجيغوش، ممثل الأمير البير 2 دي موناكو السيد أوليفيه ويندن، وزير الموارد المائية والري في مصر محمد عبد العاطي، ممثل وزير الطاقة والمياه اللبناني سيزار أبي خليل المدير العام للموارد المائية والكهربائية الدكتور فادي قمير، النائبان إيدي أبي اللمع وشوقي الدكاش، وزيرة البيئة السابقة في فرنسا كورين لوباج، رئيس جامعة الروح القدس - الكسليك الأب البروفسور جورج حبيقة، الوزير السابق عادل قرطاس، النائب السابق نعمة الله أبي نصر، مدير برنامج MED 21 محمد ندير عزيزة، الأمين العام الدائم لأكاديمية علوم ما وراء البحار بيار جيني، إضافة إلى ممثلي القادة العسكريين، ورئيس اتحاد بلديات كسروان الفتوح جوان حبيش، وفعاليات ديبلوماسية واختيارية وتربوية واجتماعية وأعضاء مجلس الجامعة والأساتذة والموظفين والطلاب...
الجلسة الافتتاحية
استهل الحفل بالنشيد الوطني اللبناني، ثم كانت كلمة تقديم لنائب رئيس جامعة الروح القدس للتعليم والتعلّم الدكتورة فاتن الحاج.
قمير
ثم تحدث ممثل وزير الطاقة والمياه اللبناني سيزار أبي خليل المدير العام للموارد المائية والكهربائية الدكتور فادي قمير، مشيراً إلى أنّ "جائزة غايا لحماية وأمن البيئة في المتوسط" قد تأسست بمبادرة برنامج MED21، ومؤسسة بيتروفيتش نجيغوش والصليب الأخضر والمعرض الدولي للتكنولوجيات والأمن بالشراكة مع مدينة نيم. تُقدّم هذه الجائزة، كل سنة، لثلاث شخصيات من منطقة المتوسط ساهموا بأعمالهم في حماية البيئة. وتجسّد هذه الجائزة التزام الفائزين بإرساء مبدأ التنمية المستدامة وتوفير إدارة متبادلة ومنسّقة للموارد المائية وموارد الطاقة والأمن الغذائي".
وتابع بالقول: "تأتي هذه الجائزة التي تصادف في 5 حزيران، وهو اليوم العالمي للتنمية المستدامة، في إطار مبادرة حول مسألة أساسية، ألا وهي التنمية المستدامة لحماية وأمن البيئة في المتوسط. وتشكّل هذه التحديات أولوية بالنسبة إلى حوض المتوسط، من هنا يبدو ضرورياً إقامة تعاون يتمحور حول مواضيع أساسية، مثل التغيّر المناخي، كفاءة الطاقة، الاندماج الاجتماعي... وانطلاقاً من هذه الرؤية، أردنا من هذا المؤتمر أن نلقي الضوء على المدن التي تعتزم وضع استراتيجية تطوير مدنية للتمكن من تحديد الشروط الضرورية لنمو متوازن، لاسيما وأن للمدن دور أساسي في وضع سياسات التنمية الاقتصادية والاجتماعي للبلد. لهذا، من الضروري، وضع استراتيجية مدنية قادرة على مواجهة التحديات المتنوعة التي قد تواجه المدن اليوم".
وختاماً، اعتبر أنّ "الأجيال المستقبلية ستحاسبنا على أفعالنا المحسوسة في هذا الموضوع، لذا، من واجبنا أن نحمي منطقة المتوسط الخاضعة لضغوطات كثيرة وتلبية الحاجات لتكون منطقة مزدهرة وسلمية تسودها تنمية مستدامة توفّر إطاراً سياسياً استراتيجياً لضمان مستقبل مستدام".
الأمير بيتروفيتش نجيغوش
وألقى أمير مونتينيغرو نيكولا بيتروفيتش نجيغوش كلمة أعرب فيها عن سروره بتواجده في لبنان للمرة الثانية مشيراً إلى أنّ "جائزة غايا تجد مكانها المميز في لبنان لأنه يشكلّ جسراً ثقافياً وروحياً وتاريخياً بين ضفتي المتوسط. واللافت هو أنّ لبنان هو البلد الوحيد في العالم الذي اتّخذ من إحدى أنواع الأشجار، الأرزة، شعاراً له مما يترجم رغبة البلد القوية ليكون بلداً بيئياً بامتياز. وخلال هذه الزيارة، تمكّنت من التجوال في هذا البلد الجميل الذي يشبه إلى حد كبير المونتينيغرو من حيث تركيبته الجيولوجية، وصغر مساحته، وتعددية شعبه حيث إنّ البلدين يجمعان شعوباً من خلفيات وطوائف متنوعة. وآمل أن ننسج علاقة ثنائية مميزة، لاسيما على الصعيد البيئي والأكاديمي عبر تبادل الطلاب وتوقيع اتفاقات تعاون بين جامعات البلدين".
وتابع بالقول: "الإيكولوجيا لا تعني الحفاظ على البيئة فحسب، بل هي الوسيلة المثلى للحفاظ على السلام. فمن يحب بلده، يحب أنهاره وجباله والحيوانات التي تعيش فيه، ويحب خصوصاً المواطنين الآخرين. وأنا على يقين أنّ هذه المبادرة ستكون الصوت الصارخ في وجه الأصوات الداعية إلى التقسيم السياسي والديني والثقافي والأداة للمحافظة على البيئة والحياة على هذا الكوكب".
الأب حبيقة
ثم كانت كلمة رئيس جامعة الروح القدس- الكسليك الأب البروفسور جورج حبيقة الذي شكر بدايةً رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على رعايته هذا الحفل كما أمير مونتينيغرو نيكولا بيتروفيتش نيغوش ولجنة جائزة غايا (Prix Gaïa)لمنحهم جامعة الروح القدس هذه الجائزة العالمية كتقدير على إنجازاتها البيئية في لبنان، بلد التعددية الخلاقة.
بعدها، تساءل الأب حبيقة: "ماذا فعلنا بكوكبنا؟ قمنا باستخراج البترول، الراقد في أعماق الأرض، وحرقناه، محدثين تجويفات هائلة من شأنها أن تسهّل، فيما بعد، حدوث إنزلاقاتجارفة في طبقات الأرض، الأمر الذي قد يقود، بدوره، إلى هزات أرضية مرعبة. كذلك الأمر بالنسبة إلى طبقة الأوزون التي تشكّل حاضنة تحمي الحياة وتمدّها بالحرارة المناسبة لتجدد خلايانا، إذ بنا نحوّلها، بفعل الاحتباس الحراري الناتج من الانبعاثات السامة والملوثة، إلى كفن يلف الحياة في موكب جنازتها المهيب على الأرض".
وأضاف قائلاً: "منذ سنوات وعقود عدة، تحوّلت حماية البيئة، يوماً بعد يوم، إلى صراع يومي وعمل شاق يقوده، بشكل طموح، عدد من المنظمات والأفراد. وفي هذا الإطار، أصدر قداسة البابا فرنسيس رسالة بابوية بعنوان "حماية البيت المشترك"، في 24 أيار 2015 حول البيئة والأرض... واليوم، تسعى جائزة غايا، التي تعني في اللغة اليونانية القديمة "الأرض"، و"الأم الأرض" وفي الأساطير اليونانية القديمة "إلهة الأرض الأم الكبرى"، إلى مكافأة جرأة الأشخاص المسؤولين والمدركين للتحديات التي تواجهنا جرّاء تسارع وتيرة الاحترار المناخي وممارسات الإنسان المؤذية، كما مكافأة المشاريع التي تساهم في حماية منطقة البحر المتوسط التي ننتمي إليها. هذا ويكمن التحدي الأكبر، حالياً، في معرفة كيفية تحويل حوض البحر المتوسط إلى مساحة صديقة للطبيعة تحترم النظم البيئية. واليوم، يتم منح جائزة غايا إلى شخصيات لهم مساهمات كبيرة في البيئة ساعدت على إحياء الأمل بالوصول، يوماً ما، إلى تنمية مستدامة فعلية تشمل التطلعات المحقة للأجيال الآتية وحاجاتهم الطبيعية".
وتابع بالقول: "في ظل ضعف مبادرات الدولة البيئية وخجلها، تجرأت جامعة الروح القدس، بكل قواها، والتزمت التزاماً كاملاً في مجال التنمية المستدامة، فأقامت، لهذه الغاية، تعاوناً وثيقاً بين مختلف أقسامها بهدف إطلاق مبادرات وبرامج تطلق ورشة عمل ضخمة لدعم البيئة في مختلف ميادينها، مثل الطاقة والانبعاثات، والمياه والأبنية والنفايات... وبفضل جهودها الابتكارية، صُنّفت جامعة الروح القدس الجامعة الخضراء الأولى في لبنان، وتم اختيارها من بين 10 جامعات الأكثر خضاراً في العالم العربي وفق المقياس الأخضر العالمي للجامعات للعام 2017 (UI GreenMetric World University Rankings 2017). وفي السياق عينه، فازت مجموعة من رواد الأعمال والأساتذة في الجامعة بجائزة مؤسسة إيناس أبو عياش الخيرية للعام 2017".
وختم الأب حبيقة باستشهاد للعالم الفرنسي جاك إيف كوستو الذي يقول "الناس يحمون الأشياء التي يحبّونها". فإذا كنا نحبّ هذا الكوكب، الذي هو كوكبنا، وأرضنا، وأرضنا الأم، يتوجب علينا بالتالي حمايته وتسليمه جميلاً ومعطاء إلى الأجيال اللاحقة في إطار حياة متوالدة من ذاتها في نبضة وجودية واحدة، مستمرة وبدون انقطاع".
الوزير الخطيب
وألقى ممثل رئيس الجمهورية وزير البيئة طارق الخطيب كلمة قال فيها: "شرّفني فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بتمثيله في هذا الحفل الكريم الذي يصادف اليوم العالمي للبيئة، وإنه لشرف كبير لي أن أكون حاضراً في هذا الصرح العلمي والروحي الكبير جامعة الروح القدس – الكسليك التي يعتزّ بها كل لبناني ولديها بصمة في تاريخ لبنان وتاريخ الرهبانية اللبنانية المارونية".
وتوجّه باسم الرئيس "بالشكر إلى إدارة الجامعة لتنظيم هذا الحفل المميّز ولاهتمامها اللافت بالقضايا البيئية والتنمية المستدامة منذ أكثر من عشر سنوات وهي الجامعة التي صُنّفت بين أكثر الجامعات اللبنانية حفاظًا على البيئة والتنمية المستدامة بحسب معايير عالمية".
وأضاف: "بما أن اليوم هو اليوم العالمي للبيئة وبما أن الأمم المتحدة للبيئة تطلب في هذا اليوم من الجميع ومن والشركات ومجموعات المجتمع المدني، اتخاذ إجراء ملموس للتخلص من التلوث البلاستيكي وبما أن مكافحة سوء استعمال البلاستيك هو من شعاراتها بما يتلاقى مع أهداف هذا الحفل الذي نكرّم فيه كل الشخصيات والمؤسسات التي تعتمد على خدمات وصناعات صديقة للبيئة ونقصد بكلمة صديقة للبيئة إنها لا تلوّث كغيرها وأن لديها حسن استهلاك للبلاستيك كما لأي شيء يمكن أن يُضرّ بالبيئة".
وشدد "نحن في وزارة البيئة نشجّع هذه الخطوات الرائدة وندعم تطوير الصناعة في لبنان ونرى أن التوفيق بين النمو الصناعي وحماية البيئة أمر ممكن من خلال اجراءات تحدّ من التلوث والاضرار البيئية على الهواء والمياه، وعقدنا العديد من الاجتماعات مع جمعية الصناعيين والكثير من المصانع وقدّمنا لهم حوافز وقروض ميسّرة بفائدة صفر بالمئة من اجل مساعدتهم على مكافحة التلوث الصناعي".
كما أكد "على أهمية التأسيس للانتقال نحو اقتصاد دائري من خلال اقرار الحكومة، ولأول مرة، سياسة كاملة وشاملة لقطاع النفايات الصلبة، تركّز على مبدأ استرداد النفايات، وقد أحدثنا نقلة نوعية في موضوع إدارة النفايات والمواد الخطرة من خلال التخلص بيئياً من مئات الاطنان من هذه النفايات الناتجة عن حرب تموز ٢٠٠٦، ومن مواد خطرة مستخدمة في عدد من القطاعات".
وتابع: "كما لجأنا الى التحفيز الضريبي والجمركي للنشاطات الصديقة للبيئة من خلال اقرار المرسوم اللازم، وذلك بعد مرور أكثر من ١٥ سنة على قانون حماية البيئة. وبناءً على اقتراح وزارة البيئة، تضمّن قانون الموازنة العامة 2018 رقم 79 تاريخ 18 نيسان 2018 تحفيزات بيئية تتعلق بإعفاء السيارات الجديدة غير الملوّثة للبيئة من بعض الرسوم، سواء كانت تعمل على الكهرباء أو السيارات الهجينة".
واعتبر أنه "طالما نحن في كسروان فلدينا أجمل لوحة طبيعية هي جبل حاريصا الذي يعلوه مزار سيدة لبنان وكم نأمل أن نحوّل هذا الجبل وهذه التلال المحيطة به الى محمية طبيعية كما فعلنا في محمية مشاع شننعير".
وأشار إلى "أن اقرار الحكومة للاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي يحفظ ثروة لبنان الايكولوجية ويُعتبر الحجر الأساس في وقف أو عكس ظاهرة الامتداد العمراني العشوائي، وبالتالي الحفاظ على قمم الجبال والمناطق الطبيعية والمساحات الخضراء والأراضي الزراعية والشواطئ".
وختم: "إننا إلى جانب كل الاجراءات التي نتخذها من أجل حماية البيئة نلتمس بركة جامعتكم جامعة الروح القدس ليرافقنا في خطواتنا كي نفي برسالتنا لحماية البيئة وكي نفي بالتزامات لبنان تجاه عدد كبير من الاتفاقيات البيئية الدولية التي أبرمها، وتحديداً ما له علاقة بمكافحة ظاهرة تغيّر المناخ، وحماية طبقة الأوزون، إضافة إلى وضع الإطار اللازم لتقليص الانعكاسات البيئية لأزمة النزوح السوري".
توزيع الجوائز
ثم جرى توزيع الجوائز، فتسلم جائزة الضفة الجنوبية الوزير محمد عبد العاطي من الدكتور فادي قمير، كما سلّم محمد ندير عزيزة جائزة الضفة الشمالية لكل من: الوزيرة كورين لوباج، وللمحامي المتخصص في القانون البيئي كريستيان هوغلو، ولمؤسسة الأمير ألبرت الثاني أمير موناكو ممثلة بأوليفيه وندن. أما جائزة لبنان فسلّمها إيفان لاشو لرئيس جامعة الروح القدس- الكسليك الأب البروفسور جورج حبيقة.
كما تخلل الحفل كلمات لكل من مدير برنامج MED 21 محمد ندير عزيزة؛ الأمين العام الدائم لأكاديمية علوم ما وراء البحار بيار جيني؛ وزير الموارد المائية والري في مصر محمد عبد العاطي، وزيرة البيئة السابقة في فرنسا كورين لوباج، رئيس مدينة نيم الفرنسية إيفان لا شو، شددوا فيها على الحاجة الملحة للتعاون من أجل المحافظة على البيئة في العالم، خصوصًا وأنها باتت مهددة أكثر فأكثر، في ظل المخاطر والتعديات والكوارث التي تواجهها. كما عرضوا لحلول ومقترحات في هذا الإطار، معترفين أن المسؤولية تقع على عاتق كل فرد على كوكب الأرض. وتخلل الحفل أيضًا فاصل موسيقي، قدّمته الفنانة كارلا رميا. كما جرى الإعلان عن جائزة غايا 2019.
المؤتمر
ثم عقد مؤتمر حول التنمية المستدامة شارك فيه حشد من الاختصاصيين والبيئيين والخبراء للبحث في مواضيع عدة وفق المحاور التالية: بناء مدن الغد: العلاقة بين المياه والطاقة والغذاء؛ بناء مدن الغد: مفهوم الوساطة؛ بناء مدن الغد: الثقافة، التضامن والابتكار الاجتماعي.