"غدي نيوز"– أنور عقل ضو
مشكلة الصيد البري اكبر من ان تختزل بتدمير الحياة البرية والنظم الايكولوجية، ذلك أن ثمة نتائجَ غير مباشرة ومتوارية ليس ثمة من يدرك حجم مخاطرها، ومن بينها مخلفات الصيادين من الخرطوش الفارغ وما يحمل من مواد شديدة السمية كالزرنيخ والرصاص والبارود، فضلا عن مكونات الخرطوش عينه من مواد بلاستيكية ومعدنية، تؤثر على البيئة الطبيعية لجبال وغابات لبنان من تربة وهواء ومياه جوفية.
ما يسترعي الاهتمام أن المناطق الحرجية مكسوة بملايين عبوات الخرطوش الفارغة، وهي إلى سميتها تعتبر وسيلة لانتشار الحرائق بسبب مادة البلاستيك الشديدة الاشتعلال، ومن ينظر إلى مواقع الصيادين عند ممرات الطيور العابرة يرَ أكواما من الخرطوش الفارغ لا حصر لها، ما يفسر استماتة تجار اسلحة الصيد ومستلزماتها في الدفاع عن مصالحهم والتي غالبا ما يزينوها بادعاء "الحرص" على البيئة في إعلاناتهم الموسمية، فيما المشكلة القائمة تتطلب اجراءات مفترض أن تتخذها الوزارات المعنية، إن لجهة التشدد في منع الصيد وإن لجهة إزالة كميات الخرطوش الفارغ ضمن خطة هدفها الحفاظ على الاحراج والغابات وحماية مصادر المياه الجوفية، ذلك أن المواد السمية مع تساقط الامطار تلوث الينابيع.
تنظيف الأحراج
في هذا السياق أطلق رئيس "نادي طرق القدم (الرجل) المخفية" الخبير في الحياة البرية والطبيعية في لبنان شمعون مونس مبادرة لتنظيف أحراج لبنان، ويقوم مع ناشطين في النادي وجمعيات أهلية بجمع الخرطوش الفارغ، وهو انتقد بدايةً "الصيد الجائر للطيور الذي يهدد المنظومة البيئية،وأصبح يشكل خطراً ليس على ما بقي من انواع الطيور المقيمة والمهاجرة فحسب، انما يهدد بانقراض بعضانواع الاشجار النادرة التي تعتبر الطيور عاملا اساسيا في تكاثرها".
وقام مونس بجهد فردي بتنظيف الاحراج من الخرطوش، ليبدأ بعدها حملة واسعة مع اعضاء النادي وطلاب المدارس والجامعات والجمعيات الاهلية لتطاول هذه الخطوة كافة الاحراج اللبنانية، ويؤكد أن "الهدف ليست فقط تنظيف الاحراج وانما بث الوعي البيئي لدى المواطنين ولا سيما الطلاب وجيل الشباب".
وقال: "هواية الصيد لا تعني القتل العشوائي، لكن للاسف تحولت في لبنان إلى عملية تخريب غير واعية، دون حسيب أو رقيب وسط ما نشهده من تعد على البيئة الطبيعية، وينجم عن هذه الظاهرة تجمع مئات الآلاف لا بل ملايين الخراطيش الفارغة التي تهدد التربة بالتلوث وكذلك مصادر الينابيع الجوفية فضلا عن أضرارها المباشرة على كل معالم الحياة في الطبيعة خصوصا اذا علمنا كم تحتوي هذه الخراطيش على مواد سامة من بينها الزرنيخ والبارود والرصاص".
الصيد كتسلية
وعزا هذه الظاهرة إلى "كثافة الصيد العشوائي وعدم ملاحقة المخالفين وممارسة قتل الطيور كنوع من التسلية، ومن بينها عشرات الانواع التي لا يؤكل لحمها كالجوارح".
واشار مونس إلى أن "خرطوشة الصيد المكونة من البلاستيك والمعدن بحاجة الى 1000 سنة لكي تتحلل حسب الدراسات العلمية"، لافتا إلى أنه في "أوروبا يقوم الصياد باستعادة الخراطيش الفارغة ويعيدها الى مصانع إعادة التدوير".
وعن آثار هذه المشكلة، قال: "ان بقايا الخراطيش تعود الطيور وتلتهمها بعد تفتتها ما يؤدي الى نفوقها، ويجب ألا ننسى أن آخر الدراسات العلمية أكدت ان بقايا الرصاص والمواد السامة الموجودة في الطيور التي تم اصطيادها تؤثر على صحة الانسان ولها مضاعفات خطيرة لما تحتويه على كميات من الرصاص".
صعوبة إعادة تصنيعها
وعن هدف الحملة، قال مونس: "الآن نقوم بتجميع الخراطيش وفي الوقت عينه نجري اتصالات مع بعض المصانع التي تعمل في مجال اعادة تدوير البلاستيك، لكن اصطدمنا بمشكلة أن البلاستيك في الخراطيش يحتوي على مادة الزرنيخ والبارود ويحجم اصحاب المصانع عن اخذها، ووصلنا حتى الآن الى طريق مسدود، ولكن لدينا أمل أن نتمكن من التخلص منها بطرق سليمة لنرفع الاخطار عن بيئتنا خصوصا واننا تجاوزنا حتى الآن المليون خرطوشة فارغة في بعض المناطق فقط، والحملة مستمرة لتغطي كافة المناطق اللبنانية".
رقم قياسي في عدد الصيادين
رئيس "جمعية طبيعة بلا حدود" المهندس محمود الاحمدية، قال: "يعد لبنان في مجال الصيد البلد الاول في العالم من حيث نسبة الصيادين، ومثال على ذلك فرنسا وعدد سكانها 60 مليون نسمةوفيها 500 الف صياد، ايطاليا 63 مليون نسمة وفيها 700 الف صياد واسبانيا 30 مليون نسمة وفيها 650 الف صياد، بينما لبنان 4 ملايين نسمة وفيه 600 الف صياد أي ان 17 بالمئة من الشعب اللبناني يستعمل بندقية الصيد، وهذا يعني ان تجار الاسلحة والخرطوش هم من كبار حيتان المال في البلد، لذلك لديهم الجرأة بوضع اعلانات في وسائل الاعلام كافة برغم من ان استمرار قانون منع الصيد".
ورأى أن "ثمة "مسؤولية على البلديات في الاشراف على الغابات والاحراج، ومثال على ذلك بلدية بشامون (قضاء عاليه) التي اتخذت اجراءات ومنعت الصيد في نطاقها البلدي وحمت أحراجها".